تراجع في الثروة الزراعية والحياة الخضراء في ادلب

 

1302685854_0

تدهور كبير لحق بالقطاع الزراعي في محافظة إدلب، مساحات واسعة من الأراضي الزراعية هي اليوم خارج الخدمة ولا تصلح للزراعة،  فالكثير من المزارعين لا يستطيعون الذهاب إلىأراضيهم كون معظم الأراضي الزراعية ضمن مناق الخطر والاشتباك،وليس هناك ما يضمن للمزارع أن يحصد ما يزرع أو يعوض خسائره.

تراجع الوضع الاقتصادي في مدينة ادلب  كان الأثر المباشر للخسائر الزراعية فيها، فلا يخفى على أحد اعتماد المدينة على الزراعة كمصدر أساسي للدخل على المستوى الفردي والمؤسساتي، إذ يعمل ثلثي سكان المحافظة بالزراعة وهي مصدر الدخل الوحيد للكثير من العائلات الريفية.

صعوبة وصول الفلاحين لأراضيهم

يشتكي أغلب المزارعين من عدم قدرتهم الوصول لأراضيهم  فهي إما تقع بالقرب من حاجز عسكري أو منطقة عسكرية لأحد طرفي النزاع في المدينة،  وتكون جميع الأراضي المتواجدة في محيطأي نقطة عسكرية  مرمىًلنيران الطرف الآخر،والمزارعون الذين يمتلكون أراضٍ تقرب من الثكنات العسكرية،  يمنعون من قبل الحواجز الذهاب اليها خوفاً من أن يكون متعاوناً مع كتائب الحر ويقوم باستهداف الثكنة,ويقول المزارع رضوان وهو من أبناء قرية كورين “لا استطيع الوصول إلى أرضي الواقعة على طريق أريحا ادلب منذ سنة ونصف بسبب منع حواجز النظام لأي مزارع الدخول إلى الأراضي الزراعية الواقعة على هذا الطريق والذي يمتد على جانبيه آلاف الدونمات من الأراضي المزروعة  بأشجار الزيتون والكرز, مع اننا كمئات العائلات الأخرى نعيش من خير هذه الاراضي منذ عشرات السنين ولا نملك عملاً آخر”.

تحت مبرر الدواع الأمنية والخوف من التسلل، قامت قوات النظام بجرف مساحات واسعة من الأراضي المشجرة والمحيطة بمناطق عسكرية تابعة لها،منها أراض زراعية جنوب معرة النعمان والأراضي المحيطة بالحاجز المتمركز على مدخل مدينة أريحا والأراضي المحاذية لمدخل مدينة إدلب الجنوبي، الهدف هو كشف مساحات واسعة من الأراضي الخالية حتى لا تستطيع قوات المعارضة التسلل إلى حواجزهم من بين الأشجار, ويقول الحاج موسى “رأيت بأم عيني جرافات النظام وهي تقوم بقلع أشجار الزيتون من أرضي، كانوا يقلعون قلبي مع كل شجرة، ولم أستطع أن أفعل شيئا سوى أن أسألهم لماذا تفعلون ذلك ليجيبوني أن سلامتهم والوطن أهم مني ومن أرضي”.

ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية وتوقف الدعم الحكومي للسماد

ويعاني المزارعون في إدلب من ارتفاع أسعار الوقود وعدم توفر قطع الغيار للآليات الزراعية، الأمر الذي حال دون حراثة الكثير من الأراضي,عدا عن صعوبات توفير السماد والبذار وارتفاعأسعارهمإنوجدوا ، اعتمد المزارعون سابقاً على السماد التي تقوم الدولة بتوزيعه عليهم عن طريق الجمعيات الزراعية، لكن اليوم وبعد أن أوقفت الجمعيات التابعة للنظام دعمها للمزارعين بالسماد، باتوا جميعاً مضطرين لشرائه والوقوع تحت رحمة التجار، خوفا من بيعه واستعماله في صناعة المتفجرات, ويقول المزارع مصطفى ” توقفت الجمعيات عن امداد المزارعين بالسماد خوفاً من بيعه أو استعماله في صناعة السلاح، وأًصبحت الزراعة اليوم تجارة خاسرة, فلم أعد أزرع أرضي مع أنها تقع في منطقة آمنة نسبياً بسببالتكاليف العالية التي اصبحت أكبر مما سوف أجنيه عند بيع المحصول”.

