رئيس حركة نداء سورية سامي الخليل: الناس تريد الأمن والإدارة والحرية

– ثلاثية السياسة والإدارة والاقتصاد هي من تضع الدول تحت الشمس

– الأجسام المناوئة للحرية والديمقراطية هي أجسام طارئة على سورية

– الجائع والخائف ليس له قرار

أجرى الحوار: رائد رزوق
استدعى الفراغ السياسي الحاصل في سورية بعد قيام الثورة عدد من الحقوقيين والسياسيين لتشكيل حركة نداء سورية التي دخلت عامها الثالث وذلك بهدف إيجاد عمل وطني سياسي، يكون للحركة كوادر ودور في الداخل السوري وفي خارجه، مستفيدين من الخبرة والتجربة السابقة لعدد من أعضائها وعلى رأسهم رئيس الحركة “سامي الخليل” في نقابة محامين سورية ومعرفتهم بالمجتمع والجغرافية السورية. 
وكان لتكليف “الخليل” من قبل الائتلاف السوري بالتفتيش على الحكومة السورية المؤقتة ضمن لجنة ضمت عدداً من الحقوقيين عام 2015 دوراً كبيراً في أخذ القرار بتأسيس الحركة، فقد وجد “الخليل” أن هذه الحكومة لا تصلح لقيادة بلد أو ثورة، وأنها أقرب إلى جمعية إغاثية، ليس لديهم برامج أو قواعد، وبعيدون عن الهدف العام في بناء مؤسسات سورية حقيقية تمتاز بالوطنية لكي تكون بديلاً عن النظام، وهو ما دفعه للالتقاء مع بعض الشخصيات وتشكيلهم الحركة.

بعد عقد عدة لقاءات تم الاتفاق على أن تكون الحركة لكل السوريين وليس لمكون واحد، وأساسها الوطنية وليس الانتماء الطائفي أو الجغرافي، ويرى القائمون على الحركة أنها نجحت في تشكيل نواة للحركة ومكتب سياسي، مع بدء العمل على استقطاب الكوادر المعروفة بالوطنية وبالتزامها بالقواعد العامة للعمل السياسي والإداري، كما تم الاتفاق على ألا يكون للحركة أي ارتباط مع أي جهة دولية أو سياسية، فضلاً عن تأسيس مكتب في كل من حمص وحماة وحلب وإدلب وريف دمشق وأوروبا.
ونتيجة لتمسك الحركة بتمثيل الجغرافية السورية كاملة فيها فقد ضم المكتب السياسي أعضاء من مدن متنوعة كالسلمية والسقيلية والسويداء وجبلة وحلب وحماه، كما ضمت الحركة شخصيات قضائية كالمستشار القضائي خير الله غنوم وأعضاء من كافة الشرائح والكوادر والصيادلة والمهندسين والطلاب، وأطباء أعضاء في المكتب يعملون بمشافي الداخل كالطبيب عبد العزيز العبد، ونقيب أطباء إدلب الطبيب عبد الحميد دباك.
وللحركة نظام داخلي لم يتم إقراره حتى الأن بانتظار عقد مؤتمر الحركة الأول، الذي لم يحدد بعد، وذلك لإصرار الحركة على عقده في الداخل السوري حين تحسن الأوضاع.
وحول وجهة نظر الحركة في العمل السياسي وفاعليته في الداخل المحرر، وقراءتها للظروف الحالية ومستقبل سورية كان لجريدة زيتون هذا الحوار مع رئيس حركة نداء سورية سامي الخليل.

