حتى في مواقفهم يمثلون.. الممثلون السوريون الموالون

زيتون – وعد البلخي
“يقول لك أحدهم: لا تناشد سيادة الرئيس!.. يا أخي من أناشد إذن؟ هل أناشد الرئيس الإيراني أم الرئيس الروسي؟ أنا تابعٌ لمن؟ أنا مواطنٌ عند مَن؟.”

مراسل قناة الميادين “رضا الباشا” تساءل في فيديو نشره قبل أيام عبر حسابه الشخصي على فيس بوك حول الجهة التي يتوجب على السوريين في مناطق النظام مناشدتها لتخفيف وطأة معاناتهم في ظل الأوضاع المعيشية السيئة التي يعيشها السوريون في مناطق النظام، وذلك ضمن حملة انتقاد واسعة لحكومة النظام، ومناشدات لرأسه للتدخل وتحسين الأوضاع، يشنّها عدد من الممثلين والإعلاميين الموالين.

الباشا الذي تطرق أيضاً لقضية قمع حرية الصحافة، وجد رداً على سؤاله في منشور لعضو مجلس الشعب التابع للنظام “نبيل الصالح”: “نتساءل عن دور حلفائنا باعتبارهم أكبر موزعين للغاز في العالم، لماذا لايساعدونا.. فقد دافعنا عن موسكو وطهران انطلاقا من دمشق، ورد الجميل واجب الصداقة ؟! “.

الصالح كتب عدة منشورات على صفحته في فيس بوك، زاد من حدة لهجته فيها بعد مقاطعة رئيس مجلس الشعب “حمودة صباغ” لمداخلته في جلسة الأحد الماضي، وذلك بهدف منعه من مواصلة الحديث عن الأوضاع، ليس هذا فحسب، وإنما وصل الأمر بالصباغ لتسمية كل من يشارك بحملات انتقاد الأوضاع على مواقع التواصل الاجتماعي بـ “المتآمرين على الوطن”، واتهامهم بتأجيج الغضب الشعبي على الحكومة.

بينما اعتبرت المذيعة في تلفزيون النظام “ماجدة زنبقة” أن كل ما يُشاع عن انتهاء الحرب لا يعدو كونه إشاعات، بل إن الحرب قد بدأت الآن، ولكنها هذه المرة حرب على كل من بقي في الداخل السوري، داعيةً كافة المغتربين إلى عدم تصديق الشائعات، وعدم العودة إلى سوريا.

وختمت زنبقة في منشورها على فيس بوك متوجهةً للمغتربين بالقول: “صدقني ما رح تندم غير إنك تفوت معنا غينيس بأكتر شعب تمسحت في الأراضي وما بظن تندم على هيك شي! منقول …عن منقول ويمثلني”.

أبطال في التمثيل أم الانتقاد؟
مع بداية العام الجديد، تصدر الممثلون الموالون للنظام لائحة المنتقدين لحكومته والمناشدين لرأس هرمه، ويتساءل المراقبون عن مغزى الحملة التي يشنها ممثلون بارزون وفي هذا الوقت بالذات، فهل أصبح لديهم القليل من الإنسانية والاحساس بالآخرين؟.

ويشكك البعض في صدق أن تكون انتقاداتهم نابعةً من مواقف حقيقية وصادقة باعتبارهم ممثلون بارعون، فيما يعتبر آخرون أنهم يسعون عبر انتقاداتهم للظهور بمظهر الأبطال القوميين أمام الجماهير، بينما لا تستبعد فئة قليلة أن تكون أجهزة الأمن التابعة للنظام على علم وتنسيق مع بعض هؤلاء الممثلين، لا سيما أن سنوات ثمانية تقريباً مرت أثبتت عدم أخلاقية هؤلاء، فمن أين لهم هذه الأخلاق اليوم، على حد تعبيرهم.

“أندريه سكاف، ديمة قندلفت، وائل رمضان” اختاروا التعبير عن مدى سوء الأوضاع المعيشية في مناطق النظام وفقدان الماء والكهرباء والمحروقات، عبر أغنية مصورة مدتها 35 ثانية فقط، لكنها تلخص الواقع.

وكان قد سبقهم ممثلون آخرون في انتقاد الحكومة والفساد المستشري فيها، الذي تسبب بأزمات وفقدان لمعظم الحاجات الأساسية من ماء وكهرباء ومحروقات وغاز إلى حليب أطفال ومواد غذائية أخرى، فضلاً عن الارتفاع الباهظ في الأسعار.

