اعتقاد ضمني: الرجال أذكى من النساء

أثبتت الدراسات الحديثة أن أكثر من 74% من الناس يمتلكون اعتقاداً ضمنياً أن الرجال أكثر ذكاءً من النساء، ولكن هل للأمر علاقة في قلة تمثل النساء في مجالات التكنولوجيا، والعلوم، والرياضيات، والهندسة، والمجالات الأخرى؟

رغم أن القليل من الناس يقفون بصف المرأة ويصرخون بصوت عالٍ للدفاع عنها، إلا أن هناك بحثاً جديداً ظهر على الساحة مؤخراً وتم نشره في مجلة “علم النفس التجريبي الاجتماعي” في عام 2020، أظهر البحث أن هناك أكثر من 70% من الناس الذي تضمنتهم الدراسة من أكثر من 77 دولة في العالم، يربطون المستوى العالي للذكاء بالرجال والمستوى المنخفض بالنساء.

في بداية الأمر، مجموعة من الباحثين من جامعات أمريكية، كجامعة هارفرد، ونيويورك، ودنفر، سألوا أكثر من 3650 شخص من جميع الفئات العمرية، لاكتشاف ما إذا كانوا يتفقون مع الصورة النمطية السائدة أن النساء أٌقل ذكاءً من الرجال، ولحسن الحظ، كانت النتيجة بأن معظمهم لا يتفق مع هذه الصورة.

ولتأكيد على ذلك، طلب الباحثين إعادة إجراء اختبارات تقيس نسبة التحيز الضمنية، أو الصور النمطية السائدة والتي تحمل تأثيرات على قرار هؤلاء الأشخاص، وبعد إجراء الاختبارات اتضح أن هناك أكثر من 50% منهم أظهروا بعد الدلائل على أن الرجال أكثر ذكاءً ودهاءً من النساء.

تمثيل المرأة في المجتمع

بسبب هذا التحيز، أصبح للمرأة دوراً ضعيفاً في المجتمع، فقلّ تمثيلها في العديد من المجالات التي تحتاج إلى قدرات كبيرة من التفكير، وحدة من التركيز والذكاء، كمجالات التكنولوجيا، والرياضيات، والهندسة، وفقاً للدراسة.

لم يقتصر الأمر فقط على هذه المجالات، بل امتد ليشمل مجالات أخرى، كمجال السياسية، والتنمية البشرية، وإدارة الأعمال، ووفقاً لأستاذ علم النفس المشارك في الدراسة “أندريه سيمبيان”، أشار إلى أن الناس تنسب الذكاء والعبقرية إلى الرجال أكثر من نسبها للنساء، كما وأكد على أن الصورة النمطية اليوم عن الناس أصبحت ثابتة لا يمكن تغييرها.

الجدير التنويه عليه هنا، على الرغم من قلة مشاركة المرأة في المجالات التي تحتاج إلى قدرات عقلية كبيرة، وذكاء كبير وفقاً للدراسة، إلا أن هناك مجالات أخرى في الحياة، أبدعت فيها المرأة وأثبتت أحقيتها وقدرتها الكاملة على إبراز نفسها ومواهبها أكثر من الرجال، ففي المجال الرياضي، نجد أن هناك مجموعة من النساء سطرت تاريخ كبير من الإنجازات عجز عنه العديد من الرجال، منهم “نعومي أوساكا” لاعبة كرة التنس، أدخل الآن إلى Reyadanews.com للتعرف أكثر على إنجازات المرأة في المجالات الحياتية المتنوعة.

ما المقصود “بالتحيز الضمني”؟

أردفت أستاذة علم النفس “تشارلزورت” في جامعة “هارفارد” وأحد المشاركين في الدراسة إلى أن التمسك بمقياس “التحيز الضمني” أمراً بالغ الأهمية في علوم النفس الاجتماعية، وذلك لدوره الكبير في الكشف عن ما يمتلكه الفرد من أفكار، إضافة إلى القدرة الكبيرة لتوضيح الثقافة المحيطة بنا، والتي لها أثار كبير في التأثير على أفكارنا وبدون وعي، مؤكدة على أن “مقياس التحيز” تقوم على العلاقات التي يتم تجميعها كل يوم من البيئة المحيطة.