– للحركة تميز تنظيمي يبدو واضحاً في الموقع الإلكتروني وما يتضمنه من تقسيم واضح للهيكلية والمكاتب وأسماء الأعضاء فيها، ما السر وراء هذا التنظيم الناجح؟
اعتمدنا على العنصر القانوني والحقوقي مستفيدين من العدد الكبير من المحامين في الحركة، فمن بين أعضاء المكتب السياسي الثمانية هناك رؤساء فروع لنقابات المحامين ورئيس فرع دير الزور ورئيس فرع ريف دمشق سابقاً، وهو ما انعكس بوضوح في النظام الداخلي وتحديد الصلاحيات والحقوق والواجبات وتوزيع المهام.
كما تضم الحركة مجموعة من الحقوقيين ذوي الخبرة والاطلاع الكافي على العمل التنظيمي، وبالطبع القانون هو من ينظم العمل السياسي، والسياسة هي عمل متواصل للوصول إلى أهداف، ونحن ندرك أن التاريخ لن يرحمنا إذا لم نعمل ونكون على قدر المسؤولية.

– هل هناك خطوات قادمة قريبة للحركة طموحة أو برامج قيد البدء كعقد المؤتمر التأسيسي الاول؟
ما زلنا في طور التأسيس وإقرار النظام الداخلي الذي تمت كتابته من قبل مجموعة من المحامين الخبراء، وانتخاب المكتب السياسي للحركة وهم 11 عضو، لا نريد التسرع بعقد مؤتمر دون أن تكون الظروف مناسبة، ويرتبط عقد مؤتمرنا بالهدوء في الداخل واستتباب الأمن، فلا يمكن عقد مؤتمر الآن في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة، أو حتى إقرار النظام الداخلي، أهم ما نفعله حالياً هو تحصين أنفسنا من التجيير لأحد الأطراف سواء إغاثية أو استخباراتية أو دولية، علاقتنا نبنيها مع الآخر على أساس الندية وليس على أساس التبعية. 
نحن دائمي التواصل ضمن المكاتب عبر غرف الواتس أب، ولكل مكتب غرفة يتم فيها النقاش بين أعضائها وبين المكتب التنفيذي.

– ما هو دور الشباب والمرأة وتمثيلهم في حركة نداء سورية؟
تضم الحركة عدد كبير من طلاب الجامعات، ويظهر تركيزنا على عنصر الشباب في النسبة الكبيرة منهم من مجموع أعضائها والتي تصل إلى 80% من الأعضاء، لأننا نعد لجيل آخر، ويجب مراعاة الزمن وحقه، وفي نهاية المطاف الشباب هم سيقودون العمل، نحن مهمتنا إيصال الخبرة لهم وترسيخ فكرة تداول السلطة وقبول الآخر، وخصوصا تداول المواقع القيادية، اليوم لا يمكن لبلد ما أن تأخذ حقها وحجمها الطبيعي إلا بمشاركة كافة الشرائح، ولا سيما الشباب والمرأة، ومن هنا كان تمثيل هاتين الشريحتين كبيرا في حركة نداء سورية، فلدينا ثلاث عضوات في المكتب السياسي من أصل 11 عضواً، كما أنها حاضرة في معظم مكاتب الحركة بشكل فاعل.

– ما هو وضع الحركة حالياً؟
يدل عدد المتابعين لموقع حركة نداء سورية الإخباري، والبالغ 16 ألف متابع، على ثقة الأهالي بالحركة واهتمامهم بالمواضيع التي تقوم بطرحها، كما يدل على متابعة الحركة لكافة الأحداث في سورية وقراءتها لما يهم الأهالي.
كذلك كان للحركة بيانات واضحة ضد القصف الروسي، ومواقف تجاه قضية المعتقلين، كما رفضت الحركة الذهاب إلى مؤتمر جنيف بسبب وضوح موقف وفد النظام مسبقاً لديها، بالإضافة إلى تفوقهم في الخبرة بالعمل السياسي.

– كيف ترون أداء التجمعات السياسية في المناطق المحررة.
الجائع والخائف ليس له قرار، الجائع حتى يشبع والخائف حتى يأمن، لا تمتلك التجمعات السياسية في الداخل السوري الخبرات السياسية اللازمة للقيام بعمل سياسي ناجح، فضلاً عن انعدام الظروف الملائمة للعمل السياسي.