“أيمن زيدان” كتب عدة منشورات دون أن يحدد الجهة التي يوجه كلامه لها، فكتب في أحد منشوراته على صفحته الشخصية في فيس بوك: “كسوري ربما أحتمل كل الصعاب لكنني لا أحتمل أن أكون غريباً، لا تجعلونا غرباء، نحن من هذه الأرض التي لم تشكو يوم، لا تسرقوا كبرياءنا ونحن نلهث خلف تفاصيل الغاز والكهرباء، تذكروا أننا سوريون وسنظل نفخر بسوريتنا”.

بينما كرر في منشورات أخرى عبارة النصر الذي بات بلا معنىً بعد ما آلت إليه أوضاع السوريين في الداخل وسط العتمة والصقيع على حد تعبيره.

أما “بشار إسماعيل” فقد كتب قصة عن زائر مفاجئ ثقيل الظل، ألا وهو الصقيع، قال فيها إن الصقيع برر موقفه بأن الله خلقه هكذا، وأن الأمطار التي تهطل إنما هي دموع الصقيع التي يذرفها حزناً على أطفال سوريا الذين يموتون بسببه، كما أن الصقيع في منشور اسماعيل انتقده وتساءل عن سبب الشتائم التي يوجهها آلاف المرات يومياً هو والسوريين للصقيع، لا سيما أن مسؤولية حمايتهم منه تقع على عاتق حكوماتهم، مطالباً إسماعيل وكافة السوريين أن يتركوه ويشتموا المقصرين بحقوقهم ألا وهي الحكومة.

أما “شكران مرتجى” فقد اختارت مخاطبة رأس النظام بشكل حصري دون سواه، مبررةً ذلك بأنه الوحيد الذي سيستمع للشكوى ويعد ويفي بوعده على حدّ قولها.

بدأت مرتجى رسالتها على صفحتها في فيس بوك بالحديث عن معاناة الشعب من فقدان المواد الأساسية، وارتفاع إيجارات البيوت وثمن حليب الأطفال، ثم انتقلت للحديث عن مشاكل الطرقات والفيضانات، ومنها للشكوى حول حال الجرحى وعائلات الجيش، أما الأبرز فهو العدو الداخلي وتجار الحرب والأزمة بحسب تعبيرها.

وأضافت: “معقول اللي ما مات من الحرب يموت من القهر والبرد والغلا وووووو وتعبنا عتمة بدنا نطلع عالضو بيلبقلنا وبيلبق لبلدنا العظيم”، موضحةً رفضها للهجرة والسفر من سوريا، وفي الوقت ذاته رفضها أن يكون الوطن ضد مواطنيه.

بينما اكتفى “عباس النوري” في لقاء تلفزيوني معه بتوجيه الانتقادات والاتهامات بالفساد لمؤسسة الإنتاج التلفزيوني، مبدياً رفضه لمواقف زملائه بانتقاد الحكومة.

يعيش من بقي في الداخل السوري في مناطق سيطرة النظام في ظل أزمة خانقة يعجز فيها عن تأمين أبرز المتطلبات الأساسية للحياة إما نتيجةً لانعدامها أو لارتفاع أسعارها ارتفاعاً باهظاً، لا سيما في مثل هذا الوقت من السنة، وفي ظل الظروف المناخية والمنخفضات الجوية القاسية التي شهدتها سوريا هذا الشتاء.

فهل شعر هؤلاء بمن حولهم، وهل حقاً صحت الإنسانية بداخلهم، وهل استطاعت أزمة غاز وكهرباء وما إلى ذلك أن تحرك بداخل الممثلين السوريين الموالين ما عجزت عن تحريكه أرواح مئات آلاف الشهداء والمعتقلين والمصابين، أم أن الغاز والكهرباء أغلى بالنسبة لهم من تلك الأرواح؟.

وهل ستلقى انتقاداتهم ومناشداتهم صدىً لدى النظام الذي استماتوا بالدفاع عنه؟، أم أنهم سيلاقون المصير الذي لاقاه كل من تفوّه بكلمة عبر تاريخ حكم آل الأسد؟، أم أن لهذه الحملات والكلمات مغزىً آخر؟.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*