توقف تصدير زيت الزيتون

 تسويق وتصريف المحصول بات هماً على المزارعين خاصة بعد توقف التصدير إلى خارج القطر حيث يعتمد أغلب مزارعي إدلب على تصدير زيت الزيتونإلى العراق وباقي دول الخليج، وبلغ الفائض في الزيت الواجب تصديره العام الفائت عشرة آلاف طن, ويقول الأستاذ أحمد وهو موظف في مكتب الزيتون في إدلب “أن الأسواق المحلية لا تستوعب الكميات الكبيرة التي تنتجها المحافظة من زيت الزيتون وأن توقف التصدير أثر بشكل كبير على سعر(تنكة) الزيت والذي لم يعد يتناسب مع التكاليف التي يدفعها المزارع من أجور حراثة وعمال”.

أشجار قرية “بداما” تموت لغياب أصحابها

كثير هم المزارعون الذين نزحوا من قراهم وتركوا أراضيهم لتموت الثمار على أشجارها، كمزارعي قرية بداما والتي عرفتبإنتاج التفاح الجبلي الفاخر, فمنذ سنتين لم يستطع مزارعو هذه القرية الذهاب إلى أراضيهم وقطف ثمار أشجارهم، كون أغلبهم قد هجروا القرية ومن بقي فيها لا يستطيع الذهاب إلى أرضه بسبب شدة القصف التي تقوم به طائرات النظام على هذه القرية، يقول لنا الحاج عبد السلام”نزحت من القرية بشكل مفاجأ وقبل موعد القطاف بأسبوعين (فمات التفاح على أمه) ومن المؤكد أن الدود والحشرات قد خربت الشجر الذي عمره مئات السنين وأصبح الشجر بحاجة لدواء وعلاج لعدة سنين قادمة لكي يستطيع أن يحمل مرة أخرى”

الحرائق تقضي على الغطاء النباتي الطبيعي

حرقت مساحات كبيرة من الأراضي الحراجية المشجرة نتيجة القصف الذي خلف حرائق كبيرة امتدت لمساحات واسعة، قوات النظام قامت بدورها بافتعال الكثير من الحرائق لتكشف للطائرات الأماكن الجبلية التي يتمركز فيها قوات المعارضة،فقد حرقت  أكثر من ثلث (الحرش) الجبلي شمالي المحافظة والمتصل مع سلسلة الجبال الساحلية، كما قامت بحرق مساحات كبيرة من الأراضي المشجرة في جبل الأربعين, ويقول لنا محمد أحد المقاتلين في حركة أحرار الشام “يعمد النظام لحرق الأحراش لكي لا نأخذ من المناطق الجبلية مقرات لنا ولتستطيع طائراته الاستطلاعية كشف أماكننا لكي يقوم بقصفها”، وفي ظل عدم وجود رقابة وحماية للأحراش  انتشرت وبشكل كبير تجارة الحطب والتي تعتمد على قطع الأشجار وجعلها قطع صغيرة وتباع للناس ليستخدمونها في التدفئة, ويقول محمد وهو من سكان جبل الزاوية “يزداد عددتجار الحطب في جبل الزاوية بشكل كبير فهي تجارة مربحة جداً لأنها لا تحتاجلرأس مال، وعدم وجود من يراقبهم ويحاسبهم جعلهم يجعلون الغابات جرداء لا تحتوي الى بعض الأشجار الصغيرة التي لاتصلح لتكون حطبا”.

المشاكل الكثيرة التي يعاني منها مزارعو إدلب جعلتهم يعودون للزراعة البدائية التقليدية التي تعتمد على الحيوانات في الحراثة, كما يعتمدون في السقاية عل طريقة القنوات والتي تحتاج لجهد وتكاليف كبيرة, حتى الأراضي لم تعد تعطي محاصيل ذات نوعية جيدة، وأصبحت غاية الكثير من المزارعين تأمين مئونتهم مما يزرعونه.

1302685854_0