أمة “ما أنا بقارئ” تواجه التكنولوجيا

 

زيتون – حسين جرود12355080_209034152775510_1320839639_n

د.النبواني:الكتاب الورقيّ صار زمناً ماضياً منذ الآن

د.النبواني: هناك أسطورة حول دور المثقف، ومدى قدرته على التأثير في مجرى الأحداث السياسية

بدأت دار Keta-Book للنشر الإلكتروني عملها في فرنسا، مطلع هذا الشهر، حيث تتيح إمكانية نشر الكتب على موقعها الإلكتروني، وبميزات عديدة: فيحصل الكتاب على رقم دوليّ ISBN تمنحه المؤسسات الثقافية الفرنسية لحماية الملكية الفكرية، إضافة إلى الحماية من القرصنة والنسخ الإلكتروني، وتأمين لجنة قراءة لتحديد صلاحية النص للنشر، والتحرير اللغوي والفني للكتاب، كما يحصل الكاتب على نسبة 20% من المبيعات.

يقول د.خلدون النبواني، مؤسس الدار ل “زيتون”:”كما تحوَّل النشر من الرقن على الرقم الحجرية وجلود الحيوانات إلى الكتابة الميكانيكية مع اختراع المطبعة، فإن الكتاب الإلكتروني يحل مكان الكتاب الورقي، ولا أجد غضاضة في ذلك، إذا ما استمرت عملية توصيل المعرفة ونشر الثقافة والتنوير”. د.النبواني، الحاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة الغربية من جامعة السوربون، ويقيم في فرنسا منذ 11 عاماً، يحاول فتح آفاق جديدة للتواصل والنشر عبر أدوات تناسب العصر، يقول في كلمة افتتاح الدار: “شأنا أم أبينا إلا أننا نعيش انعطافاً جديداً في عصر الكتابة؛ تتراجع فيه وبسرعة قياسيّة الكتابة المطبوعة على الورق ليحل مكانها الكتابة الرقمية الافتراضيّة”. فيما اعتبر القلق والخوف الذي يصاحب النشر الإلكتروني،حالياً، أمراً طبيعياً، وهو قلق لم يفارق أية مرحلة من مراحل التطور التكنولوجي: “لاشك أننا نحن الذين اعتدنا على الكتاب الورقيّ لعقود وألفنا احتضانه بين يدينا وتقليب صفحاته، نشعر بقلق يشابه ذلك القلق الذي شعر به أفلاطون إزاء ولادة الكتابة التي راحت تحل يومها مكان الحوار الشفاهيّ، أو بإحساسٍ بالكره الخفي للكتابة الرقمية، كما أحس أسلافنا الذين كانوا متعلقين بالمخطوطات اليدوية حين داهمهم انفجار ثورة الطباعة الميكانيكية.”ولتوضيح رؤية الدار لأحوال الثقافة في العالم العربي، وآفاق عملهملمواجهتها، التقت زيتون معد.النبواني ليحدثنا عن ذلك

  • افترض أن: 2% يكتبون الكتب، 8% يقرؤونها، لكن هناك 90% يعتمدون في ثقافتهم فقط على الصوت والصورة ومواقع التواصل،وفي ظل تمسك المثقفين العرب بالوسائل التقليدية، ازداد الشرخ بين الكاتب وبين الجمهور، لماذا لا يترافق المشروع بنشر محاضرات بشكل فيديو أو powerpoint أو غيرها؟ هل ذهب زمن الكتاب (أي النص المغلق الذي يدعي الكمال والاحاطة بالموضوع) وأتى زمن التساؤل والحوار المفتوح رغم مشاكل هذا الوضع الثقافي الجديد؟

