بعد 95،1%.. أي عالم تافه هذا الذي نعيش فيه

في تماد بالكذب والوقاحة، وتفوق على الذات بالنكاية والحقد، لم يقبل الأسد بنسبة تقل عن 95% من أصوات السوريين، وبتحد الفاحش نذل، يزيد من امتهان حتى مناصريه، فضلا عن إهانة العقل البشري، يوغل الأسد بالكذب المكشوف كأي جبان حين يمنع بالقسوة.

وبحسب الكذب الرسمي فإن ما يزيد عن 13 مليون سوري قد صوتوا للأسد من أصل 18 مليون سوري يحق لهم التصويت، وبهذا فإن قسماَ من المهجرين والنازحين والمعارضين قد شارك بقدرات النظام السوري الخارق في التصويت لمن هجره، ولا يهم بالنسبة للنظام إن كانت النسبة مبالغة فيها، بل بحسب طريقة تفكيره يجب أن تكون مبالغة فيها، حتى يدرك الجميع بمن فيهم الدول الغربية والمناصرين له قبل المعارضين، أنه قادر على خلق الواقع الذي يريده دون اعتبار لأي حقيقة مهما كانت بديهية.

وبعد توالي بيانات الاستنكار الغربي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، والتي سمحت إحداها بإجراء الانتخاب في السفارة السورية بباريس، ومشاركة رفعت الأسد بكل خيلاء بالاقتراع على ابن أخيه، في عاصمة الحرية والإنسانية الغربية، بعد كل هذا يبقى الأسد قابعا في عرينه بدمشق يتشدق بمفردات النصر والتنظير، معيدا مجد الديكتاتورية التي لا تمس، وضاربا بكل مبادئ الإنسانية عرض جدران المجالس الأممية والدولية، ليعطي درسا موجعا لازدواجية السياسة الغربية التي لم تقرن قول التنديد والاستنكار بسياساته بفعل يعبر عن صدق تلك الأقوال، ليثبت المجرم في دمشق زيف الشعارات الغربية حين لا تدعمها المصالح.

يتناقل السوريين مقاطع مضحكة عن عمليات الاقتراع التي جرت في مناطق سيطرة النظام، ليثبتوا لأنفسهم قبل أن يفكروا بانتقاد العملية الانتخابية، أن ثورتهم كانت لازمة، ومحقة، وأن ما جرى من صفاقة في الانتخابات دليل أكيد ونهائي على أن هذا النظام لا يمكن التعايش معه.

ومن المحتمل أن تكون مظاهر البطش والاستعراض الذي أجراه النظام على مناصريه وسكان مناطق سيطرته، سببا في تعزية ومواساة النازحين وسكان الخيام والمهجرين في الشمال، كما أنه من المؤكد أنه كان سببا للشكر على الخروج من سوريا لمن أسعفه الحظ وغادرها، متأملا أن لا يعود إليها والأسد على رأسها.

واليوم وبعد زوال الفرصة بالتغيير أمام السوريين، ماذا تبقى في سوريا لمن هم في مناطق سيطرة الأسد، غير ذل الطوابير والحاجة، وغير تنمر أزلام النظام وسطوة أجهزته الأمنية والعسكرية، ماذا تبقى لهم غير الصبر على الكذب الرسمي والرقص على صرخات جلاديهم، ماذا بقى لأطفالهم في السنوات القادمة، بعد أن سلبهم الأسد حتى أمسهم وحلمهم الضائع.

في الضفة الأخرى،

ما مصير المهجرين والنازحين في الشمال السوري، هل بات عليهم زراعة الريحان حول الخيام في إشارة إلى طول المقام، وهل بات عليهم أن يعززوا من خرق المخيمات ببعض الحجارة، تأسيسا لمخيماتهم المستقبلية كحال كل من سبقوهم من الشعوب المغلوبة في مخيماتهم المؤقتة التي ما لبثت أن تحولت لعشوائيات يرتع فيها البؤس والألم؟

سنبارك للسوريين الموالين فوز الأسد، وندعو لهم بأن يطيل أمد حكمه عليهم، ليس نكاية بهم، بل ليدركوا أن لا مستقبلاَ لإنسانيتهم أو أطفالهم يمكن أن يكون معه، كما يحق لنا أن نبارك لـ “بوتين وباراك أوباما، وجون بايدن، وماكرون”، وغيرهم من زعماء العالم، بفوز زميلهم الأبدي، والذي يبدو أنه سيبقى حين يرحلون عن السلطة، وربما يرحل من سيأتي بعدهم وهو موجود، لكن يحق لنا أن نسألهم أيضاَ، أي عالم تافه هذا الذي نحن فيه؟.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*