خائن هذا العالم يا خان

زيتون – وضحة العثمان

لم يناموا ككل الأطفال، كانت لهم أحلام مختلفة، الصغار الثلاثة خططوا قبيل نومهم لصباح نشط، أحلامهم الصغيرة كانت تقتصر على جمع القليل من الحياة لسد رمقهم وإرضاء أمهم، ليتفرغوا بعدها للعب بساحة الحي.

الكبير ذو الست سنوات راح يحلم بجمع كمية أكبر من بقايا البلاستيك والحديد لشراء الخبز، بينما يجمع الأصغر بعض أعواد الحطب من الحقول القريبة لتتمكن أمهم من طهو ما تيسر لها من حشائش “الخبيزة” التي تكثر في هذا الوقت من السنة، قد تساعدها الصغيرة رغم يديها الغضتين اللتين تسبب البرد بتشققهما.

نام الأطفال الثلاثة مع أكثر من خمسين آخرين من أقرانهم في المدينة، لكن فجراً أصفراً باغتهم مع أصوات مرعبة أجفلت أحلامهم وسرقت الهواء في حولهم.

فجر أمس ارتعش الأطفال الثلاثة باحثين عن الهواء الذي لم يجدوه، كما لم يجدوا أحلامهم، لم تحتمل أرواحهم الصغيرة حقد العالم وخيانته لبراءتهم فأداروا ظهرهم وناموا..

ناموا بعد أن رفعوا أيديهم متسائلين لماذا؟

ناموا وتركوا أعينهم مفتوحة لكي يرى الآخرين صورة المجرم فيها

ناموا مثلما نام أخوة لهم من قبل ثلاث سنين في غوطة الشام

ناموا ولم يستيقظوا ولم يصرخوا معاتبين العالم، الذي لم يمنحهم حتى فرصة الصراخ وهم يتوسلون الهواء وسكرات الموت.

خائن هذا العالم يا خان

تعليق واحد

  1. ليكن صبرنا على الحق اشد من صبرهم على الباطل

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*