رئيس المجلس الأعلى لقيادة الثورة سابقا “محمد سعيد سلام”: أي تنازل سياسي الأن سيعيد الاستبداد مجددا

خاص زيتون 

• شعبنا في الداخل أدرك تماما أن العمل الفصائلي عاجز عن تحقيق أهداف الثورة، وأن هذه الفصائلية لم ولن تجدي. • كيف يمكن لاستبداد متمكن في المنطقة لا يقل استبدادا عن استبداد النظام السوري أن يكون نصيرا وصديقا للشعب السوري في ثورته، هذا خلل في الوعي السياسي وفي العمل السياسي على حد سواء. • كونك ثورياً من العيار الثقيل، كونك ممن يرفضون العصابة، لا يعني أنك جزءً من العمل السياسي

رئيس المجلس الأعلى للثورة السورية سابقا محمد سعيد سلام

يعاني العمل السياسي الذي رافق الثورة السورية من تخبط أدى إلى تراجع وانتكاسات أوصلته إلى مرحلة الارتهان إلى الخارج، وربما يعود ذلك التخبط إلى قلة الخبرة والدراية السياسية حين تصدر المشهد السياسي أشخاص من غير المختصين بالعمل السياسي، عن معنى الواقعية السياسية والأمر الواقع، وعن علاقة الفصائل بالسياسة، والعمل السياسي في المناطق المحررة في الداخل السوري التقينا مع “محمد سعيد سلام” أول رئيس للمجلس الأعلى لقبادة الثورة السورية والمستشار لرئاسة الحكومة السورية المؤقتة سابقاً، وأحد مؤسسي تجمع أحرار دمشق وريفها إضافة إلى تأسيس المجلس الأعلى للثورة السورية الذي يعد أحد أهم الحوامل الثورية للعمل السياسي في المجلس الوطني، وكان الحوار التالي:

 

– لو كان أداء المعارضة السياسية أفضل سابقا هل كان للثورة وضعا أفضل الأن برأيك؟
علينا دائما أن نرفع من قيمة الأداء والفعل السياسي ومدى تأثيره على أي ساحة من الساحات وأي جغرافية في سوريا أو سواها، لا سيما عندما يكون هناك حدث مفصلي كالثورة السورية، وبرأيي لو كان هناك مجموعة سورية تمتهن العمل السياسي بدقة، وتفهم الوضع الإقليمي بشكل جيد، وتدرك حجم تأثير الثورة السورية، كان وضع سوريا أفضل مما هو عليه الآن .

 

– هل ترى أن العمل السياسي بالداخل السوري ذا تأثير وفاعلية أم أنه مسلوب القرار بحكم سيطرة الفصائل المسيطرة؟
في البداية قامت الفصائل بإفراز مكاتبها السياسية والتي لا يوجد أي معنى لأدائها السياسي بالعموم إلا الاسم، وكانت هذه المكاتب قد شكلت حالة تبعية للقائد العسكري الغير كفوء للعمل السياسي، ولا يمكن ممارسة أي عمل سواء أكان طبيا أو تعليميا أو غيره من قبل غير المختصين، فما بالك بالعمل السياسي، وفي ابتداع الفصائل للمكاتب السياسية كانت تقلل من قيمة العمل السياسي بشكل كبير جدا، وقد تم تشجيع هذه الفصائل منفردة ومجتمعة من قبل أطراف دولية وإقليمية على إنشاء هذه المكاتب.
ولو أن الفصائل بقيت على الجانب العسكري ولم تتدخل بالعمل السياسي، كان للعمل السياسي أن يتطور بشكل كبير داخل الأطر المدنية والثورية في الداخل السوري أفضل مما كان، من جانب آخر الأفراد والقوى المدنية قصرت كثيرا فيما يتعلق بهذه النقطة، فقد كان عليها أيضاً أن تمارس العمل السياسي، وأن تكون لصيقة جدا بالحاضنة الشعبية، وتكشف عما يدور حولها من قضايا، ليرتفع أداء المستوى السياسي، وتفرز كما أفرزت في المرحلة الأخيرة بعض الهياكل السياسية.

