زعيم جماعة متطرفة وعنصرية: الأسد بطل عصري يواجه القوى الشيطانية

زار الزعيم السابق لجماعة “كو كلوكس كلان” العنصرية، دافيد ديوك دمشق في عام 2005 للتعبير عن تضامنه مع النظام السوري ضد الصهيونية والإمبريالية، وكثيراً ما أعرب عن تأييده لرأس النظام السوري بشار الأسد على الرغم من الحملة الشرسة التي يشنها ضد شعبه. ففي تغريدة له في عام 2017، قال ديوك: “إن الأسد بطل عصري يقف في مواجهة القوى الشيطانية التي تسعى لتدمير شعبه وأمته – فليبارك الرب الأسد.” وكثيراً ما تصدر مثل هذه المواقف المتعاطفة مع الأسد عن شخصيات تنتمي إلى اليمين المتطرف في أوروبا.

هذا ما ورد في تقرير نشرته صحيفة فورين بوليسي الأمريكية حمل عنوان “الأنظمة العربية هي الأشد كراهية للإسلام”، تحدثت عن الخطوات التي تتبعها الحكومات العربية لتشويه صورة الإسلام أمام العالم.

وجاء في التقرير الذي ترجمه موقع عربي 21 تحذير وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد بندوة عامة في الرياض حول الإسلاميين المقيمين في أوروبا، بقوله: “سوف يأتي يوم نرى فيه أعداداً أكبر من المتطرفين والإرهابيين الراديكاليين يخرجون من أوروبا بسبب انعدام الرغبة (لدى سياسيي أوروبا) في اتخاذ القرار، أو لأنهم يحاولون أن يتحروا الصواب السياسي، أو لأنهم يفترضون أنهم يعرفون الشرق الأوسط وأنهم يعرفون الإسلام، ويعرفون الآخر، أكثر منا بكثير”.

وأوضحت الصحيفة أن الرسالة كانت واضحة، ومفادها أن الزعماء الأوروبيين سوف يواجهون وباءً مستوطناً من التطرف الإسلامي إذا ما استمروا في التسامح مع وجود ما وصفه بالمتطرفين والإرهابيين الراديكاليين باسم حقوق الإنسان وحرية التعبير والديمقراطية.

وقالت الصحيفة أن هذا نموذج من ما تفعله الكثير من الحكومات العربية بتذكيتها للكراهية الموجهة للمسلمين كجزء من حملاتها التي تشنها ضد المعارضين لها في الداخل والخارج، كما وصلت بعض الأنظمة العربية في سعيها لتبرير القمع الذي تمارسه إلى أن تعقد تحالفا غير رسمي مع المجموعات والشخصيات المحافظة واليمينية في الغرب والتي لا شغل لها سوى نشر العنصرية والكراهية ضد الإسلام.

وأضافت أن الأنظمة العربية تنفق ملايين الدولارات على مراكز البحث والمعاهد الأكاديمية وشركات الضغط السياسي للتأثير على العواصم الغربية تجاه النشطاء السياسيين المعارضين لحكم هذه الأنظمة، والذين يغلب عليهم الطابع الإسلامي.

واتبعت الأنظمة العربية روايتها المفضلة في مواجهتها مع التطرف والتي تقدمها للدول الغربية عن ادعائها بمعاناتها هي أيضا من غدر الجهاديين المتطرفين، مقدمة خدماتها للعمل مع الغربيين في سبيل استئصال جذور الخطر الإسلامي المهدد للجميع.

وذكرت الصحيفة أن الأنظمة الاستبدادية في المنطقة تولي عناية فائقة للدوائر المحافظة المتطرفة في الغرب التي يعتقدون أنها تميل نحو تبني أجندات معادية للإسلام والمسلمين، ورغم اختلاف اهدافهما السياسية إلا أن الشراكة يمكن أن تكون مفيدة للطرفين.

وفي حديث له مع قناة فوكس نيوز بعد شهر واحد من الندوة الحوارية التي عقدت في الرياض في عام 2017، قال وزير الخارجية الإماراتي: “عندما نتحدث عن التطرف فإن العتبة التي ننطلق منها منخفضة للغاية. ولا نقبل التحريض ولا التمويل. ترى كثير من الدول أن تعريف الإرهاب يقتضي أن تحمل سلاحاً أو أن ترهب الناس. أما بالنسبة لنا فهو أبعد من ذلك بكثير.”

