“لا تخذلوهم”.. حملة لمناصرة المعتقلين والمغيبين قسرا في سجون سوريا

أطلق ناشطون وحقوقيون سوريون ومنظمات مدنية في دول اللجوء وشمال سوريا أمس الأحد، حملة تحت شعار “لا تخذلوهم” لمناصرة المعتقلين والمغيبين قسرا في سجون النظام السوري.

ويشارك في الحملة أكثر من 60 منظمة مدنية وحقوقية من بينها الاتحاد العام للمعتقلين وناجيات سوريات وشبكة حماية المرأة ورابطة السوريين الأحرار في أوروبا وهيئة القانونيين السوريين ورابطة المحامين السوريين وأهالي المعتقلين والناجين من سجون النظام وشخصيات مستقلة.

وستتضمن الحملة وقفات تضامنية في عدد من مدن وعواصم الدول الأوروبية والشمال السوري المحرر نصرة للمعتقلين، لإيصال رسالة بأن السوريون بجميع أطيافهم مجتمعون على أهمية تحريك ملف المعتقلين، والمطالبة بتفتيش سجون الأسد، وإطلاق سراح المعتقلين في هذه السجون.

وسيعقد اجتماع لتوجيه رسائل من السوريين وأهالي المعتقلين والمغيبين في سجون النظام، إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الحقوقية الدولية ومؤتمر العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجموعة أصدقاء سوريا وروسيا.

وقال عضو هيئة القانونيين السوريين المحامي عبد الناصر حوشان، وهو أحد المشاركين في إعداد المذكرة القانونية للحملة، إن ملف المعتقلين من أخطر الملفات بالنسبة للنظام؛ لأن هذا الملف يدين “الدولة” بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بمعنى أن الفاعل هو الدولة وليس الأفراد.

وأضاف، أن النظام ومن خلفه روسيا وإيران، استطاعوا من خلال مسار أستانا تحويل ملف المعتقلين من قضية حقوقية إنسانية غير قابلة للتفاوض إلى ملف تفاوضي.

وشارك المعارض السوري الدكتور برهان غليون بالحملة ونشر مقطعا مصورا قال فيه، “قضية المعتقلين وحدت السوريين، المعتقلون أبناؤنا وتحريرهم من معتقلاتهم الوحشية هو تحرير لنا من المعتقل الأكبر الذي صار إليه وطننا، وإنقاذ كل واحد منهم هو عربون إنسانيتنا.. لا تخذلوهم”.

وقال المعارض جورج صبرا، “المعتقلين جرحنا المفتوح، جرحنا الكبير والعميق الدامي الذي يمتد على مساحة وطن ويشمل عشرات الألاف من الرجال والنساء والأطفال، المعتقلين أمانة الثورة السورية بأعناقنا لا نستطيع أن ننسى أو نهمل أو نتعب من حمل هذه الأمانة، خروج معتقلين هو رمز من رموز انتصار الثورة و حرية سوريا وشعبها.. بدنا المعتقلين”.

وقال العميد المنشق عن النظام أحمد رحال، “المعتقلين هن الي ضحوا بكل شيء من أجل الثورة ومن أجل أهلهم وشعبهم، ملف المعتقلين يمكن هو الملف الوحيد الي عم يجمعنا كسوريين لنبحث عن طريقة نطلعهن فيها من زنازين الأسد ومن تعذيب الأسد وميليشيات إيران وحزب الله.. لا تخذلوهم”.

وقال العقيد رياض الأسعد، ” قضية المعتقلين وحدتنا كسوريين، المعتقلين أمانة في أعناقنا مهما فعلنا لانوفي المعتقلين حقهم قضيتهم أكبر من المساومات والمفاوضات ومن يضعها في إطار حسن النوايا وتبادل الثقة وحسن الظن بالعصابات الأسدية فقد خان الأمانة، طالما نظام الأسد والاحتلال موجود سيبقى هناك معتقلين، كسر القيود وفتح الزنازين مسؤولية الجميع ويجب على الجميع تحقيقها بكافة الوسائل.. لا تخذلوهم”.

وشاركت الفنانة السورية يارا صبري بالحملة ونشرت مقطعا مصورا قالت فيه: “المعتقلين هن ولادنا.. هن مانهن أرقام محطوطين على جداول أو قوائم، وتذكروا منيح أنو نحنا كلياتنا بيوم من الأيام كنا مشروع معتقلين”.

وأضافت، “ولادنا هدول ما بيقدروا يوصلوا صوتهن، هن ناطرين أنو أنتو تكونوا صوتهن.. لا تخذلوهم”.

