مخاطر فتح المعابر على أهالي إدلب

سادت حالة غضب ورفض شعبي في الشمال السوري، عقب الإعلان عن التوصل لاتفاق فتح المعابر الثلاث مع مناطق سيطرة النظام، فيما دعت جهات شعبية لوقفات على الطرقات المؤدية إلى المعابر بهدف التعبير عن رفضها.

ويجمع الرافضون على أن فتح المعابر من شأنه أن يهدد على المدى البعيد مصالح السوريين في مناطق المعارضة، كما من شأنه أن ينعش اقتصاد النظام ويخفف من أزمته.

سياسيا، يمكن للمعابر أن تسحب أسباب مرور المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عبر تركيا، وتحصرها في المعابر مع مناطق النظام، مع عدم وجود حاجة لمرورها عبر المعابر مع تركيا، ومن المؤكد أن عين النظام ما زالت على تلك المساعدات المربحة له والتي تقدر بنحو 120 ألف سلة إغاثية شهريا، وهو ما يشكل خطرا على الأهالي المحتاجين لتلك المساعدات، في حال سيطرة النظام عليها.

كما يمكن للمعابر أن تستقطب الدولار لمناطق النظام عبر المنظمات الدولية ومشاريعها الإنمائية التي تقوم بها في مناطق الشمال، إضافة لما يمكن أن تقدمه مناطق الشمال من عملة صعبة بمبادلاتها التجارية مع النظام، وهو ما تنبه له الناشطون خلال العام الفائت إبان محاولة هيئة تحرير الشام فتح معابر مع النظام، وحملة الرفض الشعبي التي أوقفت تلك الخطوة، ورضخت الهيئة في ذلك الوقت للمطالب الأهالي بإيقاف فتح المعابر.

وبذلك سيحقق النظام معادلة رابحة كما يشير البعض إلى عملية سحب الدولار من مناطق الشمال، ومن ثم ضخ الليرة السورية فيها، ما سيساعده على إنعاش اقتصاده، وتمكنه من تجاوز الانهيار الحاد الذي يمر به، فضلا عن امتلاكه القدرة على إدارة ألته العسكرية لقضم ما تبقى من إدلب وحلب.

وتشير الأرقام المسربة عن إيرادات المعابر سواء معبر باب الهوى أو المعابر السابقة مع مناطق سيطرة النظام التي أدارتها هيئة تحرير الشام كمعبر مورك، إلى أهمية تلك المعابر اقتصاديا للهيئة، مبالغ تصل إلى ملايين الدولارات شهريا، سمحت لقيادات التنظيم بشراء الولاءات وتمويل أنشطتها وتثبيت حكمها أكثر في المنطقة.

واللافت أن هيئة تحرير الشام لا يعنيها كثيرا ما سيجنيه النظام السوري والجانب الروسي من فوائد بفتح المعابر، رغم خطورتها المستقبلية، لأنها تتطلع إلى استغلال ذلك الوضع بتحسين وضعها أكثر بتسويق وجودها مع الجانب الروسي، ووقوع الحكومة التركية ضمن مخاطر عقوبات قانون قيصر الأمريكي، ما سيسمح للجولاني من هامش أكبر للمناورة في البقاء.

ويبدو أن الجانب التركي الذي لم يعلق حتى الأن بشكل رسمي على الاتفاق، مترددا في قبوله، أو أنه يريد جس نبض الشارع في الشمال، وخصوصا ما تسرب من تصريحات غير رسمية عن عدم موافقته بعد على الاتفاق، وأنه ما يزال في طور المقترح الروسي.

ومن المؤكد أن فئة في الشمال ستنتفع من فتح المعابر، لا سيما التجار وبعض رجال الأعمال، في تبادلهم التجاري مع مناطق النظام، لكن في المقابل ستتضرر فئة أكبر، هي الفئة الأكثر ضعفا وهشاشة، وخصوصا من تحتاج إلى المساعدات الإنسانية الدولية، وعلى المدى البعيد ستكون كارثية على مستقبل المعارضين المتواجدين في الشمال، وهم السواد الأعظم من الأهالي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*