يجب أن يكون العمل السياسي مقدم على العمل العسكري بكل المعاني، العسكري ليس له إلا أن يكون مصدر حماية للشعب وللأرض وللمنتج الشعبي السياسي، أي حالة عسكرية مهما كان أصحابها يتمتعون بنزاهة وكفاءة غير مسموح لها أن تمارس العمل السياسي أثناء عملها العسكري.

 

– العمل العسكري لا يمكن أن يكون موازيا أو مسيطرا على العمل السياسي بل على العكس هل هذا الكلام صحيح؟
لا يوجد سوى خيار واحد، وأي خيار ثاني عملياً لا نستطيع أن نرتقي بمجتمعاتنا أو نتجاوز الحالة الراهنة أو السابقة، تم إفراز الدول الوطنية بعد حركات التحرر الوطني، التي جاءت نتيجة ثورات حسب الادعاء العام، وهو ادعاء غير صحيح ولم يكن هناك ثورات بالمعنى الحقيقي، سوى الثورات التي قامت على المحتل الفرنسي والبريطاني والإيطالي، وعقب التحرر من المحتل خضعت بعض البلدان لحالة ديمقراطية وأفرزت حالة سياسية كان راسها بدون منازع سوريا، ثم تم تجاوز هذه المرحلة والانقلاب عليها من خلال تكرار تجارب انقلابية حدثت في بعض البلدان بانقلابات عسكرية وبرتب متدنية على الشأن العام وأصبح هؤلاء العسكريون هم الذين يحكمون ولم تحكم بلادنا العربية إلا ثلة عسكرية برتب صغيرة جدا وسيطرت المؤسسة العسكرية تباعا على القرار السياسي والعمل السياسي بشكل كامل مع المؤسسة المخابراتية ولذلك كنا في العلاقة مع المحيط الإقليمي والدولي متراجعين إلى الخلف بسبب منع الشعب من ممارسة دوره السياسي بشكل ديمقراطي .

واليوم عقب الثورة السورية وأثناءها يجب أن يكون العمل السياسي مقدما على العمل العسكري بكل المعاني، العسكري ليس له إلا أن يكون مصدر حماية للشعب وللأرض وللمنتج الشعبي السياسي، أي حالة عسكرية مهما كان أصحابها يتمتعون بنزاهة وكفاءة غير مسموح لها أن تمارس العمل السياسي أثناء عملها العسكري.
واي تنازل منا الآن عن هذا المعنى سنعيد عملية إنتاج الاستبداد وسطوة الحاكم وتحكمه بمفاصل القرار باستبداد آخر، كما لا يمكن أن يكون السياسي على يمين العسكري، العمل السياسي أولاً، وللعسكري مكانه ومجاله.

حين نطالب بتوحد الفصائل وإبقاء العمل لما هو عليه عمليا نحن نعيش حالة وهم.

 

– قلت في أحد مقالاتك المنشورة أنك لست مع توحد الفصائل أو بطريقة توحدها لماذا؟
التوحد دائما أمر مطلوب، وهو يعتبر إيجابي، لكن المشكلة حين نطالب بتوحد الفصائل وإبقاء العمل على ما هو عليه فاننا عمليا نعيش حالة وهم، لأن التوحد يجب أن يكون نابعا من فكرة سياسية تؤمن هذه الفصائل بالانضواء تحتها، أو تعمل تحت قيادتها، فإذا دعونا إلى توحد الفصائل دون أن تكون هناك مظلة سياسية حقيقية، نكون بذلك نكرس الواقع بكل أخطائه ونعيش وهم التغيير ، والدليل على ذلك عجزنا عن الوصول لتوحد الفصائل، وذلك لما تحمله الفصائلية من فكرة أن كل فصيل قادر على قيادة البلاد بمفرده، بعيداً عن الفصائل الأخرى، وأي فصيل مهما بلغ حجمه من الصغر أو الكبر كانت تسيطر عليه هذه الذهنية، والتوحد بالنسبة له هو انضمام باقي الفصائل تحت قيادته ورايته، وإن حدث ذلك سيكون لدينا بعد التوحد فصيل كبير دون أن يغير شيئا على أرض الواقع أو الأداء العسكري.
أما في حال وجود فكرة سياسية حقيقية تدعو إلى توحد العمل العسكري كجزء يتبع لهذه الفكرة الأساسية، يمكن إنجاز شيء مختلف، وذلك بعد تبعية العمل العسكري للعمل السياسي، الءي يتيح المجال امام منظمات المجتمع المدني، إلى جانب وجود قضاء مستقبل، مع استمرار العملية التعليمية، وكل هذه القضايا والجوانب يجب أن تكون متناغمة مع أصل الفكرة السياسية والجميع منطوي تحت مظلة سياسية تكون قادرة على رعاية القرار، وهو ما لم نستطع إنجازه، ولا بديل للثورة السورية عن إنجازه حتى بما نحن عليه.