كما شاركت الناشطة الإيطالية فرانشيسكا سكالينجي بالحملة وقالت، “عندما تكون في خطر في مكان لا يعرفه أحد ولا يوجد أي طريقة للتواصل، ليبقى أملك بأن الأشخاص الذين يحبونك سيبقون بانتظارك ويبحثون عنك، لهذا السبب علينا مسؤولية كبيرة تجاه المعتقلين، إنهم ينتظرون منا فعل شيء ما، لا نستطيع خذلانهم.. لا تخذلوهم”.

ونظم عدد من أهالي المعتقلين والناجين من سجون النظام ومنظمات مدنية ونشطاء، فعالية يوم أمس الأحد في مدينة إسطنبول التركية، لمناصرة المعتقلين والمغيبين في سجون نظام الأسد، تضمنت عرضا لمأساة المعتقلين وما يتعرضون له من تعذيب في سجون النظام، إضافة إلى معرض لرسومات تجسد معاناتهم وقضيتهم.

وخلال الفعالية، قال رائد الفضاء السوري محمد فارس، إن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تخاذل مع الثورة السورية، حتى المعارضة طالبت بالمعتقلين في المحافل الدولية بصوت خجول، مشيرا إلى أن المعتقلين لن يخرجوا إلا بالقوة.

وقالت الناشطة الحقوقية وإحدى منظمات الفعالية شيماء البوطي، إن قضية المعتقلين والمغيبين قسرا، هي قضية من دفعوا ثمن الحرية، لذلك فإنها تستحق المزيد من العمل واستحداث آليات لاتخاذ قرارات أكثر جدية.

ودعت البوطي إلى تصحيح المسار وتوحيد جهود المعارضة ودعم قضية المعتقلين، ودعم كل تحرك دولي وسياسي يقف معهم، وطلبت من العالم أن يقف مع ضميره الإنساني ويضغط من أجل كشف مصير المغيبين وفتح تحقيقات دولية لمحاسبة مرتكبي الجرائم بحق الإنسانية في سوريا.

وقال المعتقل السابق لدى النظام وأحد منظمي الفعالية محمود الحموي، “إن للمعتقل أحلاما خلال نومه في عودته للحياة مع أسرته، لكنه لا يلبث أن يعيش الجحيم حين يستيقظ من نومه في تلك المعتقلات”.

وأشاد الحموي بحملة “لا تخذلوهم” لأنها جمعت السوريين على اختلاف أفكارهم السياسية للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين وكشف مصير المغيبين قسرا في سجون نظام الأسد.

وقالت والدة أحد المعتقلين في سجون النظام رانيا مودلجي، “ليتهم يعيدوا لي جسده الطاهر ولو كان ممزقا، لأضمه الضمة الأخيرة وأزفه شهيدا، لكني لا أعلم أي أرض تضمه”.

وأكد تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان على ضرورة تشكيل الأمم المتحدة والأطراف الضامنة لمحادثات أستانا لجنة خاصة لمراقبة حالات الإخفاء القسري، والكشف عن مصير 102 ألف مختف في سوريا، 85% منهم لدى النظام السوري، والضغط على جميع الأطراف من أجل الكشف عن سجلات المعتقلين لديها، والتصريح عن أماكن احتجازهم والسماح للمنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهم.

وتعتبر قضية المعتقلين والمختفين قسرا في سجون النظام السوري من أهم القضايا الحقوقية التي لم يحدث فيها أي تقدم يذكر، على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي خطة السيد كوفي عنان، وفي بيان وقف الأعمال العدائية في شباط 2016 وفي قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في كانون الأول 2015.

كما تعتبر القضية الأكثر قلقا لنظام الأسد، الذي يتخوف من أي ضغط دولي للكشف عن مصيرهم، لذلك يلجأ إلى أمور عديدة للتحايل على موضوع المعتقلين، الذين قضى الآلاف منهم تحت التعذيب.

في سجون نظام أسد التي تعج بمئات آلاف المعتقلين، تنتفي أبسط حقوق المعتقلين، ومصير الآلاف منهم مجهول.

في سجون الأسد ثمة طقوس خاصة لا يمكن أن توجد في أي مكان آخر، عدا عن التعذيب الممنهج والظروف الموغلة في لا إنسانيتها، حيث يؤمر المعتقلون بالهتاف لجلادهم بشار الأسد، وذلك لإجبار الروح التي لم تزهق طيلة فترة الاعتقال، أن تبقى تحت الطلب فداء للطاغية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*