النازحون في إدلب.. خيام على قارعة الطريق

زيتون – أسعد الأسعد
شتاءٌ جديد، يحمل معه مزيداً من البرد القارس، ودرجات الحرارة المنخفضة، والتي من المتوقع أن تصل ذروة انخفاضها في الأيام القليلة المقبلة، وترتعد منها خوفاً وأنت تجلس في منزلك، وإلى جانب مدفأتك، فكيف بمن يسكن الخيام!.

 
وأنت تسير في طرقات محافظة إدلب، ترى خياماً باهتة اللون، مبعثرةً على جوانبها، لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، يتبادر إلى ذهنك أسئلة كثيرة: “من يعيش في هذه الخيام يا ترى؟، ولماذا؟، وكيف يعيشون فيها في هذه الأجواء؟”.
في إحدى الخيام المنتشرة على الطريق الواصل بين مدينة بنش وبلدة آفس، يعيش “فادي صبيح” الملقب “أبو فؤاد”، النازح من بلدة “العطشانة” بريف حماة الشمالي، مع عائلته المكونة من 7 أشخاص، محاولين التأقلم مع بيئتهم، والتغلب على ظروفها، وتكييفها قدر الإمكان مع متطلباتهم الحياتية، وذلك بعد 4 سنوات من النزوح، عاشوا سنة منها في هذه الخيمة.
لم يخطر في بال “صبيح” يوماً، أن الخيمة التي كان يستعين بها في أيام الصيف، بعمله في رعي وتربية المواشي سابقاً، ستتحوّل إلى منزلٍ دائمٍ له ولأسرته، بدلاً من منزله الحجري الجميل، الذي وُلد فيه أبناؤه.
“فادي صبيح” قال لزيتون: “نعيش في هذه الخيمة منذ سنة تقريباً، ولم نتلقَ أي مساعدات من أي جهة أو منظمة، وحتى خيمتنا من صنعنا، غير أن بعض أصدقائي يقدمون لي بعض النقود كمساعدة بين وقتٍ وآخر، كلما توفر لديهم وبحسب إمكانياتهم”.

وأضاف “صبيح”: “أعمل أنا وأولادي الثلاثة، فؤاد وخليل وعبد الجبار، بنقل خطوط الري وتركيبها، وذلك في الأراضي الزراعية المجاورة لخيمتنا، لنحصل على بعض الأموال التي تساعدنا على المعيشة، وفي الوقت ذاته نؤمن المياه اللازمة لنا، إذ نقوم بتعبئة خزان سعة 1000 ليتر، من هذه الأراضي الزراعية، ولكن في فصل الشتاء يكون العمل قليل جداً”.
وفي محاولةٍ منه للتغلب على مشكلة الكهرباء، اشترى “صبيح” لوحاً لتوليد الطاقة الكهربائية عبر الطاقة الشمسية، ويقوم من خلاله بشحن المدخرة الموجودة لديه، لتشغيل الأضواء ليلاً.
أما بالنسبة للتدفئة، فما تزال المشكلة الأكبر التي تعاني منها عائلة “صبيح”، وللتخفيف من حدتها عمد “أبو فؤاد” إلى جمع القليل من الحطب، ليقوم في المساء بتشغيله خارج الخيمة، وينتظره إلى أن يصبح جمراً، ويدخل به 
إلى داخل الخيمة لكي تحصل عائلته على بعض الدفء.

وكذلك الحال بالنسبة للتعليم، إلا أنها المشكلة الوحيدة التي لم يجد لها “صبيح” حلاً، إذ أن كل أولاده بلا تعليم حالياً، فابنه فؤاد من المفترض أن يكون في الصف الثالث الثانوي، وخليل في الصف التاسع، وعبد الجبار في الصف السابع، ولكن “أبو فؤاد” لا يزال لديه أمل بأن تتحسن الظروف، وتتلقى ابنته الصغرى “غدير” ذات الأربعة أعوام تعليمها، على خلاف إخوتها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*