من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر

BFT689

“يا أخي قل لزوجتك أن تسدل عباءتها تماماً…هل هي زوجتك وحدك أم أنها شركة يتشارك بها جميع الموجودين في السوق” هذا ما قاله مسؤول “الحسبة” الذي كان يتجول بسيارته وأحياناً يترجل منها في شوارع الرقةحاملاً بندقيته على كتفه،لرجل من أهالي المدينة يمشي في السوق برفقة زوجته المتلفعة بعباءة سوداء وبعد أن اضطرت لرفع طرف تلك العباءة لكي تتمكن من المشي.إن مقطع الفيديو هذا أصاب السوريين الذي شاهدوه بصدمة من آلية تفكير وعمل هؤلاء الدعاة والذين لا يمتون إلى مجتمعنا وعاداته وتقاليده بأي صلة.

 يحاول تنظيم داعش فرض قوانينه على المجتمع السوري بعد إعلان قيام دولة الخلافة بزعامة البغدادي، لن أقول كما الكثيرون يقولون بأن “داعش” هي مكون من خلق النظام السوري وإيران، وأن عناصره غريبة عن مجتمعنا وليست سورية ممن أغرتهم فكرة الجهاد وإقامة دولة الخلافة فيها. إن يأس السوريين من تجارب القوميين واليساريين الذين لم يستطيعوا تقديم حلول حقيقية لقضايا شعبنا وعلى العكس من ذلك فقد انتجوا الطغاة ونهبوا البلاد وأذلوا العباد، بالإضافة إلى فشلهم في تحقيق طموحات الشعب وأماله في التحرر والتقدم، كل ذلك دفع بالناس إلى اللجوء للدين بحثاً عن ملاذ من ويلات الحكام واستبدادهم وطلب النجدة  من الله للخلاص منهم، منذ عقود ونحن نشهد التحولات داخل مجتمعنا بكل طوائفه ومذاهبه التي فقدت الأمل بالوطن الجامع والحامي الذي تحول إلى مزرعة للطغاة، باللجوء إلى الطائفة والقبيلة والعشيرة بحثاً عن الأمان والحماية من الاستبداد، وهذا ما أنتج لدينا كل حالات التعصب الديني الطائفي والمذهبي بدعم من النظام عبر الممارسات التي قام بها والتي عززت كل أشكال التقوقع الاجتماعي والديني، والذي ترافق مع التطورات في المنطقة وما أنتجته من حالات متشددة شكلت نموذجاً للكثير من الشباب السوري للانتماء إليها والعمل بهديها.

بدأ عناصر تنظيم الدولة ببسط نفوذهم في المناطق التي سيطروا عليها والعمل بالقوانين الإسلامية حسبما ورد على لسان زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في بيان إعلان الخلافة   “إن التنظيم يسعى لتحكيم شرع الله والتحاكم إليه وإقامة الحدود الشرعية والتي لا تقوم جميعها إلا ببأس وسلطان”. ففي مدينة تل أبيض أصدرت “الحسبة” تعميما لإلزام النساء على ارتداء اللباس الشرعي بعد دفع مبلغ 500 ل.س ثمناً له، كما وضعت عقوبة للمرأة التي تخالف هذا القرار بدفع غرامة قدرها 5000 ل.س ومن ثم معاقبتها بالجلد هي وولي أمرها. كما أن التنظيم نفذ أحكام إعدام بحق من سماهم كفار أو مرتدين وأقام حد السرقة بقطع يد السارق. لكن أفظع ما قام به هذا التنظيم هو إقامة حد الزنا على امرأتين في الرقة وثالثة في مدينة الطبقة وذلكبرجمهن في الساحات العامة حتى الموت.