بغض النظر عن دقة إحصائيات القراءة عندنا (مع قناعتي أنه لو كان هناك إحصائيات دقيقة لكانت النسبة أكثر تراجيدية مما ذكرت)، فإن وضع القراءة والثقافة في عالمنا العربي هي في أسفل السافلين. يبدو أننا نُثبت بجدارة أننا لسنا أمة الكتاب، بل نحن على عداء معه، نحن حقيقةً من أمة “ما أنا بقارئ”. تحل اليوم التكنولوجيا بقوة مكان أشكال ثقافية كانت بطيئة التغير حتى انفجار ثورة المعلومات. وهذه الأخيرة هي سيف ذو حدود (أكثر من حدّين). هناك مشكلة بنيوية مُفارقة في ثورة المعلومات بحيث لو أردنا الدقة لقلنا هي ثورة تدفق المعلومات بحيث ستجعلنا أميين جاهلين. كل المعلومات متاحة لذلك صارت تُخزّن في الذاكرة السريعة أي ذاكرة النسيان بحيث يتم نسيانها بسرعة ليحل مكانها شيء جديد. كل المعلومات متاحة لكن لم يعد هناك ثقافة مؤسّسة وإنما ثقافة كلينكس سهلة، أو “Junk ثقافة” تشبه “Junk Food” أو “Fast Food” وتمتلئ بكل مخاطره وأضراره. الآن التكنولوجيا تهيمن على الذات وتستلبها دون باقٍ. إنسان اليوم يُشبه بطل حكايات الرعب الذي يتم التحكم به بواسطة قوّة خارجية فتجد الناس في الشارع والحافلات وفي البيوت، بل وأثناء الزيارات الشخصية أو المحاضرات والمؤتمرات عيونها مشغولة بـ “Smart Phone” أو “I Pad” آخِر مشتقات التكنولوجيا ذات الانشطار شبه الجرثومي وتجد آذانهم موصولة بسماعات بحيث يتم عزل الإنسان بشكل شبه كامل عن محيطه. عبر الزمن ومع انتشار الحداثة حصلت مسافة أقصت الإنسان عن الطبيعة فازداد المحيط الإسمنتي وقل حيز الأُفق الطبيعي فتم اختطاف الإنسان من محيطه الحيويّ وسجنه في بيوت تضيق عليه باضطراد مع نهمه الدائم في الاقتناء بحيث صارت الأشياء تشغل مكانه وتضيق من حركته وتحجب أناه. اليوم تقوم الثورة التكنولوجية بعزل الإنسان ليس فقط عن محيطه الطبيعي وإنما عن المحيط البشريّ والتواصل الإنسانيّ المباشر أو ما نسميه بـ”التذاوت”، فمع التكنولوجيا يعيش الناس في حالة عزلة شبه مطلقة، وباسم وسائل التواصل الاجتماعي يُعزل الفرد في غرفة باردة ليتواصل مع آلاف الشخصيات الافتراضية. هي حالة تحوّل وتداخل بين العالمين الافتراضيّ والواقعي.

أمة “ما أنا بقارئ” تواجه التكنولوجيا بشكل يتناسب مع استسهالها للثقافة والعلم فتلجأ إلى ما هو أسهل وأبسط أي “الثقافة” البصرية المرئية والمسموعة. مرة أخرى تبرز هنا إحدى أبرز مفارقات التكنولوجيا فباسم التواصل تتعزّز العزلة وبما أن كل شيء متاح فلم تعد هناك قيمة للشيء. إنها ثقافة البورنو والإباحية بالمعنى المجازي فكما أن كل شيء تقريباً متاح في البورنو تختفي قيمة المتعة والإحساس بفردانية الآخر.

طبعاً هذا هو أحد وجوه التكنولوجيا وهو الوجه الطاغي برأيي ويبدو أن من شبه المستحيل مواجهة فيضان التكنولوجيا ومن هنا خطرها كما تنبأ بذلك الفيلسوف هايدجر.

لكن دون الاستسلام إلى هذه النغمة الميلانكولية في رؤية الجانب السلبي من الأشياء فإن السؤال الذي يطرح نفسه ما العمل؟ وكيف يمكن تطوير جوانب إيجابية فيما هو حتميّ؟ من هنا كان مشروع دار كتابوك للنشر الإلكترونيّ keta-book. فكما تفضلت بنص سؤالك، تساعد التكنولوجيا في جانبها الإيجابي في العملية التعليمية عبر تقنيات عرض البوربوينت أو الأفلام الوثائقية العلمية والتاريخية التي تُسهل فيها الصورة ما صعُب على التصور الذهني المحض (مع ضرورة التأكيد أن هذا لا يكفي). ومن أجل هذا فإن الكتاب المسموع هو أحد أهم مشاريع الدار التي تعمل عليها والذي ستبدأ بإنتاجه قريباً كداعم ومعزز للكتاب المقروء.

نعم زمن الكتاب الورقيّ صار زمناً ماضياً منذ الآن.

