بمن نحتفل أيّها الشاعر؟ شكسبير يهزم الملكة

247117_112231542197415_6418459_n

زيتون – بشار فستق 

في المئويّة الرابعة على وفاته، ستقام للشاعر والمسرحيّ «وليم شكسبير» فعّاليّات عديدة، تعيد إلى الأذهان عبقريّة هذا المبدع، وتسلّط المزيد من الضوء على حياته وأعماله وأثره في الثقافة العالميّة.
رغم كلّ الإشكاليّات المختلفة التي حامت حول «شكسبير»، بدءاً من وصف أعماله بالبشعة والمليئة بالجثث، واتّهامه بالابتذال إرضاءً للذائقة المنحطّة للعامّة، إلى كشف المصادر التي كان ينقل أعماله منها دون تغيير يُذكر أحياناً، وصولاً إلى التشكيك بوجود شخص اسمه «وليم شكسبير» أصلاً!. رغم كلّ ذلك، تحتفي بريطانيا ويتبعها العالم في الاهتمام المتزايد به؛ فتُحوّل الدولة البيت الذي ولد فيه إلى متحف، وتُخصّص الأموال الطائلة للاحتفاء به وبأعماله، وبالأعمال التي تتناول كلّ ما يخصّه.
على النقيض، تقوم الطغم الاستبداديّة بطمس ذكرى مبدعي البلاد التي يتحكّمون بها، فلن تجد نظاماً عربيّاً يتذكّر مناسبة تخصّ مبدعاً، إلّا إذا تمّ ذكر «قائد المسيرة» أو «سيّد الوطن» أو «القائد الرمز» وتمجيد أقواله «العبقريّة الفذّة» و «عطاءاته ومكرماته» وألصقت صوره في وجه الناس لتغطّي مظاهر الحياة الطبيعيّة. إلى درجة تخال فيها أنّ مناسبة تخصّ تكريم المبدع غير موجودة في خضمّ تقديس الديكتاتور.
لا يمكن أن نحصي مبدعينا، ويمكن – بسهولة – أن نجد لكلّ يوم في السنة شاعراً هامّاً عندنا نحتفي به، ربّما يفوق شكسبير موهبة وحتّى إشكاليّة. أبو تمّام، البحتريّ، أبو العلاء، القبّاني الذي تقترب ذكرى مولده (21 آذار) وذكرى وفاته (30 نيسان)، الماغوط (وفاته في 3نيسان).. حقيقة، لا يمكن أن نحصيهم.
بالأمس (الخميس 10 آذار 2016) قام تنظيم «داعش» الذي يقوم بدور مساعد المستبدّ القاتل، بقتل الشاعر «بشير العاني» في دير الزور، وكان من آخر ما قاله:
… أراقبُ الأجسادَ المعلّقات على الأعواد بانتظار شفاعة الأمّهات كيما تترجّل.. هذا إنْ بقيت للأمّهات هذه الأيّام شفاعة لدى أمراء الحرب..
وبالذعر البشريّ الذي تستطيعه روحي أفكّر بالجثث المرميّة في المدن والمزارع والبلدات.. جثث برؤوس وبلا رؤوس.. من سيأبه بها أكثر من القطط والكلاب الشاردة.. و(الحقَّ أقول لكم.. لا حقّ لحيّ إنْ ضاعت في الأرض حقوق الأموات..)…
قتل التنظيم مع الشاعر ابنه «إياس»، وكأنّ القتلة يكملون ما يفعله النظام المستبدّ الذي لا يزال يعتقل الفنّان المسرحيّ ووريث خيال الظلّ «زكي كورديلّو» وابنه الفنّان المسرحيّ أيضاً «مهيار»، ولا نعرف عنهما شيئاً (منذ 11 آب 2012).
بينما احتُفل أوائل العام الحاليّ 2016 في أكثر من مدينة فرنسيّة بالشاعرة والممثلة السوريّة «فدوى سليمان» التي لجأت إلى فرنسا منذ العام 2012 هرباً من النظام القاتل في سورية، بسبب تنظيمها لمظاهرات ضدّ النظام في حمص، في «ثورة بيضاء، ثورة العقل» كما تقول فدوى، ولتحمل: صوت الشعب السوريّ ولاجئي العالم.
لقد صار ديوانها «كلّما بلغ القمر» جزءاً من برنامج المدارس في فرنسا، ضمن إطار جائزة «ديكوفرور» المختصّة بالشعر، التي يمنحها الطلّاب للشعراء، فاحتفى بها الطلبة الفرنسيّون من خلال «بيت الشعر» في مشروع يسمح للطلّاب، بالتعرّف على الشعراء المعاصرين والاطّلاع على شعرهم والتماهي معه. فاكتشفوا ديوانها الأوّل، الذي كُتب بالعربيّة في سورية ثمّ أكملته فدوى في فرنسا، وتُرجم إلى الفرنسيّة.
أمّا الشابّ الذي ألّف أغنية صدح بها نحو مليون متظاهر في حماة في «جمعة ارحل» والتي تقول كلماتها: «يا بشار ومانك منّا.. خود ماهر وارحل عنّا.. شرعيتك سقطت عنّا ويلا ارحل يا بشار.. يا بشار ويا كذّاب.. وتضرب أنت وهالخطاب.. الحريّة صارت عالباب.. ويلا ارحل يا بشار». هو إبراهيم قاشوش من لم يحمل السلاح، بل كانت حنجرته ما أغضب عصابة النظام، فاختطفته قوّات الأمن وذبحته وأخرجت حنجرته من رقبته ورمته في نهر العاصي.
في ألمانيا، مهرجان القصيدة السوريّة الأوّل في مدينة كولونيا، يومي 19 و20 آذار الحاليّ، بمشاركة عشرين شاعراً سوريّاً يجمعهم منفى واحد «لأنّ القصيدة ممكنة فالحياة ممكنة».
أظهر استطلاع للرأي أجراه المجلس الثقافيّ البريطانيّ في دول متفرّقة من العالم أنّ «شكسبير» هو أهمّ الرموز الثقافيّة في بريطانيا، وجاءت بعده ملكة البلاد إليزابيث في المرتبة الثانية.