إدلب تنتظر مصيرها بعد نبع السلام

زيتون – عدنان الصايغ

يترقب الإدلبيون بقلق مرحلة ما بعد انتهاء معركة “نبع السلام” التركية على شرق الفرات، واتفاق تركي روسي ينهي الوجود التركي في المنطقة الآمنة التي أرادتها أنقرة ويسمح للنظام السوري في كسب مزيد من الأراضي بدعم روسي على مناطق لم يحلم بالوصول إليها.

ويأتي توجس أهالي الشمال السوري من مرحلة ما بعد نبع السلام من شكوكهم العميقة وتجاربهم السابقة مع الضامن التركي في إمكانية أن يكون قد اتفق مع الروس على تسليم أجزاء مهمة من إدلب تتضمن طريقي حلب دمشق وحلب اللاذقية، الطريقان اللذان يشقان محافظة إدلب طولا وعرضا، وينهيان الثورة من أهم مدنها وقلاعها لا سيما مدينتي معرة النعمان وكفرنبل وسراقب وجسر الشغور.

وتشير عدة دلائل على أن اتفاقا أوليا جرى بين الضامنين الروسي والتركي على حصول روسيا على مكاسب من معركة نبع السلام التركية كان أبرزها موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المنطقة الآمنة التي رأى أنها تعزز من وحدة الأراضي السورية في لقائه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في موسكو عقب الحملة الروسية مع قوات النظام على ريفي حماة وإدلب في الأشهر الماضية.

يؤيد هذا الرأي “يفغيني بوزينسكي”، وهو جنرال روسي متقاعد لا يستبعد أن يكون بوتين وأردوغان قد توافقا على السماح للأسد باستعادة إدلب باعتبارها جزءاً من صفقتهما الشاملة.

الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى المجلس الروسي للشؤون الدولية “كيريل سيمينوف”، قال إن الزيارة التي قام بها رأس النظام السوري لبلدة الهبيط في إدلب قد تعتبر إشارة إلى أنه يستعد لهجوم جديد على إدلب، بغض النظر عما إذا كانت تلك التحركات قد حظيت بمباركة روسية.

ويتساءل البعض عما إذا كانت روسيا ستكتفي بتسيير دورياتها في المناطق الكردية بعد موافقتها على المشروع التركي في المنطقة الآمنة، أم أن هناك اتفاقا غير معلن على قضم مناطق جديدة في إدلب؟.

فيما يحصل الأتراك على مبتغاهم في كسر الحلم الكردي في إقامة دولة على حدوده، يبرز الروسي كلاعب فعال ومنفرد في اللعبة السورية، وكما يحصل النظام على مناطق جغرافية جديدة، يحوز الأمريكي بفجاجة على آبار النفط، ليبقى الشعب السوري هوي من يدفع ثمن تلك المكاسب للجميع.

منطقة آمنة وسجن للاجئين

ومن المرجح أن تكون المنطقة الآمنة التي وافقت عليها روسيا هي الحل لمعضلة اللاجئين التي منعت استمرار الحملة العسكرية على إدلب، وفي تحقيقها تقدم تركيا الحل الأمثل لمشكلتها مع الأكراد كما تقدم حلا مثاليا للجانب الروسي وحليفه السوري في تقدمهم باتجاه إدلب، ليتم بعدها دفع اللاجئين إلى المنطقة الآمنة لا إلى الأراضي التركية.

كما ستقدم المنطقة الآمنة حلا لمشكلة تركيا في عدد اللاجئين على أراضيها ومن المتوقع أن يتم إرجاع ما يزيد على المليونين لاجئ سوري لتوطينهم فيها، دون اكتراث إلى أن تلك المناطق ولو كانت سورية إلا أنها ليست مدنهم، وهو ما يشكل تغييرا في البنية السكانية للمنطقة مستقبلا.

وتسيطر حالة من القلق الشديد على اللاجئين في الأراضي التركية نتيجة لتلك التصريحات التركية التي أعلنت عن نية الحكومة التركية إرجاع أعداد هائلة منهم إلى المناطق التي تم السيطرة عليها في معركة نبع السلام، ويرى الكثير منهم أن كل من لم يحصل على الجنسية التركية أو على الإقامة بشكل رسمي سيتم ترحيله بآليات مختلفة إلى داخل الأراضي السورية وتحديدا إلى المنطقة الآمنة.

يبدو السيناريو محبطا للسوريين المعارضين للأسد، لكن المستقبل سيكون محبطا أيضا للموالين له، فلن تقف العنجهية الروسية عند حدود ما وصلت إليه، ومن المؤكد أن من بقي في مناطق سيطرة النظام سيتم استغلاله إلى أقصى حد بهدف توفير السيولة اللازمة للمجهود الحربي الذي قدمه الجانب الروسي، وفي الحوادث التي جرت مع رجال الأعمال المقربين من النظام السوري وإجبارهم على التخلي عن قسم لا بأس به من ثرواتهم خير دليل على ما ستحمله قادم الأيام.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*