  • يقول “كونديرا” على لسان “فرانز” في “كائن لا تحتمل خفته”: في الدول المتقدمة تُقدَّم كل سنة مئات الكتب والبحوث لنيل الدرجات الجامعية ويصبح الأمر كالصناعة الرتيبة، بينما، تُحدِث لافتة أو بيان تأثيراً أكبر في دول أخرى لا تزال في طريقها لأجل حريتها وتحقيق ذاتها. ألا يجب أن تنطلق الثقافة من الحدث الحقيقي وتشترك بالنضال؟ هل المثقف السوري نأى بنفسه عن قضيته؟

نعم ولكن هذا يشبه فرحة الفقير بأكل وجبة فيها لحم بينما هي شيء يومي وميُسّر عند الغني بحيث صارت روتيناً في حياته لا ينتبه له بينما الأول يجد فيها حدثاً بما يحمله معنى الحدث من فرادة وردود فعل عليه. لكن بحدسه المميز يلتقط “كونديرا” المفارقة وهو تماماً على حق فيما يتعلق بتحول الثقافة إلى مؤسسة وsystem في الغرب، أي سلطة (هنا سلطة حقيقة) وكنيسة جديدة بواجهة عصرية وهو أمر أعكف حالياً على تفكيكه.

لا أتفق معك في الشطر الثاني من السؤال فالأصوات الحرة كانت موجودة وبقوة في الشارع والكثير من المثقفين الذين يتمتعون برمزية عالية شاركوا الثورة وبعضهم منذ البداية كـ “طيب تيزيني”، لكن الموضوع يتجاوز فكرة المثقف الكاريزمي إلى عملية ممنهجة من قبل النظام وحلفائه للقضاء على الثورة  أقام بها المثقفون أو الآلهة أو الشياطين. من ناحية أخرى هناك أسطورة حول دور المثقف وأهميته في مجرى الواقع اليومي ومدى قدرته على التأثير في مجرى الأحداث السياسية وهي مجرد أسطورة تجعل ـ ككل الأساطير ـ من أبطالها عمالقة بأبعاد خيالية لا علاقة لها بواقع الحال. دور الثقافة مهم وجوهري وحاسم، لكنه تراكميّ وطويل وليس فُجائي يغير مجريات الواقع بضربة عصا سحرية.

  • ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر بالمفكر السوري حسب رأيك؟ وما هي المشاكل التي تعيقه؟

عندما نضع شروط فإننا نقضي على الفكر ونقولبه ونخنقه. الفكر كما أفهمه حالة مساءلة لجميع أنواع السّلطات والمبادئ و”المفكر السوريّ” (مع تحفظي على هذه التسمية) يحتاج إلى إعادة مساءلة الشروط والعوائق والسلُّطات التي منعته من التفكير وتمنعه من الإبداع وأهمها سيطرة الأيديولوجيا على تفكيره ووهم النبوة والقيادة وتغيير مجرى التاريخ. عليه أن يخرج من زنزانة انتمائه السوري ليكون مفكراً أصيلاً فالفكر لا يمكن أن يكون سورياً أو عربياً وإنما كونياً.

  • هل يجب أن يكون المفكر فناناً ويمتلك مهارات وأساليب أدبية، ويعرف اصطياد الجمهور ليلقى صدىً؟

يعرف تاريخ الفكر جميع التنويعات للمفكرين من الفيلسوف الشاعر كـ “نيتشه” إلى الفيلسوف العالم مثل “كوهن” و “كواين” إلى الفيلسوف الرصين جداً مثل “كانط” أو “كلسن”. لكن لنعترف أن الفلسفة والفكر ليس شأن الجمهور إنها مبحث خاص وخصوصي وجديّ. في فرنسا طبعاً هناك مثلاُ فلاسفة التلفزيون أي أولئك كثيرو الحضور وقبول الدعوات على شاشات التلفزيون. هم يحاولون استقطاب الجمهور وتقديم أفكار بسيطة، لكنهم في العمق ليسوا فلاسفة جديين.