كما وأشارت “تشارلزورت” إلى أن وجود علاقة مرتبطة بين الذكور والعبقرية، والإناث والذكاء في الثقافات المختلفة حول العالم، قد يساعد علماء النفس الاجتماعيين بشكل كبير لفهم ما هو السبب وراء ضعف تمثيل المرأة في الكثير من المجالات التي تحتاج إلى الدهاء والعبقرية.

كيف يُمكن التغلب على “التحيز الضمني”؟

في الحقيقة، تغيير الصورة النمطية عن الناس وجعلهم يلجؤون إلى صور نمطية أخرى، ليس بالأمر الهين، ولكن مع مراقبة ذاتك أكثر وأكثر، وتغيير نظرتك لمن حولك، ولغتك، وتفسيرك للأمور التي قد تترك أثراً على أفعالك بشكل إيجابي، والتمثيل المتباين في برامج التلفاز والإعلانات، والأفلام، قد يساهم نوعاً في تغير “الصورة النمطية الضمنية” عن الناس.

الدكتورة “جويوركابا” أحد مختصي الصحة العقلية، نشرت مقال لها على الموقع الإلكتروني “Very Well Mind“، استطردت فيه أن هناك مجموعة من التجاوزات الضمنية المرتبطة بالدخل، والموقع، والثقافة، والعرق، والجنس، واللون، والعديد من الأشياء الأخرى، وأكدت بأن جميع الناس لديهم تحيز ضمني لهذه التجاوزات، حتى لو لم يُبين الشخص ذلك، وفي كثير من الأحيان، تؤدي هذه التحيزات إلى تمثيل الأشخاص أصحاب البشرة الملونة وتهميش الأشخاص الآخرين في المجالات المختلفة؛ كما أن هذا التحيز قد يرفع معدل الجريمة.

ما الواجب فعله؟

يردف أحد الباحثين أنه يتطلع إلى فهم واستيعاب كيف تركت المعتقدات أثاراً حول ما هو مطلوب للازدهار والتطور على التنوع في مجالات الحياة الأكاديمية، وبدورها قالت “تشارلزورث” إنها الآن تعمل على تقييم عدة برامج تلفازية، وكتب أكاديمية، ومحادثات رقمية من أجل الوصول إلى نتائج علمية دقيقة للتعرف على مدى انتشار “الصورة النمطية” في اللغة المتداولة في العالم.

وبدورها ترى “تشارلزوث” أن إعطاء المرأة القيمة الاجتماعية التي تحتاجها وتمثيلها في العديد من مجالات الحياة التي تتطلب الذكاء والدهاء كمجالات التكنولوجيا، والعلوم، والرياضيات، والمعادلات الكيميائية، لن يُغير الصورة النمطية عند الناس، والتي غالباً ما تترسخ لديهم في سن مبكر بفضل الثقافة التي تحيط بهم، وأكدت على أننا بحاجة لعمل أشياء عديدة ضمن نطاق المجتمع، من خلال نشر الوعي عبر الأفلام، والإعلانات، والملصقات في كل مكان، وإلغاء تلك الأفكار المسمومة التي تقلل من قيمة المرأة داخل المجتمع، ووضحت أيضاً إلى أن أولئك الناس الذين يعملون في الوسط الأكاديمي يُمكنهم مد يد العون من أجل إيقاف كافة الأصوات التي تندد بالتحيز، مؤكدة على دورهم الفعال وصوتهم المسموع وقدرتهم على إقناع غيرهم بضرورة دحض فكرة التحيز، وإعطاء المرأة مساحة أكبر للمشاركة في مجالات الحياة المتنوعة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*