القطاع الصحي في معرة النعمان.. خدمات مميزة

زيتون – وسيم درويش

50 ألف مريض شهرياً.. يتلقون العلاج في مراكز المعرة مجاناً

توحي الأرقام والبيانات الهائلة الصادرة عن أجمالي المراجعين والعمليات الجراحية والخدمات الصحية، الحالة الجيدة التي تتمتع بها مدينة معرة النعمان من الناحية الخدمية في قطاع الصحة، فعلى الرغم مما تعرضت له المدينة من قصف ممنهج استهدف مرافقها الصحية، إلا أن النشاط المبذول في هذا الاتجاه كان كافيا لكسب رضى الناس بحسب الأهالي.

تتمتع مدينة معرة النعمان باحتوائها على أكبر المشافي والمراكز الطبية التي تقدم الخدمات الصحية بالمجان، إضافة لتنوع الأقسام الموجودة فيها، ما جعل منها مقصداً للعديد من سكان الأرياف المجاورة، إذ تقوم ثلاث مراكز طبية خدمية بخدمة أهالي المدينة وريفها، وهذه المراكز هي مشفى المعرة المركزي، مشفى السلام الجراحي، مركز الرعاية الصحية الأولية.

مشفى معرة النعمان المركزي

من أكبر مشافي المحافظة من حيث المساحة والامكانيات، يقع شمال مدينة معرة النعمان، ويخدّم أهالي ريفي إدلب وحماة.

رئيس المكتب الطبي في المجلس المحلي في معرة النعمان ومدير مشفى معرة النعمان المركزي الطبيب “رضوان الشردوب” قال في حديث لزيتون: “يعتبر الواقع الصحي في المدينة جيداً نوعاً ما، وهذا ما نلمسه من خلال الأعداد والإحصائيات الواردة من جميع المشافي والمراكز الطبية فيها، وباعتبار أن مدينة المعرة تمتلك أكبر مشفى في المناطق المحررة والذي يخدم ما يقارب المليون نسمة”.

وتعرض المشفى المركزي بالمدينة كغيره من المراكز الطبية للعديد من الغارات المتعمدة التي أخرجته في كثير من الأحيان عن الخدمة لفترات مؤقتة، كان آخرها في شهر نيسان من العام الحالي، وذلك ضمن سياسة النظام وحليفه الروسي بالاستهداف الممنهج للمشافي والمراكز الطبية في المناطق المحررة.

“في 2 نيسان 2017 قصف الطيران الحربي الروسي مشفى معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي بستة صواريخ من خلال ثلاث غاراتٍ جوية، مما أدى إلى دمار بنيته التحتية ومعداته بشكل كبير وإخراج المشفى عن الخدمة، إضافة إلى إصابة بعض المرضى والكوادر الطبية بإصاباتٍ بليغة، علماً بأن المشفى يضم حواضن أطفال وغرف للعناية المشددة”، بحسب الشهادة التي قدمها وزير الصحة في الحكومة المؤقتة الدكتور “فراس الجندي” إلى اللجنة السورية لحقوق الإنسان.

ويضم المشفى عدة أقسام هي “الإسعاف، العيادات الخارجية، بنك الدم، غسيل الكلى، العناية المشددة، النسائية والتوليد والحواضن، التنظير الهضمي، تخطيط السمع والعضلات والأعصاب، وقسم التصوير الطبقي محوري”، بالإضافة للعيادات الداخلية والتي تتضمن عيادات “عينية، جلدية، أطفال، داخلية، أذنية”.

مُدخل البيانات في مشفى المعرة المركزي “إبراهيم عبود” قال لزيتون: “يقدم المشفى اليوم، العديد من الخدمات المجانية لآلاف المراجعين شهرياً، والذين تقدر أعدادهم بـ 26 ألف مراجع، بينهم 700 عملية جراحية تخدير عام، و2000 عملية خياطة جراحية ناتجة عن حوادث وإصابات حربية”.

أقسام إضافية لا تتواجد في المشافي موجودة في مركز الرعاية الصحية الأولية

أُنشئ “مركز الرعاية الصحية الأولية في معرة النعمان” في بداية شهر تموز من العام 2015، وذلك في مبنى المستوصف القديم في المدينة، بعد ترميمه من قبل منظمة “سيريا ريليف”.