أي تجمع سياسي يقول إن العمل السياسي محتكر له لأنه على الأرض، فذلك يدل على نوع من الضعف السياسي الشديد لديه.

 

– تقول بضرورة العمل على الوعي السياسي لدى السوريين كي يتمكنوا من اختيار قيادة سياسية، لكن مع وجود الشرخ بين الشعب في الداخل والذي تم السيطرة على قراره من قبل الفصائل المسيطرة وبين الأجسام والأفراد العاملين على العمل السياسي القادرين على تقديم الوعي السياسي، كيف يمكن بناء وعي سياسي لدى شريحة واسعة؟
إقرارنا بوجود نخبة سياسية فيه نوع من تجاوز الواقع، برأيي حتى الآن لا توجد نخبة سياسية، ولكن هناك أفراد قادرين على العمل السياسي، لكنهم لم يستطيعوا بعد أن يلموا شتات أنفسهم، وأن يجتمعوا ضمن بوتقة معينة، ويقدموا أنفسهم للشعب السوري ضمن رؤية سياسية.
اليوم شعبنا في الداخل أدرك تماما أن العمل العسكري بالعقلية الفصائلية عاجز عن تحقيق أهداف الثورة، وأن العمل الفصائلي لم ولن يجدي، على أهمية تضحيات أبنائنا المنضمين لها، وهو ما لا يمكن أن نتعالى عليه أو ننكره، لكن هذا لا يلغي أهمية الوعي السوري على أن هذا العمل البطولي يختلف عن العمل السياسي في القيادة. 
الوعي اليوم مستقر بأعماق الناس، والترجمة الحقيقية يجب أن تكون من أفراد يدركون ذلك ويحاولون إيجاد نواظم معينة فيما بينهم، ليصبحوا وجها لوجه مع الشعب السوري، وهنا تكمن مهمتنا في الترجمة السياسية لذلك.
بمجرد أن نبدأ بتقدير أهمية العمل السياسي، ونستطيع العمل بموجبه على الأرض، نكون قادرين على الاستقلال بقرارنا عن المنظومة الدولية التي كانت تدعم دائما منظومة الاستبداد ضد الحريات والديمقراطية وضد العمل السياسي.

 

– يوجد الكثير من التجمعات السياسية في المناطق المحررة في سوريا، هل يمكن البناء على هذه التجمعات كنواة للعمل السياسي؟
أي عمل ضد العصابة الحاكمة بالمعنى العسكري يجب أن يكون على أرض سوريا، وأي استهداف للاحتلال المتعدد وادواتهم يجب أن يكون على أرض سوريا، أما فيما يتعلق بالعمل السياسي فمن أكبر الأخطاء أن نبقى محكومين لثنائية داخل وخارج سوريا فيما يرتبط بالعمل السياسي تحديداً، لأن العمل السياسي يقوم على الفكرة التي تثبت ضرورة الأرض، لكن أن نحصر العمل السياسي داخل نطاق أرض خطأ، لأننا في وقت ليس فيه دولة أو استقرار وأمن، وهو ما ينفي إمكانية العمل السياسي من الداخل، بالنسبة لوضعنا كسياسيين سوريين. 
ونظرا للتجاذب الدولي الكبير والحالة الفصائلية ووجود جماعات راديكالية لها ارتباطات خارجية، من المهم جدا فيما بيننا على الأقل على مستوى النخبة، أن نخرج خارج هذه الدائرة، وأن نثبت أننا معنيين بفكرة السورية بعيداً عن كل الارتهانات الإقليمية والدولية.
وأي تجمع سياسي يقول إن العمل السياسي محتكر له لأنه على الأرض، فذلك يدل على نوع من الضعف السياسي الشديد لديه، والسبب لأن التواجد على الأرض المحررة لم يعطك إمكانية إصدار القرار، ولا تستطيع أن تقف في وجه بعض الفصائل في بعض القرارات، وبهذه الحالة تكون التجمعات الموجودة في الداخل عبء على العمل السياسي ككل، وواجب على الجميع أن نخرج من دائرة التمحور في العمل السياسي في الوجود على الأرض، لأنك محكوم لفكرة
والعمل هو كيف يمكن لك أن تنجزها على أساس مبادئ وليس على أساس وجودك على جغرافية، وهذا طالما ان الدولة غائبة أو الجزء الجغرافي الحر.

