الجلطات القلبية.. خطر جديد يهدد الشباب السوري

عدنان صايغ
 
نعت منظومة الدفاع المدني في محافظة حلب الحرة أحد متطوعيها بعد أن وافته المنية إثر جلطة قلبية تعرض لها.
 
وكان المتطوع مصطفى حسين من فريق مركز قبتان الجبل غربي حلب، تعرض لنوبة دماغية قبل يومين، توفي بعدها أمس الأربعاء.
 
وتتناقل صفحات التواصل الاجتماعي بشكل متكرر ولافت حالات وفاة لأشخاص في سن الأربعينيات سببتها التجلطات القلبية والدماغية، فضلا عن الحجم الهائل في عمليات القثطرة القلبية والشبكة التي تجريها مشافي الشمال والحالات التي تحول إلى مشافي تركيا.
 
وذكرت صفحات لنشطاء سوريين في الشمال السوري عن وفاة أحد المهجرين له من العمر 49 عاما بجلطة قلبية، جراء ضغوط النزوح والبطالة التي يعاني منها.
 
وأوضح النشطاء أن “محمود مصفرة” وهو من مدينة سراقب، نازح في بلدة قورقنيا شمالي إدلب، تعرض لجلطة قلبية أسفرت عن وفاته مخلفا وراءه أربعة أطفال وزوجة مصابة بمرض السرطان، مضيفين أن عائلة المتوفي تعرضت لحادث سير خلال سفرها لحضور تشييع والدهم.
 
كما أسعف آخر إلى المشافي التركية في مدينة الباب بعد أن فاجأته جلطة قلبية ليتم نقله إلى مشافي عينتاب، لتتحسن حالته بعد عملية زرع شبكة بأحد الشرايين.
 
ويؤكد المريض هلال الذي عاد إلى منزله في مدينة الباب أنه لم يكن يتوقع أن يصاب بأي تجلطات، نظرا لكونه متبعا لحمية صحية وكل ما يسبب أمراض القلب.
 
في بلاد المهجر تتوالى أخبار لشبان في مقتبل العمر لا يتجاوزون الثلاثين عن وفاتهم بسبب الجلطة القلبية، بما يشير إلى تداعيات الحرب السورية على أجساد أهلها.
 
وتناقل سوريون في المهجر خبر وفاة ستة شبان في ألمانيا نتيجة لجطات قلبية، مرجعين السبب إلى حالات الضغط والاكتئاب التي يعيشها اللاجئ السوري حتى في الدول الأوروبية.
 
وائل فضيل مهندس سوري لاجئ في ألمانيا 48 عاما، من أهالي كفر بطنا بريف دمشق، هو أحد الحالات الستة، توفي بعد تعرضه لجلطة قلبية حادة، كذلك نعى والد الشاب حسام الحسون في ذات الشهر وهو سوري لاجئ في ألمانيا بعد تعرضه لجلطة قلبية.
 
مدير مركز القثطرة القلبية الخاص في مدينة الدانا “محمد العبدو” تحدث لزيتون في وقت سابق عن وجود معاناة لدى مرضى القلب ومراجعي المركز نتيجة عدم قدرتهم على دفع تكاليف العلاج بقوله:
“معظم المراجعين غير قادرين على دفع تكاليف التوسيع أو زرع الشبكات، إذ تبلغ تكلفة التشخيص 250 دولار أمريكي، وتكلفة العملية العادية 1000 دولار، وتكلفة العملية الوعائية 1400 دولار أمريكي، وذلك بسبب انعدام الدعم المقدم من المنظمات الإنسانية للمركز أو لمرضى القثطرة، بحجة وجود عمليات في تركيا”.
 
وتشير تقارير طبية إلى أن سنوات الحرب التي مر بها السوريين وما زالوا يعيشون تبعاتها من نزوح وبطالة وتوتر، تنعكس بشكل سلبي على صحتهم الجسدية، ومن الطبيعي بحسب التقارير أن تبدأ آثار تلك السنوات بالظهور الأن على شكل أمراض مزمنة كالضغط والسكر والكولسترول إلى جانب أمراض نفسية معقدة تساهم كلها إلى جانب التدخين بالإصابة بالتجلطات القلبية.
 
وذهبت بعض التقارير إلى ارتفاع نسبة الوفيات جراء النوبات القلبية في سوريا إلى 70% بعد سنوات الحرب بعد أن كانت لا تتجاوز 40% سابقا، مشيرة إلى أن أكثر من مليون مواطن سوري مصابون بأمراض القلب.
 
كتب أحد اللاجئين على وفاة الشباب السوري معلقا:
“لا أريد إلقاء اللوم على هذا البلد أو قوانينه، أريد فقط أن يكون لديكم القليل من الصبر علينا، نحن خرجنا من حرب قبيحة للغاية، أعطونا القليل من الوقت لمقابلة عائلاتنا وأصدقائنا والفرح معهم، الاقتصاد الألماني لن يتضرر”.
 
تثير حالات الوفاة لدى الشباب بسبب الجلطة مخاوف الكثيرين، فمن المألوف أن يصاب المسنون بها، لكنها كانت نادرة الحدوث في سن الشباب، إلا أن ما عاشه الشباب السوري من أهوال وما عاينوه من خوف ورعب، مع استمرار الضغوط الحياتية والتفكير بتدبر أمور المعيشة بعد أن باتوا عاطلين عن العمل، وما يمرون به من تجربة نزوح وفقر جديدة على عاداتهم، ساهم بشكل كبير في وقوعهم فريسة لهذا المرض المميت.
 
ينصح الأطباء باتباع إجراءات وقائية لتلافي أمراض القلب منها الابتعاد عن التدخين أو التخفيف منه، واتباع نظام صحي سليم، وممارسة الرياضة، إلى جانب بعض أنواع الحبوب التي تساعد على منع تخثر الدم، إضافة إلى إجراء فحوصات دورية.
 
وعن تجربته في إصابته بجلطة قلبية روى “أبو قاسم” 48 عاما، النازح في ريف إدلب عن الأسباب التي أوصلته إلى تعرضه للجلطة بقوله: “خسرت أفرادا من أسرتي قتلوا تحت القصف، وخسرت كذلك كل شيء، كل ما عملت لأجله كل عمري، ووصل بي الحال إلى أن أصبح معوزا، محروما من العمل، معدوما، أشعر بقلة الكرامة الإنسانية، وأخشى الأسوء، كيف يمكن أن لا أنجلط”.
 
تستكمل أمراض القلب والأمراض المزمنة محنة السوريين، لتقضي على نسبة ليست بالقليلة من شبابهم، وما لم تفعله البراميل والقذائف باتت تتكفل به الأمراض المتربصة بهم في النزوح.
 
 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*