تتجاوز مثل هذه الحملات التي تقوم بها الحكومات العربية الجهود التي يقصد منها ببساطة تفسير التهديدات المحددة التي يشكلها الإسلاميون. ما يفعلونه بدلا عن ذلك هو أنهم كثيراً ما يمارسون تكتيكات يقصد منها التخويف لتضخيم التهديد وخلق مناخ يصبح فيه التفكير ببديل لتلك الأنظمة أمراً غير وارد ولا يجوز التفكير فيه من وجهة نظر صناع القرار السياسي في الغرب. بالإضافة إلى ذلك، تمكن مثل هذه البيئة تلك الأنظمة من قمع المعارضين داخل البلاد في مأمن من المساءلة أو المحاسبة. ويصبح الإرهاب في هذه الحالة هو المصطلح الذي من خلاله يبرر العنف.

ويرى التقرير أنه بينما تواجه هذه الأنظمة المزيد من الضغوط، تجدها تلجأ أكثر فأكثر إلى التخويف من التطرف والإرهاب سعياً للحصول على التأييد. فعلى سبيل المثال، وحيث بدأت البلدان الأوروبية تزيد من جرعة انتقادها للمملكة العربية السعودية في العام الماضي بعد تصاعد أعداد الضحايا في حرب اليمن، وبسبب سجن النساء ثم مقتل صحفي الواشنطن بوست جمال خاشقجي، توجهت الرياض نحو اليمينيين طالبة دعمهم. ومن بين ما قامت به من جهود ابتعاث وفد من النساء السعوديات لمقابلة كتلة اليمينيين المتطرفين داخل البرلمان الأوروبي. وبحسب ما قاله إلدار ماميدوف، أحد مستشاري كتلة الديمقراطيين الاجتماعيين في البرلمان الأوروبي، فإنها أصبحت المملكة العربية السعودية فيما بعد سبباً من أسباب الشقاق بين أعضاء البرلمان في بروكسل، حيث كان يساريو الوسط يدفعون باتجاه تبني قرارات ضد المملكة بينما عارضتهم في ذلك قوى اليمين المتطرف.

وبعد الانقلاب العسكري في مصر في عام 2013، سارع النظام في القاهرة وكذلك داعموه الإقليميون نحو المبالغة من مخاطر التطرف ونحو الترويج للجنرال عبد الفتاح السيسي على أنه الرجل القوي الذي لديه الاستعداد للوقوف في وجه ليس فقط المتطرفين بل وحتى الفكر الإسلامي.

وكان قد صرح في عام 2015 بأن ثمة حاجة إلى إصلاح ديني إسلامي يعيد النظر بكثير من التقاليد الإسلامية القديمة وربما يحذفها. وما لبث تصريحه ذلك أن استشهد به من قبل المدافعين عنه في أروقة واشنطن وغيرها من العواصم كدليل على مؤهلاته المعادية للإسلاميين.

وكان صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد اعتبر من قبل حكومات المنطقة حدثاً يأتي في نفس ذلك السياق. ففي رسائل مسربة تم نشرها في عام 2017، لخص سفير الإمارات في الولايات المتحدة الرواية الدعائية التي تجيب على المشتكين من استمرار تدفق الجهاديين من المنطقة قائلاً: “أنظر، سأكون أول من يقر بأن هذه العقيدة مشكلة، وهي مشكلة تحتاج للمعالجة. وها نحن نرى أخيراً في المملكة العربية السعودية شخصاً لديه الاستعداد للتصدي لذلك. وهذه هي المرة الأولى بالنسبة لنا.” كما أنه تم تصوير أزمة قطر التي نشبت في عام 2017 على أنها جزء من الجهد الإماراتي والسعودي لاستئصال المتطرفين ومن يمولهم، وهو الجهد الذي باركه في بداية الأمر الرئيس ترامب، الذي كان قد أنهى لتوه زيارة تاريخية إلى الرياض.

يختم التقرير بخطورة ما يمكن أن تجره هذه السياسات من دماء بريئة يمكن أن تراق على مذبح الكراهية ضد الإسلام، وهو ما أثبتته الأحداث التي وقعت في نيوزيلندا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*