إدلب: “تحرير الشام” تسعى لافتتاح كلية حربية؟

خالد الخطيب – المدن 

تواصل “هيئة تحرير الشام” المسيطرة على إدلب ومحيطها شمال غربي سوريا العمل على ترتيب صفوفها وإعادة هيكلة جناحها العسكري، فبعد أن أنشأت بداية أيار/مايو “إدارة للتجنيد العسكري” ها هي اليوم تعد لافتتاح الكلية الحربية التي من المفترض أن تستقبل المجندين القادمين من شعب التجنيد.

لا تصرّح تحرير الشام عن عمليات التغيير الداخلية إلا بعد إتمامها، وما يخرج إلى العلن هو في معظمه تسريبات تتناقلها شخصيات سلفية مستقلة، وقادة وعناصر في التنظيمات المناهضة لتحرير الشام مثل تنظيم “حراس الدين” الذي لديه متعاطفين داخل صفوف الهيئة ينقلون للتنظيم الأخبار المهمة حول عمليات التغيير والتحولات السياسية والعسكرية.
تناقلت شخصيات سلفية مقربة من الحراس معلومات تفيد بأن “تحرير الشام انتهت من أعمال إنشاء كلية حربية، وأتت بعدد من الضباط المنشقين عن جيش النظام للعمل فيها مقابل رواتب ضخمة وامتيازات أخرى من المفترض أن يحصل عليها الضباط ومن مختلف الرتب”.
وأضافت أن “الكلية الحربية التي تعتزم تحرير الشام افتتاحها في إدلب ستكون نواة لوزارة الدفاع في حكومة الإنقاذ التابعة لتحرير الشام، وسيكون وزير الدفاع ضابط منشق يتبع مباشرة لزعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني، وقد تم بالفعل اختيار قائد الكلية الحربية وهو من بلدة أطمة في ريف إدلب، وهو أحد أقرباء قائد بارز في تحرير الشام ومقرب من زعيمها، كما اختير عدد من الضباط لشغل مناصب أخرى داخل الكلية، كمنصب ضباط أمن الكلية الحربية”.
وبحسب ما تناقله السلفيون المناهضون لتحرير الشام، سيتم إخضاع جميع العسكريين والميدانيين في الجناح العسكري لوزارة الدفاع والكلية الحربية وسيتم توزيع رتب عسكرية على القادة البارزين في الجناح.
وقال المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة ل”المدن”، إن “إنشاء الكلية الحربية يعكس رغبة تحرير الشام في تحويل جناحها العسكرية إلى جيش تراتبي منظم، وهذه الرغبة لا يمكن تحقيقها من دون الاعتماد على ضباط متخصصين، ولذلك ستعمل على جذب الضباط المنشقين، وتخريج دفعات من الضباط الشباب لسد احتياجاتها ولإنجاز مشروعها العسكري”.
وأبلغ مصدر عسكري معارض “المدن”، بأن “إنشاء تحرير الشام للكلية الحربية خطوة متوقعة ولازمة بعد إنشائها لإدارة التجنيد، وتبدو هذه الخطوة منطقية ضمن سلسلة التغييرات التي تتبعها في عمليات إعادة هيكلة جناحها العسكري ونقله من الحالة العشوائية متعددة الولاءات إلى الحالة المؤسساتية المنظمة”.
وأضاف المصدر أن “الكلية الحربية المفترض افتتاحها لن تكون معسكراً لتدريب عناصر تحرير الشام والمجندين الجدد وحسب، بل تسعى تحرير الشام لجعلها أكاديمية للعلوم العسكرية تستقبل أصحاب الشهادات العلمية كطلاب ضباط، ومن المفترض أن يتم توزيعهم على مختلف التخصصات العسكرية، وهذه الخطوة جزء من توجه تحرير الشام نحو إشراك الضباط المنشقين عن جيش النظام في صفوفها، والعمل لاحقاً على تسليم القيادة الميدانية للضباط المختصين”.
وأضاف المصدر أن “عمليات إعادة هيكلة تحرير الشام لجناحها العسكري تندرج في إطار المنافسة مع فصائل الجيش الوطني التابعة لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، وفي حال نجحت تحرير الشام في تحويل مخططاتها الخاصة بتنظيم المؤسسة العسكرية الى واقع عملي فإنها ستكون قد سبقت بالفعل فصائل المعارضة بأشواط طويلة”.
حاولت فصائل المعارضة السورية في وقت مبكر العمل على تنظيم صفوفها والاندماج ضمن جيش منظم ينهي الحالة الفصائلية لكنها فشلت. في العام 2013 بدأت المشاريع من هذا النوع تظهر على الساحة المسلحة للمعارضة. كانت البداية في تأسيس الكليات الحربية لدى التشكيلات الكبيرة، أهمها “لواء التوحيد” و “حركة أحرار الشام الإسلامية” و “جيش الإسلام”، والتي اندمجت لاحقاً تحت مسمى “الجبهة الإسلامية” إلى جانب فصائل أخرى مثل “صقور الشام”، لكن المشروع فشل بعد مقتل قادة معظم التشكيلات المؤسسة للجبهة ومات معهم حلم الجيش المنظم.
وفي الفترة ما بعد العام 2017 وتوسع النفوذ التركي في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، أُعلن عن تأسيس “الجيش الوطني السوري” الذي يتبع لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، لكن الجيش ووزارة الدفاع بقيت سلطتهما شكلية بعد مرور سنوات عل إنشائهما، وما تزال الحالة الفصائلية مسيطرة والفصائل أبعد ما تكون عن الحالة العسكرية المنظمة، ولدى معظم التشكيلات في الجيش الوطني ما يسمى ب”الكليات الحربية” وهي عبارة عن معسكرات تدريب لا تتبع معايير الكليات العسكرية الأكاديمية، افتتحتها الفصائل للتفاخر والتنافس في ما بينها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*