المدير الإداري لمركز الرعاية الصحية في معرة النعمان “محمود المر” قال لزيتون: “تم ترميم بناء المستوصف القديم في المعرة بعد تهدم قسم كبير منه نتيجة لقصف الطيران الحربي، وتم ذلك بالتعاون مع منظمة سيريا ريليف، وبكلفة إجمالية بلغت حوالي 7 آلاف دولار أمريكي، كما قامت المنظمة بتقديم المعدات والتجهيزات الإدارية والخدمية”.

وأضاف “المر”: “يقوم المركز بتقديم خدمات متعددة طوال أيام الأسبوع، ويضم 10 أطباء من اختصاصات مختلفة، وقد تم تعيين الكادر من خلال إجراء مسابقات رسمية ومعلنة”.

 

وأكد “المر” أن المركز يتضمن أقساماً غير موجودة في المشافي، فهو مركز ثابت للقاح الأطفال بمختلف أنواعه، إضافة لوجود عيادة أمراض السرطان فيه، ووجود جهاز تصوير “ماموغراف”، والذي يتم من خلاله الكشف المبكر عن سرطان الثدي، بالإضافة لاحتوائه على قسم مخاض وتوليد طبيعي يعمل على مدار الـ 24 ساعة مع سيارة مخصصة لنقل المرضى، وقسم لتنظيم الأسرة، وقسم للتغذية وتوزيع الحليب، وقسم للدعم النفسي للنساء والأطفال، ومَخبر”.

وتابع: “يزور المركز أكثر من 9600 مراجع شهرياً، يتم تخديمهم في مختلف الاختصاصات البولية والعصبية والأذنية والجلدية، ويُعتمد المركز كمركز رئيسي لعلاج حبة اللشمانيا، ونقوم من خلال الصيدلية الموجودة في المركز، بتقديم أغلب الأدوية التي يحتاجها مراجعوه حسب توفرها، كما تعتبر العيادة السنية (الغير مدعومة)، والتي بدأت بعمل تطوعي بكلفة 4000 دولار أمريكي بجهود شخصية من أهم الأقسام العاملة بالمركز”.

“محمد الحسين” من أهالي مدينة معرة النعمان وأحد المراجعين للعيادة السنية قال لزيتون: “الخدمة في المركز جيدة وخصوصاً أن كلفة العلاج لطب الأسنان في العيادات الخاصة مرتفع جداً ولا يمكن لمواطن عادي أن يتحمله، ولا سيما بعد قرار أطباء الأسنان بتقاضي أجورهم بالدولار”.

مشفى السلام الجراحي

مشفى تخصصي أُسس في مدينة معرة النعمان منذ عام 1995 على يد مجموعة من الأطباء، يقدم كافة الخدمات ضمن اختصاصات النسائية والأطفال والعظمية والحنجرة والأنفية والبولية، ويقدم الأدوية مجاناً بحسب الإمكانيات المتوفرة لديه، توقف عن العمل لفترة، ثم أعيد تفعيله مرة ثانية في 20 تموز 2013.

وفي احصائية قدمها مشفى السلام عن حصيلة عمله في شهر آذار الماضي، أعلن المشفى أن إجمالي المستفيدين بلغ 7795 مريضاً، منهم 2070 للعيادة الداخلية، 2092 أطفال، و2445 للعيادة النسائية، و205 ولادة قيصرية، و253 ولادة طبيعية، و5000 وصفة صيدلية، 2546 للإيكو، و2375 للمخبر.

كما يحتوي المشفى على معهد للتمريض والقبالة، يستقبل فيه الإناث فقط، وذلك بهدف رفد المراكز الصحية بالكوادر الطبية، تخضع فيه المسجلات لتعليم مجاني، لمدة عامين.

ويشهد المشفى ازدحاماً واضحاً نتيجة لخدماته المميزة وهذا ما يؤكده “محمد الجاسم” من أهالي قرية هلبة بريف المعرة الشرقي، الذي اشتكى من الازدحام في المشفى، وطول الانتظار بسبب كثرة المراجعين، قائلاً أنه يضطر للخروج من قريته القريبة منذ الصباح الباكر للحصول على دور مبكر لزوجته”.

التحديات والاحتياجات

يواجه القطاع الصحي في معرة النعمان بحسب الطبيب “الشردوب” تحديات تتمثل في استيعاب الأعداد المتزايدة للمراجعين والمرضى في المراكز الطبية الثلاثة المتواجدة في المدينة، إضافة للحاجة لتطوير امكانيات المشافي الثلاث من حيث الأجهزة والمعدات الطبية، فجهاز الطبقي المحوري في المعرة خاص بالرأس فقط، كما تفتقر مشافي المدينة لجهاز تصوير رنين مغناطيسي، والذي لا يتواجد إلا في إحدى المشافي الخاصة بمدينة إدلب، وقد تصل كلفة الصورة الواحدة إلى 200 دولار أمريكي.

