العيادات الطبية المتنقلة.. مشروع رائد شمال سوريا

IMG-20151215-WA0037

زيتون – ابراهيم الإسماعيل

تعاني المناطق المحررة من سوريا من النقص الحاد في الكوادر الطبية، بالإضافة لإشكالات ضعف المشافي الميدانية العاملة وإنعدام الأدوية الطبية الضرورية للكثير من الأمراض المزمنة والأمراض المنتشرة بين الأطفال والنساء والشيوخ.
كما تنتشر بين المخيمات والقرى النائية الكثير من الأمراض والآفات الصحية، والتي تصيب وبكثرة الأطفال الصغار وحديثي الولادة، وذلك بسبب قلة المعلومات الطبية وانعدام التوعية الصحية والأدوية اللازمة لكل مرحلة من مراحل نمو الأطفال.
العيادات الطبية المتنقلة كانت كإستجابة نوعية لحل هذه المشاكل والمعضلات التي تواجه الأهالي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. مشروع مشترك بين منظمة أطباء عبر القارات PAC واتحاد منظمات الرعاية والإغاثة الطبية UOSSM شمال سوريا، أتى كاستجابة طارئة لحركة النزوح التي حدثت نتيجة القصف والتي طالت مناطق عدة في ريف حلب وحماة وادلب.
التحرك السريع والإستجابة السريعة جاءت من أجل تقديم يد العون لهؤلاء النازحين والمساهمة في تخفيف معاناتهم والحد من تفشي الأمراض والأوبئة المعدية، عبر تسيير(6) عيادات طبية متنقلة على مساحة جغرافية واسعة في محافظتي إدلب وحلب،حيث غطت في عملها قرابة الـ 40 قرية ومخيماً لجأ إليها النازحون والتي تتمثل في المناطق التالية:
«ريف حلب الغربي الجنوبي، ريف سراقب الشرقي، ريف معرة النعمان الشرقي، ريف أبو الضهور الغربي، ريف ادلب الجنوبي وريف أريحا الشرقي».
يقول الدكتور «محمد مجد فحام»، وهو مدير مشروع العيادات المتنقلة:
«إنطلق المشروع في الأول من شهر تشرين الثاني من العام 2015، حيث بلغ عدد المستفيدين من المشروع في الشهر الأول من إنطلاقه أكثر من 12000 مدني بنسبة تقدر بـ 85% منهم من النازحين».
واستطاعت العيادات المتنقلة تقديم خدمات أكثر تميزاً وتكاملاً، حتى من مراكز الرعاية الصحية الأولية الثابتة، مستفيدة من الشراكة المتميزة بين المنظمتين الممولتين للمشروع، ومسخرة خبراتها في هذا المجال لتقديم خدمات متكاملة من خلال الكوادر المدربة وخدمات الاستشارة الطبية والصحة النفسية والتغذية والعلاج الدوائي والتوعية المجتمعية، فضلاً عن نظام الإحالة.
كما أن هناك تعاون مع شبكة الإنذار المبكر والإستجابة للأوبئة Ewarn لمتابعة الحالات المرضية الوبائية المشتبه بها، والتي يتم رصدها من قبل أطباء العيادات المتنقلة أثناء عملهم في المناطق المذكورة آنفاً.
وفي طريقة عملها، تتنقل العيادات الطبية عن طريق سيارات مجهزة بأجهزة طبية لازمة وخفيفة، إضافة الى الصيدليات المتنقلة معهم، وخيم للمعاينات المرضية السريرية وأطباء من الجنسين، بغرض تقديم الرعاية الطبية للنساء والرجال على حد سواء.
« أم أحمد» من أهالي ريف ادلب، قامت بتلقي العلاج لدى العيادات المتنقلة تقول: «نحن هنا بعيدون عن المشافي والمستوصفات الطبية، ولا يوجد لدينا طبيب أو عيادة في القرية. كما أن المسافة الطويلة والقصف العنيف يمنعني من الذهاب إلى مناطق أخرى لأحصل على العلاج. جزاهم الله كل خير، إستطاع الأطباء في هذه العيادات أن يقدموا الرعاية اللازمة والأدوية والعناية الطبية».
ويوضح الدكتور فحام: «من خلال هذه التجربة الرائدة في الإستجابة السريعة للكوارث والأزمات، نرى ضرورة التعاون وتوحيد الجهد بين المنظمات الفاعلة في الداخل السوري لتكون أكثر فعالية وقدرة على تلبية الاحتياجات الملحة للنازحين وللناس الأكثر ضعفاً وفقراً في المناطق السورية».
تجدر الإشارة إلى أن المشاريع المماثلة لمشروع النقاط الطبية المتنقلة جرى العمل به منذ مدة ليست ببعيدة في المناطق الغير مخدمة بالمشافي الميدانية أو النقاط الطبية المدعومة، والذي إستمر لفترة محدودة قبل توقفه بسبب إنقطاع الدعم المادي عن المشروع، وعدم القدرة على تأمين مبالغ مالية تساعد في العمل لفترة أطول.
تفيد العيادات الطبية المتنقلة حالياً آلاف المدنيين في القرى والبلدات المتضررة والمحررة حديثاً، والتي تفتقر وبشكل كبير إلى أبسط مقومات العناية الطبية، ناهيك عن عدم تواجد الكوادر المؤهلة لافتتاح مراكز طبية أو نقاط إسعاف فيها.