  • ما رأيك بانطلاق بعض المفكرين السوريين من الفكر الأوروبي لعلاج الحالة السورية؟ ولماذا يتم اقصاء الاسلاميين من الحلقة السورية من قبل بعضهم؟

الفكر الأوروبي يقدم نماذج وطرق تفكير ليس من الضرر مقاربتها اللهم إلا عند أصحاب الانغلاق الهوياتي ولا أعرف تماماً علاقة الشطر الأول بالسؤال بشطره الثاني ولا كيف تم إخراج الإسلاميين من الحلقة السورية. لهم مفكريهم المعتدلين (المتطرف لا يمكن ان يكون مفكراً بنظري) وللأسف هم يهيمنون على المعارضة بشقها العسكري والتجييشي ويحصدون الشارع؟ لا يجب إخراج الإسلاميين من الدائرة، لكن مجتمعاً كسوريا لا يحتمل هيمنة توجُّه ديني ولا سياسي باسم الدين مع التأكيد هنا أن النظام الأسدي ليس علمانيّ. وبهذا الصدد يمكن لي فقط أن أقبل المصطلح الذي درّجه صادق جلال العظم حول “العلوية السياسية” بوصفها ديناً غير مدني أو شيء يشبه لاهوت الديانات ينتمي إليه أشخاص من أديان مختلفة ولهم ربهم وملائكتهم وشياطينهم وقوانين جهادهم.

  • ما أسباب العداء بين الإسلاميين والعلوم الإنسانية، بحسب رأيك كفيلسوف؟

الجدل كلاسيكي حول هذا الموضوع. العلوم الإنسانية بصيغتها الحديثة تحررت من سلطة الوصاية العليا وأعادت التشكيك في كل المطلقات وبحثت عن إجابات جزئية. الأديان تنطلق من يقينها بالحقيقة المطلقة وامتلاكها ومن وثوقية أسطورية بكتاب يعتبره المؤمنون به سماوي لم يفرط في شيء. لهذا تخشى الأديان من الفكر النقدي والنتائج المدروسة وتهاجم العلوم الوضعية والاجتماعية وتعتبرها ناقصة مقارنةً بالحقيقة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها كما يلهج المؤمنون. على خلاف ذلك فإن الدين هو أحد موضوعات العلوم الإنسانية فهي تتناوله كشأن إنساني وتبحث في نتائجه على علاقات البشر وأثره على حياتهم وتعايشهم وهي لا بد لها أن تفعل فالدين من أكثر الظواهر الإنسانية إنسانيّ بل إنسانيّ زائد عن اللزوم لو استعرت عبارة نيتشه التي استخدمها في مقام آخر.

  • ما رأيك بسيطرة فن الرواية على العالم العربي قراءة وكتابة؟ ألا تحتاج قضايانا لدقة أكبر؟

 لا أرى إلا الأشياء الجميلة في الأدب شعراً ونثراً وللرواية دورها وحضورها ومتعتها وجمالياتها. على العكس حضور الرواية عندنا يظل ضعيفاً قياساً بالبلدان التي تلتهم الثقافة صباح مساء. الرواية، حتى ولو لم تكن من “صنف” الروايات التاريخية، فهي أفضل من يروي التفاصيل التي تفلت من غربال التاريخ واسع الثقوب. الرواية تاريخ وعلم اجتماع وفن وفكر مصهورة جميعاً في عمل إبداعيّ. للشعر عندنا حضور أكثر من الرواية بكثير بل إن كثافته ظاهرةمذهلة وشيء إيجابي أيضاً. لكن لو تحدثنا عن السلبيات فليس التخلف الحاصل هو بسبب سيطرة الأدب وإنما لغياب العلوم الأخرى، وعلى خلاف الكثيرين، لا أقول بسبب ضعف العلوم التطبيقية فهذه قد تنشأ كارثة إن لم ترتبط ببنية معرفية أوسع أخلاقية فلسفية وإنسانية وهي ما يجب تعزيزه عندنا وفينا.

  • هل تقبلون الكتب باللهجات العامية؟

سؤال في محله وأصدقك القول أنني متردد جداً في الموضوع. وصلتني نصوص مسرحية وشعرية وروائية باللغة السورية المحكية، ومع أنني أميل إلى قبول الجيد منها إلا أن الأمر لم يحسم داخلي ويجب أن أفتح حوله حواراً جماعياً حتى لا آخذ قرار فرديّ وأتصرف كدكتاتور صغير.

