الذكرى الثانية للثورة السورية

10639565_673905629396783_448645191953280110_n

ونحن على أبواب الذكرى الثانية للثورة السورية العظيمة ومع بداية عامها الثالث مازال المشهد على حاله، النظام مازال معتمدا المنهجية التي اختطها لنفسه منذ البدء من قتل وتشريد واعتقال وتخريب للمنازل وحرق البيوت وتهديم للبنى التحتية للدولة السورية، والتي بناها السوريون بأموالهم وعرق جباههم، ومبادرات خلبية تضييعا للوقت متأملا الخروج من عنق الزجاجة التي وصل اليها مع اشارات لتوسيع دائرة الحرب خارج الحدود الاقليمية، وما جرى على الحدود اللبنانية والعراقية إلا مؤشراً لذلك  ليفتح شهية المحللين السياسيين ويخيف العالم من امكانية نشوب حرب اقليمية مذهبية.

 على أن هذا الاحتمال محكوم عليه بالفشل ليس فقط لأن الكبار ودول الاقليم وحتى داعميه لا يريدونه، بل لأن الشعبين اللبناني والعراقي سيضغطان على حكومتيهما ويضطرانهما للنأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون السورية الى هذا الحد، كما أن الضغط على حمص مما يوحي بأن الطاغية يريد من ذلك خلق دولة علوية مرتبطة مع الجانب اللبناني، وحزب الله أيضا مشروعا غير قابل للتطبيق ليس لأن الأمريكان والروس متفقون على عدم تقسيم سوريا، بل لأن اخواننا العلويين لن يسمحوا للعائلة الأسدية أن تضعهم في هذه المساحة الضيقة وتطبق بكل استبدادها وفسادها عليهم، وسيهب الصامتون لهذا المكون حتى الأن ليقولوا للطاغية لا.

في الطرف الأخر ومن جانب الثورة مازال الائتلاف الوطني مرتبكا ولا يستطيع أن يقوم باختراق للموقف العالمي ويفرض على أصدقاء سوريا وعلى رأسهم الأمريكان اتخاذ موقف حقيقي وفاعل لصالح الثورة ويبتعدون عن التلطي وراء الأعذار التي يعلقونها على مشجب الإرهاب والتطرف، قلت لم يفعلوا ما يستحق الذكر قياسا لما يحققه المقاتلون من انتصارات على نظام العائلة الأسدية في أكثر من مكان وخاصة دمشق رغم كل ما يعانونه من نقص في السلاح النوعي القادر على قهر الطيران ومنعه من تحقيق أهدافه بالإضافة الى فقدان القيادة العسكرية الموحدة.

وهنا لابد من العودة الى بدايات الثورة لنقوم بجردة سريعة لنؤكد على عفوية الثورة وسلميتها ومدنيتها وانها ثورة قامت ضد الظلم والفساد ومن أجل استعادة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية مما يعرفه الجميع، ولا نقول أن الثورة انتقلت الى الكفاح المسلح مكرهة للدفاع عن النفس أمام بطش النظام بل لنقف عند مفصل أعتبره الأهم والأخطر وهو مرحلة المجلس الوطني، لقد تماهى المجلس الوطني مع الثورة السورية كممثل سياسي لها الى حد النفاق السياسي للثائرين ولم يتفاعل معها ليمسك بكل مفاصلها محاولا تطويرها وحمايتها من الاختراق، لقد غض الطرف على سبيل المثال عن أسماء الجمع وأسماء الألوية والكتائب التي تفوح منها رائحة الطائفية، وحاول تهميش القوى الوطنية الديمقراطية في الداخل والخارج مستكينا الى الدعم الخارجي وراضخا لضغوط القوى الاسلامية الممثلة بالمجلس، مما أضعف التيار المدني داخل المجلس وعجل في ترهله وضرورة تجاوزه بالائتلاف الوطني الذي نتمنى أن يتخلص من الأمراض التي عصفت بسابقه، واعتماد العمل المؤسساتي كحرز يحميه من الوقوع أو من الاستفراد في اتخاذ القرار، وابتعاد عن الشخصنة والشللية وهنا لا بد من تنبيه الائتلاف من مسألة أساسية مفادها أن الأمريكان الأن ليس من مصلحتهم بقاء الطاغية بشار حيث أن بقاءه يقوي إيران وهذا مالا يريدونه ويمكن للائتلاف أن يبني على هذه المسألة لتقوية وضعه التفاوضي مع الأمريكان.

وأذكر الجميع بما فيهم الائتلاف أن هناك جماعات تدعي الجهاد وقد استخدمها النظام بمخيم نهر البارد وفي العراق حيث أن الأفواج التي كان يبعث بها الى العراق من هؤلاء بما يخدمه ويخدم إيران، وإنني أرى أن بعض من هذه المجموعات تراقص النظام على نفس النغم وتنفخ واياه بنفس الكور الطائفي المقيت، أضف الى ذلك أن هناك مجموعات مسلحة ومهما كانت صغيرة فإنها تعمل بما لا يتناسب لا مع الثورة ولا أخلاقياتها وان أعناقا اشرأبت تتعالى صيحاتها معلقة عن رغبتها في دولة الخلافة أو دولة اسلامية حارفين الثورة عن أهدافها مما يعني أننا أمام مخاطر الدخول في حرب أهلية على أعتاب سقوط النظام وبعده مما يجعل من تشكيل حكومة مؤقتة ضرورة ملحة تطرح برنامجا يغطي فترتي ما قبل السقوط القريبة وفترة ما بعدها تؤكد فيه سياسيا على مدنية الدولة المقبلة وتعدديتها وديمقراطيتها منعا لأي لغط أخر وتبديدا لمخاوف البعض في الداخل والخارج واصدار مطبوعات وكراريس بهذا المعنى وتشكيل هيئة أركان عامة مع أمر خاص ترتبط بوزير دفاع وتعمل على هيكلة الجيش الحر ليشكل جيش وطني سوري يعمل على كامل الساحة السورية بقيادة موحدة وبعيدا عن السياسة مختصرا انتماؤه للوطن والمواطن مع الحذر من الوقوع في صدامات مع بعض الثوار ومناقشتهم بالتي هي أحسن، لنضمن بعد سقوط النظام امكانية جمع السلاح ونقطع الطريق أمام أمراء الحرب لكي لا يعكرون صفو الدولة الجديدة، ونسد الثغرات التي يحاول النظام جاهدا اختراق الثورة منها، بذلك نكون قد قطعنا الطريق على امكانية الدخول في نفق الحرب الأهلية الخطر الوحيد الماثل أمامنا وقد وضحنا للجميع شكل دولتنا المقبلة كدولة مدنية ودولة المواطنة للجميع بهذا نسرع في اسقاط النظام ونخفف من عذابات شعبنا ونعمل كلنا متكاتفين لإعمار ما هدمه الطاغية والنهوض بسوريا حديثة لكل أبنائها.

حسين أمارة