في مساء 18 تموز الماضي تجمهر أبناء مدينة الرقة في الملعب البلدي حوالي الساعة الحادية عشرة ليشهدوا تطبيق حكم الزنا بحق امرأة بتهمة الزنا. وفي الحلقة الأولى من الجمهور تجمع عناصر التنظيم الملتحون وفي وسطهم وقف شيخهم يحمل مكبراً للصوت ويتلو من خلاله حكم الرجم. ثم وصلت شاحنة محملة بالحجارة ووقفت قرب الناس الذين لم تستطع عيونهم تصديق هول ما ترى. ثم أحضرت الضحية المتهمة بالزنا وقد لفها السواد من أعلى رأسها حتى القدمين وكانت محمولة بشكل يوحي أنها متوفاة أصلاً أو لربما تم تخديرها قبل تنفيذ الحكم فيها. ثم دفن الجزء الأسفل من جسدها وأعطى الشيخ أوامره ببدء التنفيذ، جفل الرقاويون من هكذا أمر ولم يلتقط أحد منهم حجراً من الكومة المخصصة لعملية الرجم مما اضطر عناصر التنظيم للبدء بالتنفيذ بأنفسهم. وبالفعل بدأوا برشق “ف. أحمد” بالحجارة لكن المسكينة لم تبدِ أية ردود أفعال توحي بأنها لا تزال حية، وحسبما قال أحد الشهود العيان وهو أحد الناشطين في مدينة الرقة: “كنت واقفاً مع الحشد وكان الجميع مذعورين ومذهولين مما رأوا وتسمّر الجميع في أماكنهم وعيونهم معلقة على المرأة التي وضعت في ساحة الملعب البلدي أحد أهم معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في المدينة لكن المرأة لم تنبس ببنت شفة وحتى أثناء رجمها بالحجارة لم تبدي أي ألم ولم تصرخ أبدا”.

رفض الأهالي المشاركة في هذا الإعدام الهمجي في الرقة شمال سوريا وهذا كان جلّ ما استطاعوا فعله للتعبير عن رفضهم لتلك الممارسات التي يفرضها تنظيم الدولة على مدينتهم، ولم تكن حادثة الرجم هي الأولى من نوعها فقبلها بيوم واحد رجمت امرأة أخرى في نفس المدينة وقبل ذلك بفترة قصيرة جدا رجمت امرأة أخرى هي “شمسة عبدالله” في مدينة الطبقة القريبة حتى الموت ولكن قصتها لم تتناقلها وسائل الإعلام بسبب نقص المعلومات أو لربما بسبب التقصير.وعلى الرغم من كثرة الموت في سوريا وقلة عدد ضحايا الرجم حتى الآن إلا بشاعة الموت رجماً ربما استوقفت الكثيرين مثلي لاستقراء مستقبل يملأه الرعب من رجال ملتحين يجوبون الشوارع بحثاً عن ضحية. وفي شهر رمضان الماضي قام هؤلاء الرجال بصلب صبي لم يبلغ الرابعة عشر من عمره في ساحة المدينة الرئيسية ولساعات طويلة في الشمس الحارقة فقط لأنه ثبت لهم أن الصبي لم يلتزم بالصيام، ومن ثم أنزلوه عن العمود الذي صلب إليه وقاموا بجلده ليكون عبرةً لغيره من الأطفال الذين لم يصوموا الشهر.

كانت الصور التي نشرت على تويتر ومواقع الكترونية أخرى صادمة للغاية بخصوص رجم النساء في الرقة حتى الموت على أيدي رجال ملتحين وهم يحملون بنادقهم الآلية, وبحسب قول أحد الناشطين هناك أن الأهالي شعروا بمرارة فظيعة وهم يرون التوانسةوالسعوديون والأجانب يفرضون إرادتهم على المجتمع السوري وصدمتهم مشاهد القتل بالرجم لكنهم لم يجرؤوا على القيام بأي شيء لمنع حدوث تلك الجرائم، ووصف إعدام “ف.أحمد” قائلا: “سمعت أنهم أخذوها إلى أحد المشافي وخدروها مسبقاً، ولم أشاهد أية دماء فقد كانت ثيابها بلون أسود والوقت كان ليلاً فلم نستطع الرؤية بوضوح، وبعد الانتهاء من عملية الرجم حملوا الجثة في إحدى سياراتهم إلى وجهة غير معروفة”.

مها الخضور