تقرير مصور لوكالة أنباء روسية يفضح تعفيش البيوت في سراقب

في تقرير مصور نشرته وكالة أنباء “News Front” الروسية منذ يومين تحت عنوان “الجيش السوري يحرر مستوطنة سراقب من الإرهابيين” حاولت فيه الوكالة تقديم وجهة نظر روسيا في ما ترتكبه من مجازر ما كان لأحد أن يتخيلها في هذا الزمن بحق الأهالي في إدلب.
 
وما يؤلم في التقرير هو التقرير كله، إذ تتوالى صور المآذن والعبارات الجهادية التي خطها تنظيم جبهة النصرة وأبواب الجامع الكبير في بداية المشاهد المصورة لتعطي انطباعا عن مدى تطرف المدينة، لتؤكد للعالم أنها تحارب الإرهاب في إدلب، الإرهاب المفردة التي عجز الأهالي المدنيين في إدلب عن فهمها، وهم يهربون من بلداتهم إلى أماكن للموت حظ أقل فيها ثم ليعودوا يهربون من جديد بعد أن تلاحقهم الطائرات وجنود النظام والميليشيات الممتلئين بالحقد ورغبة الانتقام.
 
محاربة الإرهاب هي المفردة التي باتت ملتصقة بمشاهد القصف وأشلاء الأطفال ومآسي ليس لها أخر، ليحار السوري في فهم الآخرين الطيبين الذين يحاربون الإرهاب بكل هذه الوحشية.
 
وفي انسجام هائل يقدم التقرير دافعا نبيلا لانتقام من البلدة ليتماهى مع حليفه السوري ويشحذ حقد عناصره، يورد التقرير الذي ترجمته زيتون ذكرى حادثة سقوط الطائرة الروسية ومقتل طاقمها: “في الجزء الشرقي من محافظة إدلب، حيث تدور معارك حامية الآن، تحطمت المروحية الروسية VKS في عام 2016، ثم قُتل جميع أفراد الطاقم والركاب، وهنا تم سقوط “رومان فيليبوف” ومات”.
 
ويتغاضى في ذات الوقت عما كانت تقوم به تلك الطائرة، كما يتغاضى عما ارتكبته روسيا خلال تحويل المناطق المحررة إلى حقل تجارب لأسلحتها وتبجح ساستها بذلك بكل صفاقة.
 
وعن هروب الأهالي يقدم التقرير تبريرا مفجعا عن مغادرتهم إذ يقول: “اليوم المدينة فارغة، باستثناء الجيش لا يوجد أحد آخر. تركها السكان المدنيون حالما بدأت تقترب من خط المواجهة”، الأهالي الذين صمدوا تحت أقسى هجمات الطيران والقصف لم يكن نزوحهم بسبب تحول بلدتهم إلى خط مواجهة، بل غادروها خوفا من أن يسقطوا أسرى بيد جيشهم الذي لم يتوانى عن جعلهم عبرة للشعب السوري، ومن نافل القول أن السوري في المناطق المحررة يفضل الموت ألف مرة على أن يقع بيد عناصر قوات النظام.
 
لا بشر في طرقات المدينة، ولا حتى قطط، كل ما هناك شاحنات التعفيش التي تجوب المدينة باحثة عن متاع لم يسعف صاحبه الوقت أو القدرة على نقله لمنافيه، ودون خجل يظهر الجنود وهم يقومون بسلب الأهالي ممتلكاتهم في مرور سريع للكاميرا التي ربما لم يدرك المصور ما ستتركه تلك اللمحة بنفس صاحب المنزل المسلوب.
 
وبألم المنتهك يقول مالك المنزل الذي توزع أبناؤه على دول شتى بينما لجئ هو إلى مدن الشمال لزيتون:
“للبيوت حرمة تجرح صاحبها حين تنتهك، ماهمني ما يسرقون، لكني أغار من دخولهم باب منزلي كالمغول”.
 
ويشير التقرير إلى المسافة الفاصلة بين مدينة سراقب ومدينة إدلب وإلى نوايا النظام ومن خلفه سيدته روسيا في السيطرة عليها، ليمعن في إذلال الشعب السوري وهوانه وتمريغه في النزوح، ثم ليضغط على الجانب التركي بأكثر من مليون شخص يقيمون في تلك المدينة، دون أي اعتبارات أخلاقية أو إنسانية، في زمن صار التغول هو صاحب الصوت الأعلى دوليا.
 
كان المطر حاضرا في مشاهد التقرير، كاشفا عن دروب موحلة مهجورة، في المدن البعيدة كان أصحاب البلد يمعنون النظر إلى بيوتهم ومحالهم، يبحثون عن أي حجر أو باب أو عبارة تهدأ من شوقهم لمدينة كان لسقوطها وقع كسقوط القلوب.
 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*