أسنيورت.. طاحونة العمال السوريين في إسطنبول

ddd-9

زيتون – عبد السلام أحمد 

أسنيورت.. إحدى ضواحي اسطنبول البعيدة، المقامة على منطقة جبلية وعرة التضاريس والتي تبعد ساعتين من مركز المدينة، ذات الشوارع الضيقة والشديدة الانحدار والبيوت المتلاصقة الصغيرة، يعيش فيها الشباب السوري العامل الراغب بالعيش بكرامة تعبه وعرقه.
ورغم أن تقريراً صادراً عن هيئة الإحصاء التركية يشير الى أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين في اسطنبول يقارب 377 ألف لاجئ إلا أن الواقع يشير الى العدد أكبر من ذلك بكثير، وقد يعود السبب وراء مقصد السوريين لهذه المدينة البعيدة عن حدودهم وذات الأسعار المرتفعة إلى توافر فرص العمل فيها ولا سيما المعامل المنتشرة في ضواحي المدينة.
شكّلت هذه المعامل حالة جذب للسوريين الراغبين بالعيش بعيداً عن فوضى المخيمات، بما تقدمه من عمل سريع لا يتطلب الكثير من المهارة والخبرة، كما لا تتطلب شروطاً قانونية للعمل فيها ما يسهل على الشباب أسباب الإقامة، لكن في المقابل يحرم العامل السوري من حقوق أساسية كحق الضمان الصحي وزيادة ساعات العمل ضمن شروط غير صحية وأحيانا خطرة.
عمل شاق ولا مدارس للأطفال:
رامز المحمد، شاب متزوج ولديه ثلاث أطفال، يقول لـ «زيتون»: قدمت من سوريا بعدما أكد لي أحد الأصدقاءأن فرص العمل متوافرة في اسطنبولوأنه باستطاعتي تأمينه بسهولة مع راتب يكفي لسد حاجات أسرتي.
ويضيف: فعلاً وجدت عملاً في مجال الخياطة وهي مهنتي، ولكن العمل شاق جداً، ويستمر لأكثر من 12 ساعة في حال لم يكن لدينا عمل إضافي، أتقاضى 1200 ليرة تركية تكفيني لكي أعيش بكرامة في اسطنبول لكنها لا تكفي لكي أضعأطفالي في المدارس، فأقساط المدارس لا يستطيع العمال السوريين تحملها إذا تصل تكلفة الطفل في المدرسة وأجور النقل حوالي 200 ليرة تركية وأغلب السوريين لديهم أكثر من طفل ما يحرم الأطفال من فرصة التعليم.
يقول أبو محمد، محدقاً بعينين حمراوين لم تشبعا النوم، إلى يديه الخشنتين بصوت مخنوق: ضغط العمل شديد لدرجة أنه لا يحق لك الكلام أو الوقوف ولو لثواني بسيطة ولم نتعوّد في حياتنا على هذا النمط من العمل الضاغط وترى الكثير من العمال وهم يسقطون منهارين من الإرهاق نتيجة التعب وعدم تمكنهم من التقاط أنفاسهم لكنهم مرغمين على متابعة العمل فليس لهم خيار أخر سوى الرجوع إلى سوريا.
من جانبه يشكو خالد أبو عرب، وهو من أهالي حلب المقيمين في اسنيورت بأن مرضاً أصاب ظهره نتيجة عمله الشاق واضطر لتركه بعد ثلاث سنوات قائلاً أنه يعرف الكثير من رفاقه الذين تضرروا نتيجة لعملهم بالمواد الكيماوية التي يتنشقونها والتي تؤثر على جهازهم التنفسي بشكل مؤذٍ وخطير.
وأضاف خالد: أفكر جدياً بالرجوع إلى المناطق الحدودية كمدينة الريحانية رغم أنني غادرتها منذ ثلاث سنوات طمعا بالعمل هنا لكن يبقى ضعف الأجور أسهل علينا من هذا العمل المنهك ناهيك عن توفر مدارس مجانية للأطفال هناك وإمكانية اللعب لهم في الحي ما حرموا منه هنا جراء الخليط الكبير للسكان.
ورغم صمود البعض في عملهم إلاأن ظاهرة عمل السوريين المؤقت في المعامل وتركهم لها أصبحت شيئاً متكرراً، للحد الذي دفع بالكثيرين بالرجوع إلى مناطقهم الساخنة في الداخل السوري هرباً من العمل المرهق هنا كما عبر رامي ذو 25 عاما بقوله: «الطيران أرحم من هذا العمل، لم استطع الاستمرار رغم تعلمي للغة التركية لدرجة عالية ورغم علاقتي الطيبة مع إدارة المعمل إلاأنني انهرت أكثر من مرة في المعمل جراء الجو الخانق والحار وشروط العمل اللانسانية».
طرق جبلية وأدراج عالية:
شوارع اسنيورت الجبلية ينعدم فيها الاستواء فالصعود إلحاد والهبوط إلحاد إحدى صفات هذه المنطقة التي من النادر أن تشاهد بها طريقاً أفقية، كما تنعدم في الأبنية العالية المصاعد الكهربائية ويضطر الجميع الى صعود الطوابق العالية ليصبح جلب أية حاجة بسيطة الى رحلة شاقة وموجعة.
تقول أم ياسر، وهي لاجئة تقيم مع ابنها في اسنيورت : لايمكنني أن أخرج من البيت هذه الدروب لا يمكن لي أن أمشي بها، كما لا يمكنني أن أصعد أدراج الطوابق الأربعة ولسنا الوحيدين بل إن اغلب البيوت اللاجئين تكون في الطوابق العليا للبناية ولا يوجد بها اسنسيل، ويعود العامل مستنزفا من معمله ليمشي ويصعد ويستنزف ما تبقى فيه من قوة.
السوريات في أسنيورت
وتعتمد الكثير من الأسر على المساعدات التي تقدمها بعض المؤسسات الحكومية كبلدية اسنيورت وبعض الجمعيات الخيرية لكنها لا تغطي إلا قسماً ضئيلاً من اللاجئين، وفي غياب المدارس المجانية وصعوبة العمل الكبيرة في منطقة صعبة الجغرافية تصبح الحياة كالكابوس تفعل فعل المفتت للأسر السورية المسحوقة جراء ضغطها المتواصل عليهم.
وتلجا النساء إلى محاولة مساعدة الأزواج بجلب بعض الأعمال الى البيوت كلصق إضافات الى الأحذيةإلاأنأجور هذه الأعمال على الرغم من مشقتها الكبيرة إلاأنها لا تغني ولا تسمن من جوع.
أم عبدو، التي عملت في بيتها بغية مساندة زوجها المريض قالت: أجر كل 1500 زوج من الأحذية هو 15 ليرة تركية ولايمكنلأي كان أن ينجز أكثر من 3000 ألاف قطعة في اليوم في حال لم ينم سوى أربعة ساعات فكيف يمكن أن يعيش الإنسان من وراء هذا العمل».
في اسنيورت يعيش السوريون على هامش الحياة يعملون كالآلات ولا يملكون الوقت ليلتقطوا أنفاسهم، يقع الكثير منهم في حالات كآبة شديدة تصل الى في كثير من الأحيان الى أمراض نفسية متأزمة في نفق من المعاناة لا يرى السوري نهاية له.

تعليق واحد

  1. مقال رديئ وغير دقيق
    ليتكم تخرجون من انصاف المهنيين

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*