أبطال تحت الضوء .. مرصد أبو عرب

capture

“عماد أبو عرب” ابن مدينة سراقب، ذو الستة وعشرون عاماً، وأحد الشبان السوريين الذين نذروا أنفسهم لحماية المدنيين والحفاظ على أرواحهم، ولكن على طريقته، سلاحه في ذلك عبارة عن جهاز استقبال وآخر صغير للبث، يستقبل عبرهما المعلومات من بقية المراصد عن حركة طائرات الأسد، ليُعيد بثها عبر أجهزة لاسلكية (قبضات) تعمل على ترددات معينة معلومة من قبل المواطنين، ليُحذّرهم في حال اقتراب الطائرات من منطقتهم، أملاً في إنقاذ أرواح أكبر عدد ممكن من الأهالي.

وتتلخص مهمة “أبو عرب” الذي أنشأ في أواخر عام 2012، مرصداً يعتمد على القبضات ومن ثم تطور إلى جهاز خاص للطيران، عُرف باسم “مرصد أبو عرب”، في تحذير المواطنين عند اقتراب الطائرات من مناطقهم، وتوجيههم لفض التجمعات المدنية، ومتابعة حركة الطائرات، وبعد القصف يقوم أبو عرب بتحديد أماكن القصف، ويطلب من المواطنين التبرع بالدم في حال الحاجة إليه، ويُحدّد المشافي القادرة على استقبال الجرحى، ويطلب سيارات إسعاف لنقلهم، كما يُذيع عبر القبضة أسماء ضحايا القصف لإبلاغ ذويهم.

ويعمل أبو عرب بجهد فرديّ، كصلة وصل ما بين المدنيين والدفاع المدني وسيارات الاسعاف بشكل مباشر عبر ترددات خاصة بكلّ منهم، وبالاشتراك مع المراصد القريبة، ويبقى في المدينة بشكل دائم لرصد حركة الطيران، على الرغم من تعرّض المرصد للاستهداف من قبل الطيران لأكثر من خمس مرات، إضافةً لبعض الصعوبات التي تواجهه أثناء عمله كالتشويش الذي يحدث من قبل المدنيين على القبضات، أبى أبو عرب إلا أن يواصل عمله للحفاظ على سلامة المدنيين، مُجرياً بعض التحصينات لحماية مرصده وتمكينه من متابعة العمل، ومحدثاً محطات لاسلكية خاصية لتخفيف الضغط على القبضات، محاولاً بذلك تجاوز كافة العقبات التي تعترض عمله وهدفه.

ويستمر أبو عرب في مراقبة الأجواء لمدة 18 ساعة يومياً مقسّمة إلى فترتين، ينوب عنه في السبع ساعات المتبقية من اليوم، شاب آخر من شبان سوريا الذين وضعوا نصب أعينهم هدف حماية المدنيين، وهو “أحمد أبو شيماء”، والذي يعمل ضمن ما أطلق عليه اسم “مرصد أبو شيماء”، والذي يعمل وفق مبدأ عمل ومهام مرصد أبو عرب، ليقوم أبو عرب في هذه الأثناء بمرافقة سيارات الإسعاف والدفاع المدني في أوقات القصف والحاجة إلى نقل المصابين إلى المناطق الحدودية، كما تتطلب بعض الظروف من أبو عرب العمل لأكثر من 20 ساعة أحياناً.

“فؤاد أبو عبدو” أحد أهالي مدينة سراقب، قال لـ “زيتون”: “نعتمد اعتماداً كليّاً على مرصد أبو عرب، في حماية عائلاتنا من الأذى وقصف طيران الأسد، فأنا شخصياً أذهب وعائلتي إلى أقرب ملجأ، بمجرد إعلان أبو عرب عن إقلاع الطائرات وتوجهها نحو منطقتنا، وفي حالات القصف الشديد نخرج من المدينة مستعينين بإرشادات أبو عرب وتوجيهاته حول الطرقات الأكثر أمناً، والتي من الممكن أن نسلكها”.

وأضاف: “كما تساعدنا توجيهات أبو عرب قبل القصف على إخلاء التجمعات وخاصة الأسواق التي تعدّ هدفاً للطيران الحربي الذي يحاول الفتك بأكبر عدد ممكن من المدنيين”.

أما “حازم صليبي” وهو أحد عناصر الدفاع المدني في سراقب، قال لـ “زيتون”: “إن عمل المرصد مهم جداً بالنسبة لطبيعة عملنا كفرق إنقاذ، فهو يقوم بتوجيهنا إلى مواقع القصف، وتحذيرنا من عودة الطيران مرة أخرى إلى الموقع المستهدف، وينسّق معنا لفتح الطرقات أمام سيارات الاسعاف، وطلب كل ما قد نحتاجه من أدوات”.

في حين أشار عنصر الدفاع المدني “هيثم حاج أحمد” إلى دور مرصد أبو عرب قبل أن يتطور الدفاع المدني إلى ما هو عليه الآن، بقوله: “قبل أن تتوفر لدينا سيارات وعند نشوب حريق كنا نطلب من المرصد أن يطلب لنا من المناطق المجاورة سيارات إطفاء لإخماد الحرائق وتوجيهنا في إتمام مهمتنا”.

وبذلك لعب مرصد أبو عرب منذ بدء عمله أواخر عام 2012،دوراً فعّالاً في حماية المدنيين قبل القصف الجوي وخلاله، وبات المرصد اللاسلكي والقبضات المتصلة به جزءً أساسياً من حياة المواطنين في مدينة سراقب.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*