كما تفتقر المشافي بحسب “الشردوب” لوجود عيادة أو أطباء باختصاص صدرية، وهو ما يشكل إحراجاً وتقصيراً واضحين يشكو منه العديد من المراجعين، وإلى وجود جناح لعمليات القثطرة القلبية في كامل المحافظة، وإلى مشفى أو قسم للحروق، حيث يزور المشفى المركزي يومياً 20 حالة، خاصة في فصل الشتاء نتيجة الحوادث المتكررة لاستعمال الوقود في التدفئة، وإلى مشفى للعيادات الخارجية، وإلى قسم للعلاج الهرموني أو الكيميائي، كما تعاني المدينة من ضعف في قسم أمراض الأطفال والحواضن، على اعتبار أن القسم الموجود لا يخدم إلا ما نسبته 20% فقط، وإلى عيادات سنية إضافية، مؤكداً أن بناء مشفى المعرة المركزي قادر على استيعاب كافة الأقسام المذكورة، وأن 40 % فقط من مساحة المشفى مشغولة بالأقسام، فيما تبقى الـ 60 % الأخرى شاغرة”.

وشدد مدير مركز الرعاية الصحية “محمود المر” على ضرورة دعم العيادة السنية، والتي لا تتواجد إلا في المركز بدون أي دعم، وذلك نظراً للإقبال الشديد الذي جعل منها واحدة من أهم العيادات التي يجب تسليط الضوء عليها.

وقال الطبيب “أحمد دعدوش” أخصائي جلدية في مشفى المعرة المركزي لزيتون: “على الرغم من الخدمات الكبيرة التي يتم تقديمها في المشفى،  إلا أن الأرقام الكبيرة من الحالات التي تراجع المشفى يومياً، تفرض عبء الانتظار لفترات طويلة على الأهالي”.

الصيدليات المخالفة وإجراءات المديرية بحقهم

وأشار الشردوب لضرورة تنظيم عمل الصيدليات وتفعيل المراقبة الدوائية، حيث انتشرت بشكل كبير محلات بيع الدواء دون ترخيص الأمر الذي يعود بالضرر على المواطن، وفي هذا الصدد أفاد العديد من أصحاب الصيدليات المرخصة -والذين رفضوا بشكل قاطع ذكر أسمائهم لتلقيهم عدة تهديدات لأكثر من مرة بسبب اثارتهم لهذا الموضوع- بأنهم تقدموا بعدة شكاوى للمحكمة في معرة النعمان ولكن الأجوبة كانت صادمة جدا ومفادها أنه وفي حال حدوث الضرر نقوم بمحاسبة المتسبب، وقال أحدهم: “هل من المعقول أن ننتظر وقوع الضرر حتى تتم المحاسبة عليه”.

مدير دائرة الرقابة الدوائية “علاء أحمدو” أجاب عن سؤال وجهته زيتون حول الاجراءات التي تم اتخاذها للتصدي لانتشار ظاهرة الصيدليات المخالفة والغير مرخصة بالقول: “قمنا في الفترة الماضية بجولات على مدينة معرة النعمان، وتم تحديد الصيدليات المخالفة، ورفع أسماء أصحابها إلى المحكمة، وتم إنذار الصيدليات، تجاوبت بعض الصيدليات وراجعت الدائرة في حين لم تستجب بعضها، وبسبب اشكاليات استهداف المنطقة بالضربة الكيماوية في خان شيخون، وتصعيد القصف في الفترة الماضية، لم يطبق قرار إغلاق الصيدليات بشكل صحيح، لكننا سنعود لنستكمل ما بدأناه بعد العيد، وتعتبر مديرية الصحة هي الجهة التنفيذية في المناطق المحررة بشكل عام، وننتظر الآن تطبيق القرار مع معرفة ما تتطلبه المحاكم من وقت طويل”.

تبدي شريحة واسعة من الأهالي ارتياحها للواقع الصحي الحالي، من حيث عدد المراكز الصحية ومجانيتها، واقعاً يزيد في تحسنه الهدوء الذي ساد بعد تفعيل هدنة أستانة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*