النازحون السوريون بين رحى الاعلام الرخيص والارتهان لشعبوية أهل القرار السياسي في دول الجوار

10814226_745661255503384_1960656305_n

 

هل يجب أن تمتلك الدولة شعوراً يتماهى مع الحس العام الذي يسري بين مواطنيها؟ هل يجب أن يتماشى هذا الشعور مع الأحكام الجمعية التي يطلقها دهماء القوم أو الساذجين أو أولئك الذين يجرهم التعصب الذي يطلقه إعلام أجوف وغير منضبط؟! هل ينبغي للشخصيات السياسية أن تجعل من ظهورها مطية تركب عليها حمى الجاهلية أو العنصرية أو الطائفية؟ أم أن وظيفتها تسمو فوق الحصول على أصوات انتخابية؟
شخصيات عامة، تتمتع بحس انساني عال، أبدوا الكثير من المخاوف، عند قيام «جبهة النصرة» بإعدام أحد الأسرى من الجنود اللبنانيين وربطوا ذلك بشكل مباشر مع تصاعد أعمال انتقام من النازح المسكين الذي تم اعدامه عديداً من المرات، مرة عندما تم تهجيره من بيته وفقدان مصدر عيشه ورزقه جراء الصدام العسكري المسلح، بين المعارضة والنظام، أو جراء الاستهداف المقصود لمناطق المدنيين من قبل قوات عصابة الأسد، بنية توسيع رقعة السيطرة على مناطق خرجت عن سيطرة العصابة الحاكمة، أو حين امتدت ميلشيا حزب الله لتعبث في الأراضي السورية مدعومة من قبل النظام الايراني الذي يلعب حروباً عن بعد، بالوكالة وعبر ايقاظ الأحقاد الطائفية وتسعير حمى الطائفية في المنطقة.
وبذلك حدث مد نزوح كبير لمواطنين سوريين باتجاه الأراضي اللبنانية، يعيشون فيها عيشة الضنك والتضييق والعنصرية.
من المعيب على وسائل اعلام لبنانية، تصف نفسها بأنها ذات نظرة حيادية، أن لا تنظر لموضوع التهجير من ناحية أن تدخل مليشيا حزب الله، التي تأسر لبنان بأسره، لصالح نظام الملالي بإيران، هي المتسبب مع عصابة الأسد الاجرامية بهذا الدفق الكبير، من كثافة النزوح نحو الحدود اللبنانية.
ومع سقوط، أو اسقاط، طائرة التحالف الأردنية، لأسباب غير مقنعة حتى الآن، والتي تسبب الحلف التي تشارك فيد المملكة الأردنية ،بالكثير من عمليات قتل المدنيين في الرقة ومناطق أخرى في سوريا، تواتر مرة أخرى، لدى بعض الأصدقاء، الذين أثق بهم، مخاوف، من ربط أسر الطيار الأردني(الحمائمي والملائكي) مع موجة جديدة ضد النازحين السوريين في الأردن.
أعذر هؤلاء الأصدقاء تماماً بتخوفاتهم، لأن الانسياق العاطفي الموجه عبر الإعلام سيتعاطف مع (أسر) شخص يقتل بالعشرات بضربة واحدة غادرة ولكنّ ذات الاعلام لن ينقل خبر موت هؤلاء إلا على شكل رقم جاف، جامد وبارد.
فهؤلاء القتلى أو الشهداء هم مصممون فقط ليكونوا دريئة يمارس بها ذاك الطيار مهاماً تدريبية أوكلت إليه.
والرد الشعبي على التصعيد القبلي الحكومي للأردن سيكون حاراً، انتصاراً لمآثر ابنهم البطل! الذي أوقف نزيف الدماء عن الشعب السوري الشقيق!
من العار تماماً أن نكون ضمن ألعوبة هذا الميزان التافه والقذر، على المستوى الانساني. وعلى الحس الوطني الزائف أن يتم تسكينه وحاصرته بالوعي، خصيصاً ذاك الذي تقوم بتغذيته حكومات غير أخلاقية وفاسدة وغير ممثلة لتطلعات شعوبها الأصيلة.
وفي قضية التصعيد ضد نازحين لا حول لهم ولا قوة، هاربين من جحيم القتل الهمجي لنظام العهر الدموي، الذي يتشابه مع كل الأنظمة العربية في درجة الوحشية والخسة، لابد هنا من قياس كم ستكون الدول المضيفة، حريصة على أن تظهر نظاماً، لا مكان فيه للمشاعر،على أقل تقدير، كما هي ذات الحال التي يتلقون بها كل يوم أخبار عشرات الشهداء، من المدنيين ويقفون متفرجين، وأن يكفوا عن تسليم بعض الهاربين لعصابة الأسد، الجزار والقاتل، كما حدث عدة مرات من قبل حكومات الأردن ولبنان.
حقيقة يتبادر إليّ في مثل هذه الأحوال أحقية أن تكون الدولة ميزاناً ترجح القواعد الانسانية فوق العواطف الشعبية، التي يتلاعب فيها الإعلام الرخيص، أن تكون دولة دون انحياز لمصالح تحالفات حكامها، تلك التي تترنح على المدى القصير، في عمر التاريخ.
ختاماً أذكر بقوله تعالى بشأن المستضعفين في الأرض، ولعلّ الذكرى تنفع القراء أو المؤمنين.
قال تعالى في محكم التنزيل في سورة الحشر: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

عبد الكريم أنيس