  • حدثنا عن آلية عمل الدار، ومن يقوم بتقييم النصوص المرسلة؟

قد لا تُصدقني إن قلت لك إن المشروع قد ولد من العدم. ظهرت الفكرة كرد فعل على جشع الناشرين واستبدادهم وفراغهم المعرفي ومع ذلك فأنت مضطر أن تمر من خلالهم لتوصل أفكارك. تحول الناشرون إلى حفنة أشخاص يتحكمون بمسارات انتشار الثقافة المكتوبة وصارت دور النشر عائق لا يقل تبلداً عن دور الكنيسة في العصور الوسطى فإذا طرحت هذه الأخيرة نفسها كوسيط وحيد وإجباري بين الإنسان وربه فإن دور النشر الورقية عندنا تحولت إلى نوع من الكنيسة الوسطية فهي الطريق الوحيد بين الكاتب والقارئ. وكما ظهرت صكوك الغفران في الكنيسة القروسطية صار الناشرون عندنا آلهة يمنحون صكوك النشر وفق علاقات استغلال وتوسطات شخصية أو بدوافع ربحية خالصة. وكما قام مارتن لوثر بثورة دينية كسرت احتكار الكنيسة للرب عبر دعوته المؤمن أن يمسك بالكتاب ويتوجه إلى ربه مباشرة وقام بترجمة الكتاب المقدس إلى الألمانية بعد أن كان حكراً على اللغة اللاتينية، فقد كان لا بد أن تظهر في عالم الثقافة ثورة بلون لوثريّ تكسر جشع واحتكار ووسطية دور النشر. لستُ بطلاً ولا مكتشفاً بهذا المعنى لقارة جديدة فلو لم أكن أنا لكان غيري فنظام النشر عندنا صار فاسداً وكان يجب الانقلاب عليه عاجلاً لا آجلاً. بالعودة إلى سؤالك فإن هذا المشروع الذي ولد من النقمة قد ولد فقيراً بدون رأس مال وُوجِه بمشاكل كادت تُجهضه فقد حاولنا تسجيل المشروع في المغرب العربي لكن بيروقراطية السلطات هناك حالت دون ذلك ولم يكن أي بلد عربي آخر ليسمح بمساحة الحرية التي أطمح بها أو ليخرجنا من حالة الفساد التي قررتُ الثورة عليها لذا كان اختيار التسجيل في فرنسا مع المخاطرة بدفع ضرائب طائلة لا قدرة لي عليها. كل ما عدا ذلك حصل تبرعاً من قبل أصدقاء عرب منثورين كالورود في كل أنحاء المعمورة. اعتمد كثيراً على زملاء وأصدقاء في قراءة ومراجعة النصوص وأبذل جهداً منهكاً في مراجعة معظم ما يصل إلى الدار بنفسي. البدايات صعبة وأتمنى أن تقف داركتابوك على قدميها مادياً حيث سيؤدي ذلك إلى تثبيت فرق عمل وإيجاد وظائف للكثير من المحتاجين إليها. حتى ذلك الوقت لا زال أصدقائي وزملائي يتحملونني.

  • هل ستقيم الدار مسابقات أدبية وفنية لتحفيز الكتاب الشباب؟ 

هو حلم أرجو أن نحققه وهناك خيالات وأحلام أُخرى شبه مستحيلة كتخصيص جزء من ريع الدار للأبحاث والمنح الدراسية، لكن الأمر مجرد أضغاث أحلام الآن فلحد اللحظة لا زلتُ أدفع من جيبي وهو جيب مهترئ على كل حال.

  • عند دخول الكاتب لصفحة الدار ما المساعدات التي سيلقاها ليتمكن من اختيار كتاب جيد؟ألا ترى أن سعر بعض الكتب لا يناسب دخل المواطن العربي؟

نعمل الآن على تطوير العمل فنحن فعلياً بالكاد بدأنا ونواجه بمشاكل تقنية تفرضها طبيعة العمل الجديد، لكن سيكون هناك كتب في مختلف المجالات بحيث يجد كل من يرغب بقراءة كتاب في ميدان معين أن يجد ضالته مع الوقت. لكن أهم ما نقدمه هو سعر الكتاب المُخفّض، وبصراحة سنعمل على تخفيض الأسعار كلما وجدنا أن الدار لن تكون في خطر السقوط. ملاحظات وتعليقات القراء موضع اهتمام حقيقي وهناك بريد الكتروني مفتوح لنتواصل مع القارئ ونفهم منه ملاحظاته وأسئلته واقتراحاته.