البحث عن “عروس”.. “مشكلة” تواجه السوريين بأوروبا

12791076_464932890364463_9100534078274628367_n

زيتون : أسامة عيسى

مع وصول ما يقارب مليون سوري لأوروبا خلال الأزمة التي سببها حكم نظام الأسد للبلد وموقفه الدامي من الثورة، برزت مشكلات عديدة في واقع الحياة وأوجهها المختلفة، حيث البيئة التي تبدلت وانعكست على واقع بعض الأسر الوافدة للقارة العجوز، فبدء الحديث عن أمور تعلقت باختلاف نهج التربية بين أوروبا وسوريا، ومدى موائمة ذلك للسوريين أنفسهم الذي يكادون يجمعون على أن إقامتهم في هذا المكان “مؤقتة” حتى انفراج الأوضاع في البلد.

وتكاد تكون الأمور الاجتماعية العنوان العريض لأبرز المشكلات التي يلاحظها الباحث في شؤون اللاجئين السوريين في الدول الأوروبية المختلفة، ليندرج تحتها تفرعات لمشاكل يقول السوريون أنفسهم إنهم بدأوا يشعرون بها في أوروبا، على خلاف ما كان عليه الحال في الوطن، أو حتى في الدول التي قدموا منها.

ومن بين الأمور التي يرى لاجئون سوريون فيها مشكلة مستجدة باتت تؤرقهم في أوروبا، مسألة البحث عن عروس. حيث يرى شبان سوريون أن هذا الأمر اختلف عما كان عليه الحال في سوريا، وفي الدول الأخرى التي كان يتواجد فيها السوريين لا سيما دول الجوار السوري كالأردن وتركيا ولبنان، سواء على مستوى البحث عن العروس نفسها، أو على مستوى الشروط التي يضعها الأهل على المتقدم لطلب يد ابنتهم.

سمير القادري، شباب سوري لاجئ في السويد، يقول لـ”زيتون” إنه صار له يبحث عن عروس فترة سنة، لكنه لم يجد مبتغاه بسبب ما قال إنه “الشروط القاهرة التي يضعها أهل الفتاة السورية على العريس”.

ويضيف القادري: “منذ أن قدمت للسويد، تقريباً في حزيران 2015م، وأنا أبحث عن بنت الحلال كوني شباب أعزب. طرقت عشرات الأبواب لعائلات سورية متواجدة هنا. تفاجأت وكأن الأمر انقلب في عدة حالات للتجارة!! أنا أؤمن بأن الزواج قسمة ونصيب، لكن الظاهرة ليست فقط تحمل هذا التوصيف هنا، وأقصد على مستوى دول أوروبا كلها”.

ويتابع “البيئة تغيرت وتغيرت معها نفوس كثيرة لعائلات سورية أتت لهذا المكان. أصبحت الفتاة ولكونها تتقاضى مرتباً من دائرة الهجرة، وكأنها سلعة يريد والدها أو والدتها المتاجرة بها، ناهيك عن أن المهر أصبح يطلب بالدولار واليورو. للآن ومنذ سنة لم أوفق في بنت الحلال.. أليس هذا شيء غريب!!؟”.

من جانبه، يتمنى أحمد درويش، الشباب السوري اللاجئ في الدنمارك أنه لم يأتي لأوروبا ليرى “الحال تغير لهذه المستويات”. يقول: “منذ أربعة أيام ذهبت لأطلب يد فتاة، كان رقمها 9 خلال أقل من شهر ممن تقدمت لهن. يومياً لا أترك أحد أعرفه إلا وأطلب منه المساعدة في البحث عن فتاة سورية شريكة لحياتي. أصبح عمري اليوم 32 عاماً، ولا نعرف متى تنفرج الأمور ومتى نعود للبلد. كل ما تقدمت لطلب يد فتاة يطلب والدها شروط تعجيزية، وبعضهم يرفض تزويجها. للأسف أتمنى أنني ما كنت قدمت لهذه البلاد لأرى الحال وصلت لهذه المستويات!!”.

