“التيك توك” التطبيق الأخطر على الشباب

لو حاول الأهل أن يتعرفوا إلى ما يأسر أبنائهم المراهقين لساعات طويلة داخل هواتفهم المحمولة، بعيون محمرة وانشداد ذاهل، سيجد أغلب أولئك الآباء أن تطبيق “التيك توك” هو ذاك الساحر الذي سلب الاهتمام.

ولو توقف الأهل ليدققوا في ماهية هذا التطبيق الذي يستحوذ على جل وقت المراهقين، لما وجدوا فيه أية فائدة أو شيئا يبرر تميزه عن باقي تطبيقات التواصل الاجتماعي، بل العكس تماما، فهو تطبيق يسمح للمراهق، وهو المستهدف الأول من قبل إدارة التوك توك، بمشاركة مقاطع مصورة برفقة أغاني أو أصوات أخرى فيما يقوم المستعمل بمحاكاة الأغنية أو أداء رقصات عبر أنغامها، وقد يستعمل صوته الحقيقي كذلك.

تثير المقاطع المصورة للبالغين لدى رؤيتها السخرية من سذاجة المحتوى، وحركات المشاركين، لكن هذه السخرية تتحول لدى الشبان أو الأطفال إلى جاذبية في تفحص حركات المشارك، وإثبات نفسه واستعراض مواهبه، وهو ما يدفعه بدوره إلى مشاركة مقاطع شخصية له كذلك الأمر.

مشاركة المقاطع المصورة أمرا في غاية السهولة، إذ يكفي أن تسجل مقطعا بوقت 15 ثانية بالطريقة التي ترغب بها، ثم نشره، كما يمكنك التحكم فيمن سيشاهد هذا المحتوى.

يقلل الكثير من أهمية التيك توك، لكن المتتبع لسرعة انتشاره، واستحواذه على المراتب الأولى في منافسة وسائل التواصل الاجتماعي، يدرك مدى خطورته على شريحتي الأطفال والمراهقين بشكل خاص، لا سيما بمحتواه المفرغ من أي معنى سوى الاستعراض الجسدي.

يعرف التيك توك بأنه منصة للتواصل الاجتماعي، تقدم محتوى مصور، وتستهدف فئة الشباب والمراهقين، وقد حقق انتشارا هائلا خلال ثلاث سنوات من انطلاقه في عام 2017، وهو النسخة الأحدث من تطبيق أقدم كان باسم ميوزكلي.

تمكن التطبيق الذي يتخذ من بكين مقرا لإدارته، من جني أكثر من مليار دولار خلال فترة الثلاث سنوات، متجاوزا تطبيقات كل من الانستغرام والفيس بوك وسناب شات ويوتيوب معا، وهم أكبر المسيطرين على منصات التواصل الاجتماعي، ليحقق في شهر تموز من العام الفائت أكثر من 500 مليون مشترك، كما بلغت عمليات التحميل له أكثر من 6 ملايين تحميل في الولايات المتحدة الأمريكية فقط.

واتهمت مجموعة حقوقية مؤلفة من 20 منظمة تطبيق التيك توك بانتهاك قوانين حماية الأطفال دن سن 13 عاما، وذلك عبر تلكؤه باتخاذ أي إجراءات ملموسة لحماية الأطفال والقصر.

وأكدت المجموعة أن إدارة التطبيق لم تف بوعودها التي قطعتها من العام الماضي، إضافة إلى عدم توفيرها لأي أدوات تساعد في حماية الأطفال والقصر من الانتهاكات التي يتعرضون لها.

وتعود التهم الموجهة إلى تيك التوك باستغلال المعلومات الشخصية للأطفال دون سن 13 عام، دون موافقة ذويهم، واستغلال تلك المعلومات في خدمات أخرى، يمكن أن يتم استغلالها ضد الأطفال وتعريضهم للخطر، بما تحتويه تلك المعلومات من صور وأسماء ومواقع جغرافية.

وفي بيان الاتهام قال جوش جولين، المدير التنفيذي لحملة الطفولة الحرة التجارية: “لسنوات، تجاهلت تيك توك، قانون خصوصية الأطفال، وبذلك حوصرت ربما ملايين الأطفال دون السن القانونية في أجهزتها التسويقية، مما يعرض الأطفال لخطر الافتراس الجنسي”.

وسددت إدارة التيك توك غرامة بقيمة 5.7 ملايين دولار أميركي إلى “لجنة التجارة الفيدرالية” عام 2019، بسبب جمع المعلومات الشخصية من الأطفال دون سن 13 عاماً، وهو انتهاك لقانون حماية خصوصية الأطفال عبر الإنترنت.

الشعبية الكبيرة التي يحوزها التطبيق الصيني في الولايات المتحدة الأمريكية دفعت إلى اعتبار مسؤولين أمريكيين أنه يشكل خطرا على الأمن القومي الأمريكي.

البحث عن الشهرة سبب انتشار التيك توك
رغم توصيف التيك توك بأنه شبكة تواصل اجتماعي إلا أن اللافت أن العلاقة بين مستخدميه لا تحتوي على لمسة اجتماعية وبشرية، بل إن المحتوى المنعدم من اللمسة الإنسانية هو السائد، في تماه واضح من التطبيق بتنمية حب الظهور والشهرة لدى المشاركين، فيزيد بذلك من عزلة الأطفال والشباب.

ولزيادة عدد المتابعين تلجأ الكثير من الفتيات لاستعراض مفاتنهن، لغياب أي مؤهلات أخرى ما يعرضهن لمخاطر كثيرة، كذلك ما يسلكه الكثير من الشباب في الابتذال في استعراض ذواتهم.

يتساءل الكثيرون من المهتمين بشؤون الشباب ومن بينهم الأهل حول مستقبل أبنائهم ومآلات شغفهم، وحول الثقافة التي سيمتلكونها غير الرقص ومحاكاة الغناء والحركات الاستعراضية، في ظل تطبيقات تجرهم إلى درك التفاهة المحضة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*