ليس من حق أي دولة أن تقول لأشخاص تعالوا لننشء منكم قيادة للثورة، هذا يناقض أبسط مقومات العمل السياسي القائم بداية على السيادة .

 

– إلى أي حد يعتمد العمل السياسي على القاعدة الشعبية، وكيف يمكن بناء العلاقة بين القيادات السياسية والقواعد الشعبية بوجود هذا الشرخ بين الجهتين؟علينا أن نفرق بين مصطلحين وهما الوعي السياسي والعمل السياسي، الوعي السياسي مطلوب من نسبة كبيرة من الشعب في أي مكان بالعالم، حتى يستطيع حماية أهدافه ووجوده ومكتسباته، لأنه في حال افتقار الشعب للوعي السياسي فلا يستطيع التمييز بين عمل سياسي وآخر، وبين قيادة سياسية وأخرى.
العمل السياسي مثله مثل أي تخصص آخر، لا يمكنك أن تطالب نسبة كبيرة من الشعب أن يقوموا بالعمل السياسي، وذلك لما يتطلبه من مقومات ومؤهلات ويجب أن يمارسه مختصون به، الأن الوعي السياسي موجود إلى حد معين عند شريحة جيدة من السوريين، المطلوب الأن ممن يرون في أنفسهم أهلية العمل السياسي أن يزيدوا جرعة الوعي السياسي عند الشعب السوري، إذ كيف يمكن لاستبداد متمكن في المنطقة لا يقل استبدادا عن استبداد النظام السوري أن يكون نصيرا وصديقا للشعب السوري في ثورته، هذا خلل في الوعي السياسي وفي العمل السياسي على حد سواء.

 

– ما الأسباب وراء هذا الضعف في الأداء السياسي والثوري؟
التوصيف الصحيح للأجسام السياسية الحالية هي أنها مصنوعة صناعة، اخر نسخة من الجسم السياسي المسمى بهيئة المفاوضات تم دعوته من قبل المملكة السعودية فرداً فرداً، وهو نفسه خارج سياق المعايير التي تم انتقاؤه على أساسها، بالإضافة إلى دعوة ما يسمى بالمنصات خارج نطاق الشعب السوري والتي هي بالأساس لا ترى في الثورة أنها ثورة، وهي تشارك العصابة الحاكمة روايتها ورؤيتها حول الثورة، كمنصة موسكو وقليلا من منصة القاهرة، وبعض الأشخاص المستقلين، وليس من حق أي دولة أن تقول لأشخاص تعالوا لننشىء منكم قيادة للثورة، هذا يناقض أبسط مقومات العمل السياسي.

الحل أجده بسيطاً جداً وصعباً للغاية، لكنه ليس مستحيلا بل يحتاج إلى إصرار، وهو رفض ونزع الشرعية عن فريق الواقعية السياسية باعتباره أحد أهم أدوات المحتلين، وفرز الفريق السياسي المقابل.

