زيتون – أحمد طلب
أثارت صورة الطفلة “ريهام” ذات الخمس سنوات وهي تمسك بثياب شقيقتها “تقى” ابنة الشهور السبعة، بين الركام وتحت صرخات أبيهما العاجز عن إنقاذهما، مشاعر يعجز عنها التعبير وتحتار في وصفها الكلمات.
فالصورة الملتقطة عقب قصف طيران النظام على مدينة أريحا في السادس والعشرين من تموز الفائت، تلخّص بوضوح حالة الأطفال وما يتهددهم من مصير مؤلم، و”ربما يكون الموت هو المصير الأرحم بين بقية الحالات” حسب وصف أحد المقيمين داخل المدينة.
– النزوح من الموت إلى الموت!
تسبّبت الحملة العسكرية الأخيرة بنزوح نحو مليون مدني باتجاه مدن وبلدات الشمال الادلبي القريبة من الحدود التركية، وتشير منظمات حقوقية وإغاثية منها فريق استجابة سورية إلى وجود ما يقرب من عشرة آلاف أسرة تقطن داخل خيام وبيوت مهترئة خالية من أبسط متطلبات الحياة.
وتفتقر معظم المنظمات الحقوقية الأهلية والأممية لإحصاء دقيق في عدد ضحايا الأطفال خلال الهجمة الأخيرة على مناطق خفض التصعيد، منذ نيسان الماضي. فيما قدمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان آخر إحصاء لضحايا القصف من الأطفال في تموز الماضي، وبلغ عددهم 138 طفلاً.
ورغم تصاعد حدة الهجمات وارتفاع وتيرة القصف والتدمير في شهر آب الجاري، تمكنت “زيتون” من إحصاء سقوط 31 طفلاً في هذا الشهر، اثنان منهم كانا لا يزالان في رحمي أمهما حين استهدفهن القصف، ليصبح العدد 169 طفلاً.
– مهددون بالجهل:
واستهداف المدارس في إدلب وريفها ليس حديث العهد ولم يرتبط بالهجمة الوحشية الأخيرة فقط، بل امتد على مدار سنوات الثورة السورية، وانتشر في مختلف المحافظات بالتزامن مع خروج المناطق عن سيطرة قوات النظام السوري.
وخلّفت قذائف المدفعيات والغارات الجوية دماراً طال أكثر من 45% من المدارس والمباني التعليمية داخل سوريا، بالإضافة إلى سقوط ضحايا يقدّر عددهم بـ 21 ألف طفل في سنّ الدراسة، و1400 معلّم مجاز.
وقد أدت حملات التهجير والترحيل إلى إدلب، من مناطق المصالحات في الداخل السوري، بالإضافة إلى نزوح العديد من عائلات المنطقة الشرقية إليها، أدى كل ذلك إلى اكتظاظ المحافظة بالسكان، إذ بلغ عددهم نحو أربعة ملايين، بينهم نحو مليون طفل في سنّ التعليم.
– الحملة الأخيرة.. إحصاءات وكوارث:
تحدثت منظمة التعليم والطفولة في الأمم المتحدة “اليونسيف” عن وجود أكثر من 230 ألف طفل خارج مقاعد الدراسة بصورة كاملة في عموم المحافظة، أما العدد الباقي، والمقدر بنحو 755 ألفاً، فنصفهم يتلقى تعليماً بدائياً وغير ممنهج، بدون أدوات ومناهج تعليمية، كالكتب والقرطاسية، وبإشراف معلمين متطوعين غالبيتهم لا يحملون شهادات أكاديمية، فيما تعاني مديرية تربية إدلب الحرة من افتقارها لإحصاء دقيق لعدد الطلاب، نتيجة النزوح والتهجير المستمر بحسب مدير مكتب التربية في مدينة سراقب غسان شعبان.
ومنذ بداية العام الحالي راحت المنظمات الداعمة للتعليم تنسحب شيئاً فشيئاً عن مناطق إدلب، بسبب تبعيّة التعليم لـ “حكومة الإنقاذ” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، بحسب تصريح سابق لمدير دائرة الإعلام في مديرية التربية والتعليم الحرة “مصطفى حاج علي لزيتون، ما أدّى إلى توقف بعض الكوادر عن العمل.
تدق الكثير من المنظمات المهتمة بشأن الأطفال ناقوس الخطر حول مستقبل آلاف الأطفال السوريين الدراسي في إدلب المهدد بالضياع، في ظل معوّقات كثيرة تهدد استقرار العملية التعليمية واستمرارها، بدءاً من احتياجات المدارس المتزايدة في ظل ازدياد عدد الأطفال في سن التعليم وصولاً إلى الوضع الأمني المتدهور والوضع الاقتصادي السيئ.
تم إنتاج هذه المادة بدعم من منظمة FPU