مسؤولية هيئة تحرير الشام عن تفشي البطالة

لا تقتصر مسؤولية هيئة تحرير الشام في انسحابها أمام قوات النظام من مناطق واسعة من إدلب تاركة الأهالي الذين سامتهم سوء المعاملة أمام ارتباك النزوح السريع، بل تتعدى مسؤوليتها ذلك لتلاحق لعنة قوانينها النازحين في مدن النزوح، ما دفع بالكثيرين لاختيار مناطق خارج سيطرتها بعد قناعتهم بنواياها المدمرة للثورة السورية.

وتكشف شهادة القيادي في هيئة تحرير الشام والمسئول العام لكتلة حلب المدينة “أبو العبد أشداء” في تسجيله المصور في أيلول من العام الماضي المعنون “كي لا تغرق السفينة”عن فساد في كامل مفاصل هيئة تحرير الشام وعن سبب الخسائر العسكرية المتتالية أمام قوات النظام.

وأشار أشداء في شهادته حول فساد الجانب الاقتصادي الذي أمعنت هيئة تحرير الشام في سلبه وإضعافه وتعاملت مع اقتصاد المناطق المحررة على أنه مغنم دون أية حرمة لأرزاق الأهالي، متطرقا إلى التلاعب المالي وإرهاق الناس بالضرائب وبالطرق “الحلال والحرام” لجمع المال، موردا أمثلة حول فساد المعابر وما يتقاضاه عناصر الهيئة من إتاوات من اللاجئين ومرافقي المرضى.

كما أضاف أشداء أن قيادة الهيئة قد زاحمت العامة على رزقها في العمل بالمحروقات، كما قاسمت الفلاح بمحاصيله بعد أخذها للزكاة وإجباره على بيع محصوله لها بسعر قليل لتقوم ببيعه لتاجر ينقله إلى مناطق سيطرة النظام.

وبين أشداء: “أصبحت عناية قيادة الهيئة في جمع المكوس وجباية الضرائب وأخذ الزكاة والسيطرة على الممتلكات العامة واحتكار التجارات ومصادرة الكثير من دخل المنظمات، فالأصل عندهم أننا في مرحلة ضعف وتدرج فيما يتعلق في إقامة الحدود وتغير مناهج العلمانية وضبط العلاقات السياسية أما إن تعلق الأمر بالمال فنحن ممكنون ويجب جمع تلك الأموال فورا وبأضعاف مضاعفة وبالطرق الحلال وأحيانا بالطرق الحرام كما تعاملوا مع مهربي الدخان فترة من الزمن وعندما فضح الأمر توقفوا، وكمنع مرافق المريض من السفر مع المريض لتركيا وإذا دفع المرافق 2500 دولار سفروه كمرافق لمريض أخر”.

مضيفا: “كان هناك قرابة 100 ألف شخص يعملون في مجال المحروقات بين استيراد لها من مناطق أخرى وتكرير وتخزين وبيع فاحتكرت القيادة المحروقات وأنشأت بأموال الجهاد الكثير من محطات بيع المحروقات فتضرر أكثر الناس وقعدوا بلا عمل”.

وتحدث عن أخذها لزكاة القمح من المزارعين الذين أجبروهم على بيع المحصول لهم بسعر قليل ومنعوهم من تصديره ثم باعوا القمح بمزاد لتاجر واحد ليصدره للنظام وقاسموا بذلك الفلاح في عمله حيث أن ربحهم يعادل أو يزيد عن ربح الفلاح دون أن يبذلوا أي جهد، وكذلك احتكروا استيراد أكثر البضائع لصالح طائفة محددة من التجار مما يوقع الخسارات على الكثيرين والغلاء على الشعب.

كما قاسموا الفقراء أرزاقهم فحصلوا على نسب كبيرة مما يأتي من المنظمات عبر المعابر وما يصل منه لمجالس الأحياء تأخذ منه الهيئة كثيرا كذلك بحسب أشداء.

ويرى البعض أن دور الهيئة في حياة النازحين هو في إيجاد العراقيل أمام أعمالهم، عبر ذراعها في حكومة الإنقاذ التي تسن القرارات والقوانين المرهقة على الأهالي، كما تهدف أيضا إلى توفير أعداد من الشباب العاطل عن العمل والمضطر إلى الانخراط في صفوفها كجنود لها لتزيد من سطوتها على الأهالي.

كما حمل الناشط فضل الحسان مسؤولية تدهور الأوضاع العسكرية والاقتصادية في المحرر في عدد من منشوراته التي دعا فيها الأهالي للوقوف في وجه سياسات الهيئة المجحفة قائلاً في منشور له:
“ورأيتم سرقة أموالكم الخاصة والعامة من المعابر مرورا بالماء والكهرباء مستغلين الناس حتى في مقومات حياتهم، فلا يكاد يمر يوم إلا ويوجهون فيه الإهانات عبر قرارات حكومتهم برفع الأسعار بدءا من الخبز وليس انتهاء بالمولدات الكهربائية”.

وذكر الحسان ما تمارسه هيئة تحرير الشام من محاصرة الأهالي في لقمة عيشهم بشكل فج، وإرهاب الناس بخطف الأهالي عبر مجموعات ملثمة تجول في الطرقات.

ولفت الحسان أن لا فرق بينهم وبين نظام الأسد في تعاملهم مع الأهالي سوى بعدم استخدامهم للسلاح الكيماوي الذي لا يملكونه، مؤكدا أن هيئة تحرير الشام قد هجرت أهالي إدلب كما هجرهم النظام واعتقلوا الثوار والناشطين كما فعلت قوات النظام سابقا.

وأوضح الحسان أن النظام كان يقوم بسرقة كل شيء مقابل تقديم خدمات بسيطة في حين أن هيئة تحرير الشام تنهب كل شيء وتخرب ما تبقى من خدمات.

في منظومة معقدة من الصعوبات والفوضى، يقف السوري في نزوحه المفروض من نظام ماجن ومن سلطة أمر واقع متمثلة بهيئة تحرير الشام لا تكترث لمن ادعت نصرتهم، لتترسخ أرضية غير مستقرة أسستها الفوضى الأمنية وغياب القانون، ولاعبوها الأساسيين ليسوا سوريين، ما يعبث بحياة الناس وأسباب رزقهم، في ضياع جديد ودوامة لا يبدو أنها قريبة من النهاية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*