درعا: خطر مُحْدق يهدد آلاف المدنيين.. ونازحة فيها: هل نلجأ لإسرائيل!!؟

12592747_455287164662369_6986413633206083538_n

زيتون – أسامة العيسى

حيث الحرب بادت مزدوجة، والخطر المحدق يحيط بهم من كل جانب، لم يعد الموت المنتظر هو فقط بقصف من قبل النظام وروسيا، بل بجحيم معارك اقتتال داخلي بدأت ولم تضع أوزارها بعد، لتنعكس على حياتهم موتاً وحرباً ودماراً وجوعاً، إنهم نازحو “حوض اليرموك” بريف درعا الغربي.

تضم منطقة “حوض اليرموك”، التي عرفت بهذا الاسم نسبة لوقوعها على ضفاف نهر اليرموك الممتد من أقصى حدود سوريا مع الجولان جنوب غرب درعا، إلى الحدود السورية مع الأردن في جنوبها، قرى وبلدات: “الشجرة، جملة، نافعة، سحم الجولان، حيط، القصير، كويا، معرية، بيت آره، عين ذكر، الشبرق، صيصون، المسريتية، جلين، مساكن جلين بالإضافة لبلدة القصير”.

أكثر من 15 ألفاً من المدنيين النازحين باتوا مشتتين في محيط قرى المنطقة وسهولها، في ظل معاناة كبيرة، حيث يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، تحت خطر الاستهداف من قوات النظام في أية لحظة، وفي ظل حرب دائرة ومستعرة بين كل من جبهة النصرة وحركة أحرار الشام ولواء شهداء اليرموك الذي تتهمه تلك الفصائل بالتبعية لتنظيم “داعش”.

أم محمود البردان، نازحة برفقة أولادها السبعة بلا معيل في إحدى قرى المنطقة، تقول لـ”زيتون”: “بات كل شيء علينا بالحسرة، لا الطعام متاح لنا ولا الدواء متوفر ولا الماء أيضاً، وما هو موجود قليل وغالي جداً، ولا أنت تستطيع أصلاً أن تضمن حياتك لليوم التالي، هنا الحرب تشتعل بينهم في أية لحظة، أي أنك يمكن أن تلقى حتفك بين الحين والأخر، نفر من مكان لمكان، أحياناً في كروم الزيتون، وأحياناً عند بعض الأهالي، وأحياناً في المدارس”.

وتشكو “أم محمود” العوَز أمام شح المساعدات في المنطقة، التي تشهد منذ أكثر من سبعة أشهر أعنف المواجهات بين الفصائل الثورية، حيث سقط جرائها عشرات الضحايا المدنيين، بينهم أطفال ونساء في عمليات استهداف متبادلة، ضمن الحواضن السكانية، ما أعاق لدرجة كبيرة دخول المساعدات الإنسانية للأهالي والنازحين، كما يؤكد “خالد المحمد” أحد العاملين في مجال الإغاثة في المنطقة.

ويضيف المحمد “أغلب الناس تصرف من جيوبها ومن أمواها الخاصة، لكن ما كان متوفر قد نفذ، هم فروا بأولادهم حتى لا يموتوا، لكن الموت يلاحقهم في كل مكان، كل شيء هنا غالي وثمين، وأغلب المساعدات يكون إدخالها صعب للغاية، والأمر ليس بالسهل، فالخطر يتهدد فرق الإغاثة أيضاً، إنه خطر الموت، الفصائل المتحاربة تستهدف المناطق بشكل عشوائي، وهذا الأمر لا يمكن لأحد إيقافه، وبالتالي فالضحية الأبرز لذلك هم المدنيون”.

خالدية م. نازحة سورية من دمشق، فرت إلى المنطقة الغربية من درعا مؤخراً كما تقول، طلباً للأمان الذي افتقدته بسبب ملاحقة نظام الأسد لأولادها، ألا أنها لم تجد مبتغاها في المنطقة، التي كانت تعد من أهم وأكبر حواضن النزوح على مستوى الجنوب السوري، لتحول بعدها لواحدة من أخطر المناطق بسبب الحرب الدائرة فيها بين الفصائل.

تقول خالدية: “أين نفرّ بأولادنا؟ هم لا يسمحون لنا باللجوء للأردن لأن الحدود مغلقة منذ أشهر، وهنا نموت كل يوم ونحيا على الجوع والدمار، أين المجتمع الدولي وأصحاب الضمير منا، أين الأمم المتحدة ومن هم في جنيف الآن، أين البشر التي تقول عن نفسها إنها تؤمن بحق الناس الآمنين في الحياة..!؟ لم يبق مكان نذهب إليه، هل نلجأ لإسرائيل مثلاً!!!”.

“معتز”، وهو طفل في التاسعة من عمره، من أهالي حوض اليرموك، يقول: “بدنا مساعدات مثلنا مثل باقي الناس، بدنا حدا يحمينا، هون ممكن يسقط علينا برميل أو قذيفة بأي لحظة، ما عم ناكل مليح، ولا عم نشتري أواعي لأنه كل شيء غالي”.

أكثر من 15 ألف نازح في “حوض اليرموك”، غالبيتهم من مدينة درعا وريفها، وقسم آخر من دمشق وريفها وحمص، يطالبون الهيئات والمنظمات الدولية والإنسانية والحقوقية بضرورة التحرك الفوري لحمايتهم وتقديم العون لهم، سيما وأنهم تحت مرمى طيران النظام وروسيا، اللذان اخترقا تلك المنطقة عشرات المرات، على الرغم من دخولها ضمن ما يعرف بخط وقف إطلاق النار لعام 1974م، والذي لا يجيز لقوات الأسد وحلفائها إدخال أية أسلحة ثقيلة إليها، أو تنفذي عمليات استهداف في نطاقها.