ويضيف “درويش” متحدثاً عن تجربته “والد أحد الفتيات ممن تقدمت لطلب يدها، قال لي حرفياً إنه يريد مهر ابنته 20 ألف دولار مقدم و20 ألف مثلها مؤخر، كما اشترط علي شخص آخر أن يبقى راتبه ابنته من نصيبه، وواحد آخر طلب باليورو 10 آلاف مقدم و10 آلاف مؤخر، وكأنه يريد أن يقول لك أنا لا أريد تزويج ابنتي. أنا أتساءل هل هذا الأمر كان موجود في سوريا، أو حتى في دول اللجوء المجاورة كالأردن وتركيا ولبنان وحتى غيرها من الدول العربية.. الآن تركت مهمة البحث عن عروس لأمي في تركيا.. إنه أسهل ألف مرة من البحث عنها هنا كإبرة في كومة قش!!”.

شيرين م.، فتاة سورية في هولندا، تقول لـ”زيتون” إنها شقيقها الأكبر قام بـ”تهجيج العريس الذي تقدم لها” على حد تعبيرها، وتقصد بذلك أنه وضع شروط على شخص تقدم لطلب يدها، ما أدى إلى تركه لها، وتضيف “أنا لا أريد دولارات ولا أريد راتبي. أصلاً ليس من حق أخي أن يحرمني حياتي، ولا من حق أي والد لفتاة أو أخ أو قريب لها أن يفعل ذلك، سواء هنا بأوروبا أو بغيرها، لكن الحال تغير، كل شيء تبدل حتى النفوس!!”.

بالمقابل، يرى “أبو محمد”، وهو لاجئ في ألمانيا مع عائلته المكونة من 6 أفراد، بينهم أربع فتيات في سن الزواج، عكس وجهات النظر السابقة، ويقول: “بصراحة أنا مع تشديد شروط الزواج هنا، لأن الوضع ليس مثل سوريا. كيف تريدين أن أزوج ابنتي لشاب لا أعرف عنه شيء؟ وأين تريدني أن أذهب وأسأل عنه؟ في سوريا، أو حتى في الأردن، حيث كنا نعيش قبل أن نأتي لألمانيا، كان بإمكانك أن تسأل عن العريس، أو أن تَأْمَن له. هنا قد يرمي بالبنت في الشارع ويتركها. ونحن لا ينقصنا بهدلة أكبر من هذه البهدلة التي نعيش فيها. إن كتب الله لهن نصيب هنا سأزوجهن لكن وفق الشروط التي أراها مناسبة لهذا الوضع، وإن لم يتم ذلك فهو النصيب من الله”.

وعلى عكسه، يرى ناجي الشامي، وهو أب زوج 3 من بناته كما يقول في السويد، أن “ما يمارسه بعض الأهل من السوريين على الشبان الراغبين بالزواج أمر حرام ولا يجوز”، ويضيف “وضعنا الله تعالى في قدر أن نكون في هذه البلاد التي لم نكن نخطط بيوم أن نأتي إليها، أنا صار لي هنا سنتين ونصف. 3 من بناتي في سن الزواج، الوضع هنا بصراحة محرج للغاية، الأفضل للبنت السترة. تقدم لهن شبان عديدين، بصراحة أنا لم أود أن أعطي بناتي إلا لسوريين، على الأقل أضمن أن أراهن في المستقبل إذا ما عدنا لسوريا، زوجت ثلاثة منهن، وبقين عندي الصغيرة وشابين بدون زواج، أحدهما طلبت له يد أربع فتيات دون نتيجة بسبب تعنت الآباء”.

في سياق متصل، يقول عبد العزيز، وهو شاب سوري لجأ إلى هولندا في العام 2015م، إنه وجد شريكة حياته عبر “الفسيبوك”، وقد جمعهما القدر كما يرى على ذلك، مشيراً إلى أنه لم يفلح في إيجاد عروسه في هولندا، بعد أن كان يحب فتاة وحرمه منها والدها، الذي رفض أن يزوجها في أوروبا، ويضيف “عبر الانترنت جمعنا الله. وعبر (السكايب) طلبت يدها من والدها. كانوا في سوريا، في البداية رفض ومن ثم تردد، لكنه في آخر الأمر قبل بعد أن شرحت له وضعي”.

ويختم “سافرت بعدها ببساطة إلى تركيا. هناك التقينا، أجرينا العقد (عقد الزواج) في المحكمة، ثم عدت لهولندا وجهزت أموري، وبعدها أتت لهولندا برفقة أقاربها بطريق التهريب. هنا نحن الآن نعيش بسلام، أنا أحبها وهي تحبني. لم يكتب النصيب هنا، لكنه كتب بهذه الطريقة. أشكر الله الذي أهداني لذلك..”.