تغريبة الخاسر..

ebdleke

بشير عاني 

((لهكذا حزن أسرجتني أمي))
يا عكازَ وقتي الكفيف..
ويا مقاعدي على أرصفةِ التعبِ الطويل..
هـاأنـا..
أنا العاثرُ بجماجم اتزاني..
الشاغرُ إلاّ منكِ..
أبحث عن صرّةٍ لملمتِ فيها أوجهي التي أنسربت..
لملمتِ فيها براءتي..
خسائري..
أنا الذي قايض الطمأنينة بالهزائم..
ويا وجعي الفسيح..
يا سبعينَ أرضاً يجوبها النشيجُ..
ها أنا.. بكل الصهيل الذي لا يُطيقُ حمله الترابُ.. ولا تحيطُ به أذرعُ القبور..
أفتح كوةَ البكاء للبُّحة الغريبة..
أزرعُ أعشاب حزني على صوتي الذي يسيل إلى مستقر لكِ..
وأزرعُ روحي فزَّاعةً لطيور الظلمة والوحشةِ..
وأزرعكِ بأرض كلامي.. سنديانةً لظهيرات المراثي..
والحزنُ برِّيتي
وأنا حصانُ أيامكِ الخاسر..
أَجري..وأجري..
أنا الكهلُ الذي خسر الحداءَ والهدهدات..
فمن يقي أيامَه الرحيلَ.. ولا ظلُّ إلا ظلكِ..
ومن يُلقمه السلوى.. ولا حلمةٌُ للسكينةِ.. لا ضرعُ لراحة البال..؟
* * *
وقرب دمعك الذي يبلّلُ الفجرَ وسجادةَ الصلاةِ ..
ويسقي نخيلَ الأدعية..
عند لُهاثِ أيامكِ التي طاردتها بنادقُ التعب..
على أعتاب الشحوبِ..
أقفُ على رؤوس حيرتي..
لأهتفَ : يا أمي..
أنتِ الصراطُ الذي تِهتُ في شعابهِ..
سيرةُ الفتحِ التي يعجُّ بها دمي..
وفَقهُ خلاياي..
أنتِ الوحيُ الذي أنطقَ قلبي بالهوى..
وكعبتي التي أنقِّلها في جهات الروح..
وبلدي.. بلدي الامين..
وأنتِ التي أقفُ بين يديها على رؤؤس دهشتي لأهتفَ :
يا أمـــــــي :
لماذا يُحلِّي شفتيَّ كفُّكِ الكريم..
لماذا تعجزُ روحي عن تلاوتهِ.. وعن تأويله..؟
* * *
ولا إثمَ لي..
غير أني نذرتُ قطيعاً من القصائدِ..
وهَدْيَاً من الرِّضا أسوقُ إليكِ..
فملتُ ومالَ نحريَ نحو سكينِ البكاءِ..
ولا إثمَ لي..
غير أني سهوتُ قليلاً..
فتاهت في الدياجي نياقُ الهدايةِ..
لم أدرِ ما سُكَّرُ اللهِ حتى رشَشتِ الحمدَ والرحمنَ فوق أرغفةِ الرؤى وأذبتِ سبعينَ قطعةً في جِِرارِ الرّضا.. وقلتِ اِشربْ:
وما أنا بشارب..
روحي تثلّمها الشكوكُ وحَنجرتي دريئةٌٌ للاسئلة..
أيامُنا بياضٌ لحبرِ الآخرين.. وأبجديتُنا خراب..
خطانا يُفصلها العابرون علينا.. والعابرون إلينا..
وقلت اِشربْ ..
وما أنا بشارب..
وهل يروي الرضا عطشي ..
هل يُمضمضُ السَّكينةََ الذي دمَّل حلقَه اليقينُ.. ؟
وقلتِ اتقِ يوما ستُرجعُ فيه..
وهل يُعيدُ اللهُ الصلصالَ بلا مائهِ..؟
هل يُعيدُ إليه الطينَ الخوَّارَ..؟
ولا إثمَ لي..
غير أن الطفولةَ خِرقةٌ..
وان الموتَ بصمةٌ..
وما من مقبضٍ في مديةِ العويل.