البديل الحقيقي لا بد أن يخضع لفترة زمنية لعملية الظهور لشخصيات سورية يمكن أن يتصدروا العمل السياسي، ويمكن أن يقودوا العمل السياسي، كم نحتاج من زمن حتى يتم هذا الظهور؟ يمكن أن نبدأ من الأن ريثما يتم العمل على جسم حقيقي، وأن يتداعى بعض الأشخاص الذين يرون في أنفسهم كفاءة سياسية ويملكون الجرأة الأدبية وزمام المبادرة بأن يقوموا بتوجيه الوعي السياسي ويطرحوا آراءهم السياسية للشعب السوري وجها لوجه، فيما يقوم به هذا الجسم السياسي وفيما تقوم به هذه الدول، هذا العمل من هؤلاء الأفراد سيساعد كثيرا في ظهور هذا الجسم السياسي لاحقاً.
ومن المطلوب من الجهات الإعلامية وغيرها من الجهات أن يكون لها دور فاعل في عملية التظهير والتبريز السياسي أمام الشعب السوري لأشخاص يرونهم قادرين على العمل السياسي، رغم عدم قدرة هذه الجهات على العمل السياسي، وبهذا الشكل يكون هناك تكامل جيد.

 

– ما الذي استجد حتى أمكن الآن إظهار وإبراز شخصيات سياسية عما مضى خلال السنوات السبع الماضية؟
لقد طرأ الكثير من المستجدات، فقد كان هناك الكثير ممن يتصدرون المشهد السياسي ويرون في الدول ظهيراً حقيقياً لهم، وكانت نسبة كبيرة من الشعب السوري تشاركهم الرأي، لكن الأمر الآن اختلف بالنسبة للكثير من السوريين.
في السابق كان لدى الفصائل فكرة أنهم من الممكن أن يعوضوا عن الجسم السياسي بالعمل العسكري، ومن هنا كانت مشكلة أستانة، إلا أنها أثبتت لكافة الفئات بما فيها الفصائل ذاتها، عجز الفصائل عن ذلك وخطئها، بالإضافة إلى إدراك هذه الفئات والأطراف أن الفصائل جزء من المشكلة السورية في العمل السياسي.
أما الأمر الثالث فهو أن الشعب السوري بدأ يدرك أهمية العمل السياسي في مواجهة الدول وقيادة الشعب، وفي وقت سابق كنا نظن أن الكثيرين من الأشخاص حولنا قادرين على العمل السياسي، ولكن ليس كل إنسان ثوري وبطل يمكن أن يتصدر للعمل السياسي. 
كونك ثورياً من العيار الثقيل، كونك ممن يرفضون العصابة، لا يعني أنك جزءً من العمل السياسي، وهنا فرق بين العمل والوعي السياسي، هذه الفكرة يجب أن تكون واضحة، ونحن في يوم من الأيام كنا نتبنى هذه الفكرة، ونحن إلى الآن لا نقدر الصفة التي نمنحها للآخرين، فمن يمنح صفة للآخر يجب أن يحترمها فيه.

 

– قمت بالتمييز ما بين الواقعية السياسية والأمر الواقع، هل يمكن توضيح الفرق بينهما سياسياً؟
الواقعية السياسية هي القبول بالأمر الواقع دون محاولة تغييره، وتحييد جميع الإمكانات المحتملة، وإلغاء الزمن، وإضفاء الشرعية على القتل والاحتلال والاغتصاب والتهجير والتشريد، والتنكر للدماء والتضحيات وقيم الحرية والعدالة.
أما الأمر الواقع فهو الاعتراف بما هو قائم مع تثبيت الإرادة وأهميتها، والزمن وقيمته، والقدرة المحتملة حالياً أو مستقبلاً على التغيير، والمواجهة وأثرها، وتمجيد التضحيات وإكبارها لما لها من أثر إيجابي على أصحابها وسلبي على المعتدي.
إن أغلب أفراد الأجسام السياسية القائمة هم من أصحاب الواقعية السياسية، من حيث سلوكهم أو من الميالين إليها، وهم من الرافضين بقوة لكل ما سوى واقعيتهم، رؤيتهم تقوم على التمرير، وأسلوبهم يعتمد على التسيير والتبرير، وإيمانهم بالدول لا بالشعوب، وهم بهذا المعنى لا يختلفون البتة عن العصابة الحاكمة المجرمة وسائر المستبدين، كانوا يرون ضرورة السماع لنصائح الأميركي، والتفاعل مع الروسي، وأقروا بالهدن المنفردة، وذهبوا إلى أستانة ودافعوا عنها بشراسة، وذهبوا إلى الرياض ورفضوا الخيارات الأخرى.
الحل أجده بسيطاً جداً وصعباً للغاية، لكنه ليس مستحيلا بل يحتاج إلى إصرار، وهو رفض ونزع الشرعية عن فريق الواقعية السياسية باعتباره أحد أهم أدوات المحتلين، وفرز الفريق السياسي المقابل، والعمل على ذلك بالتوازي.
في أستانة تم القبول بتقسيم المناطق المعزولة ليتم الاستفراد بها، وجعل كل منطقة تظن أنها بمنأى عما يجري في المناطق الأخرى، كيف تم الوثوق بالمجرم الروسي الذي جاء ومارس مستوى من الإجرام أكثر من بمرات عديدة من العصابة.

