الدولة الاسلامية تغلق أبواب العودة أمام مقاتليها الأجانب

يسيطر تنظيم «الدولة الاسلامية» على مساحات واسعة تقدر بـ40 % من مساحة سوريا و يقاتل التنظيم على عدد من الجبهات ضد الكتائب المقاتلة و وحدات حماية الشعب الكردي «YPG» وقوات النظام ففي عين العرب «كوباني» يقاتل ضد الوحدات ومثل مطار دير الزور وحقل الشاعر ضد قوات النظام و ريف حلب الشمالي الشرقي ضد الكتائب المقاتلة.
نشأ تنظيم «الدولة الاسلامية» في يوم الأحد، 29 يونيو/ حزيران من العام المنصرم، حين أعلن الناطق بأسم التنظيم «أبو محمد العدناني» في تسجيل، أن «الدولة الإسلامية مُمثّلة بأهل الحلّ والعقد فيها، من الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى، قررت إعلان قيام الخلافة الإسلامية، وتنصيب خليفة دولة المسلمين، ومبايعة الشيخ المجاهد أبو بكر البغدادي، فقبل البيعة، وصار بذلك إماماً وخليفة للمسلمين».
ومنها بدأ التنظيم يعمل على توسيع رقعة سيطرته في مناطق كثيرة شمال سوريا وشرقها مع توسع بسيط في وسط سوريا وجنوبها، الأمر الذي يحتاج لأعداد كبيرة من المقاتلين، و هذا ماجعله بقوم بسياسة الترغيب للمواطنين في المناطق التي تقع تحت سيطرته من خلال اغرائهم بالمال والجاه والسلطة وتأمين الزواج ومتطلبات الحياة كافة، وعمد التنظيم الى دفع رواتب ضخمة لمقاتليه قياساً لما تعطيه باقي الفصائل في سوريا، حيث بلغ راتب المقاتل عند التنظيم 500 دولار بالإضافة لمئة دولار لكل زوجة و50 دولار لكل طفل، فضلاً عن قيام التنظيم بدفع مبلغ 1000 دولار لكل مقاتل من مقاتليه يرغب بزواج مع تأمين المنزل والأثاث الخاص بالمنزل، أيضا يقوم التنظيم بتأمين المحروقات للتدفئة وللنقل لمقاتليه وذلك من خلال محطات وقود تابعة للتنظيم بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، خصوصاً بعد سيطرته على حقول نفط في شرق سوريا بعد معارك مع الجيش الحر والكتائب الاسلامية في المنطقة.
دفع هذا الكثير من الشبان للأنخراط في صفوف التنظيم خصوصاً الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشر حيث انضم ما يزيد على الــ 6000 مقاتل إلى تنظيم داعش في سوريا في شهر تموز / يوليو/ من العام الحالي في أسرع وتيرة انضمام للتنظيم خلال شهر، منهم مايقارب الـ 1000 مقاتل من جنسيات أجنبية وذلك أيضا بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
أيضا يقوم التنظيم باللعب على وتر الدين والطائفة لجذب المقاتلين حيث يقوم شرعيوا التنظيم بالتجول في مناطق سيطرته واعطاء دروس للمواطنين تحضهم على الجهاد للدفاع عن أعراضهم وأنفسهم أمام هجمات «الشيعة والصليبين» بحسب شرعيي التنظيم.
التنظيم استفاد من ضربات التحالف الدولي لمواقع سيطرته عندما توافدت أعداد كبيرة من مقاتلي الكتائب المقاتلة للألتحاق و مبايعة التنظيم، و قام عدد كبير من المواطنين بالتوجه الى «ديوان التجنيد» في مناطق سيطرة التنظيم للقتال في صفوف التنظيم، يدفعهم شعور الغبن الذي أحس فيه المواطنون من تقاعس المجتمع الدولي من دعم الثورة السورية عسكرياً أو اقامة مناطق أمنة أو مناطق حظر جوي تحميهم من قصف قوات النظام.
بينما تسارعت ضربات التحالف الدولي بضرب التنظيم ازدادت شعبية التنظيم و باتوا يعتقدون أنه على حق، ولو أنه ليس على الحق لما قامت أكثر من 60 دولة بمحاربته وهذا ما كان شرعيوا التنظيم يحاولون ايصاله للناس «محاربة الاسلام».
وكان لسيطرة التنظيم على كل من الفرقة 17 شمال مدينة الرقة واللواء 93 بريف الرقة الشمالي ومطار الطبقة بريف الرقة الغربي و حقل الشاعر بريف حمص الشمالي، وقتله المئات من مقاتلي قوات النظام وأسر المئات واعدامهم بعد معارك عنيفة مع قوات النظام، أثراً بالغاً في نفوس المواطنين الذين باتو يعتقدون أن التنظيم فعلاً هو الوحيد الذي يقاتل العالم والنظام السوري دفاعاً عنهم.
ولقد عانى التنظيم في الفترة الأخيرة من قلة الاقبال على مكاتب التجنيد و خصوصا بعد فشله بالسيطرة على مدينة عين العرب «كوباني» بريف حلب الشرقي وذلك بعد معارك استمرت منذ الــ/16 من شهر أيلول / سبتمبر من العام الحالي حتى الأن وخسائره التي مني بها في هذه المعركة، كما فشل التنظيم من احكام سيطرته على حقل الشاعر الذي فقده لصالح قوات النظام، كما فشل التنظيم باحتواء الشبان الذين حاولوا الالتحاق بمعسكراته وذلك بسبب الازدحام الحاصل في المعسكرات رغم افتتاح التنظيم لعدة معسكرات جديدة حينذاك وتخلفوا للالتحاق به فيما بعد.
كما نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» السبت 20 ديسمبر/كانون الأول أن تنظيم «الدولة الإسلامية» أعدم 100 من مقاتليه الأجانب الذين حاولوا الفرار من مدينة الرقة، التي تعد معقلا للتنظيم.
وذكر مقاتلون في الرقة أن التنظيم شكل شرطة عسكرية لمراقبة المقاتلين الأجانب الذي يشك في هروبهم او تقاعسهم في واجباتهم، وجرى اقتحام عشرات المنازل وتم اعتقال العديد من الجهاديين، حسب الصحيفة.
وذكرت تقارير أن بعض الجهاديين فاجأهم واقع القتال في سوريا.
فحسب تقارير صحافية بريطانية في أكتوبر/ تشرين الأول طلب خمسة بريطانيين وثلاثة فرنسيين وألمانيان وبلجيكيان العودة الى أوطانهم، لكن تنظيم «الدولة الإسلامية» اعتقلهم ولم يعرف مصيرهم حتى الأن.
هذا ما جعل التنظيم يبحث عن نصر معنوي له يعيد لقواته الهيبة التي كسبها بعد عدة انتصارات، فكانت محاولة التنظيم السيطرة على مطار دير الزور العسكري لكنها بائت بالفشل بعد هجوم استمر لأكثر من ثلاث أيام تقدم فيه مقاتلي التنظيم تقدماً طفيفاً في محيط المطار، كما قام التنظيم بمحاولة التمركز بريف دمشق ليفشل فيها أيضا بعد معارك عنيفة مع الكتائب المقاتلة في منطقة بئر القصب بريف دمشق الغربي.
وفي سياق متصل قالت وكالة الاستخبارات الأميركية ان ما يقارب 12,000 مقاتل أجنبي وصلوا إلى سوريا وأن تزايد أعداد المقاتلين الأجانب في سوريا بدأ يدق ناقوس الخطر في دول العالم التي تخشى من عودتهم إليها مع ما اكتسبوه من خبرات قد يستخدمونها ضد بلادهم.
وقالت وكالة الاستخبارات الأميركية في تقرير أصدرته مؤخرا، أن 12 ألف مقاتل من 81 دولة انخرطوا في القتال داخل سوريا، وانقسموا بين التنظيمات المتطرفة وقوات النظام.
يشار الى أن تنظيم «الدولة الإسلامية» قام بتشديد الرقابة على حدوده مع تركيا خوفا من هروب عناصره واغلاقها بشكل كامل في بعض الأحيان، وذلك بعدما كان الخروج والدخول الى تركيا سهلاً ودون أي تعقيدات من مناطق سيطرة التنظيم وخصوصاً في مناطق تل الليمون و على منطار بالقرب من بلدة الراعي التي يسيطرعليها التنظيم بريف حلب الشمالي الشرقي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*