كيف تم الوثوق بالمجرم الروسي الذي جاء ومارس مستوى من الإجرام أكثر بمرات عديدة من العصابة.

 

– هل يمكن تقديم بعض النصائح للتجمعات السياسية لتطوير عملها؟

الأسبقية الثورية مهمة، لكنها حين ترشح أشخاص غير كفوئين، فإن هذه الأسبقية تكون ضد الثورة السورية، وهذا التفكير ما يزال يسيطر على بعض الأشخاص الذين يظنون -بسبب أسبقيتهم الثورية- أنه يحق لهم العمل السياسي، هذا يجب أن نتخلص منه، بالإضافة إلى الهيكلية المتناحرة التي تزيد من التفرقة والتشرذم، ولذلك فمن الأفضل أن يكون هناك أشخاص من أي تجمع من التجمعات يبحثون عن نظرائهم، بغض النظر عن المسمى وأن يبحثوا أيضا عن نظرائهم خارج الحدود، لأنهم يمكن أن يكونوا أكثر كفاءة منهم، المهم الشخص المناسب بغض النظر عن مسماه ومكانه الجغرافي فيما يرتبط بالعمل السياسي تحديداً.

 

– ما أهمية دور الشباب والمرأة في العمل السياسي وخصوصا مع الجذب العسكري الذي يطبق على الشباب السوريين؟
هذه من نتائج الواقع المرير، لأنه لو كان هناك مجموعة سياسية حقيقية، كانت قادرة على معالجة هذه القضايا، بشكل أولي لا يمكن معالجة هذه القضية، لكن يمكن أثناء العمل على إظهار المجموعة السياسية، الالتفات إليها، هناك جهد كبير أممي على أن تجعل من المرأة كونها مجرد أنثى ان تاخذ موقعا ودورا وهو ما يجب أن نتجاوزه لأنه خطأ كبير، فهل يعقل أن تطالب جامعة أن توظف امرأة لتدرس فيها باعتبارها انثى فقط. 
كما يجب على المرأة أن تكون قادرة على ممارسة العمل السياسي بشكل كامل وبإصرار تام منها.
بالنسبة للشباب يجب أن يتم ضخ الطاقات إلى جانب الخبرات التي يمكن أن تتكون بشكل تراكمي، فكل خبرة أقل تقدر الخبرة الأكثر، ولا تلغي الخبرة الأكثر الخبرة الأقل، لان هذا الإلغاء من صفة المستبدين.

 

تعليق واحد

  1. اوافقك و خاصة فيما يتعلق بأولوية و قيادة السياسة للعمل العسكري الذي هو اداة حمايه و دعم و ليس قيادة و اساسا نحن رفضنا الحكم العسكري … ثم نصبناه علينا … و فيما يتعلق بتعقيدات توحيد الفصائل فكيف يمكن توحيدها بعيدا عن ترتيب يتعلق بجيش وطني حقيقي …
    و كذلك بوهيمية فكرة نخبة سياسية و دور المراة
    شكرًا

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*