– تقولون أن لا عملاً سياسياً في الداخل السوري بسبب عدم توفر شروط العمل، لكن ألا تعتبر التجمعات السياسية في الداخل هي آخر الأصوات المدنية التي يجب التمسك بها؟ 
أقدر كل عمل مبذول في الداخل، وهم مشكورون على تلك الجهود التي يقدمونها، لكن النظام عدوه الحقيقي هي التجمعات والتنظيمات القادرة على العمل السياسي الصحيح، ولا سيما تلك التي تملك الكوادر الصحيحة، والنظام يخشى من السياسي والكاتب والأديب أكثر من السلاح، ولقد ثبت أن قوة النظام بضعف معارضته وليست بجيشه ولا بطائفته، قوة النظام بضعف المعارضة السياسية التي لم تكن على قدر المسؤولية التي تحلوها.

– ينتقد البعض حركة نداء سورية على أنها حركة نخبوية بعيدة عن المواطن العادي؟ هل هذا صحيح أم أنكم في هذه المرحلة بحاجة إلى كوادر علمية تتبعها مراحل أكثر انفتاحا؟
النخبة موجودة بالحركة، نحن لا نقبل انضمام من هم دون الشهادة الثانوية، إلا في بعض الاستثناءات لأوضاع اجتماعية، أحد شروط الانتساب لدينا أن يكون المنتسب حاصل على الثانوية العامة، لكننا نركز على ضم طلاب الجامعة والنخب التي يمكن أن تساعد في ترسيخ أهداف الحركة.
وبرأي فإن العمل السياسي بحاجة إلى جوانب اجتماعية وثقافية وإلى الحضور، فالوضع الاجتماعي للعضو مهم لكي يستقطب الناس ويؤثر فيهم، ولذلك فإننا لا نقبل قاتل ولا قاطع طريق ولا سارق ولا من لم يأخذ موقفاً أخلاقياً واضحاً من عائلته وأسرته، فلا يكفي استيفاء شروط الانتساب للانضمام، وعلى المنتسب أن يثبت مواقفه الأخلاقية. فلا يمكن أن تضم شخصاً يسكت عن الخطأ.
كما يجب أن يكون للمنتسب ظهراً اجتماعيا و”عزوة”، لأنه في حال الحروب برأي “ابن خلدون” وحين تضعف الدولة فإن الأشخاص يرّتدون إلى القبيلة والعشيرة والأسرة والطائفة، وأنت بهذا الظرف الأمني عليك أن تضم أشخاص يكون لهم نفوذهم الاجتماعي، ولذلك فإننا لسنا نخبويين، ولكن هل من الخطأ أن يكون أعضاء المكتب السياسي من أصحاب الشهادات ومن جغرافية متنوعة ومثقفة ومضلعة بالعمل السياسي؟.

– ما هي الأخطاء التي ارتكبتها الثورة وأوصلتها لما هي عليه اليوم؟
هناك فرق بين أن تكون مع الثورة لأنك تراها حاجة وضرورة، أو أن تكون مع الثورة لتستفيد من الثورة، هناك من خرج بفعل العدوى التي حصلت في الدول العربية الأخرى، وهناك من خرج تضامناً مع أهل درعا، وهناك من خرج رفضا لما فعله النظام من سلبيات، لكن مع تقدم الزمن دخل إلى الثورة شرائح ليست من المؤمنين بالثورة ولا بأهدافها طمعا في الاسترزاق والمنفعة، وهو ما أقصى النشطاء والمخلصين لها.
والشعارات التي أساءت للثورة ومدنيتها وديمقراطيتها رفعها المال الخليجي، وذلك لتخويف شعوبهم من الثورة، التنظيمات الإسلامية اعتبرت نفسها أنها قابلة لكل مرحلة، ولكنها لم تكن مستعدة لدفع الثمن، في حين أن سنة التطور تحتاج إلى تغيير الرجال، فلكل مرحلة رجالها وفكرها، دائماً وأبداً التطور يبدأ بتحسين الأداء للمنظومة السياسية التي تعمل بها.

– كيف ترون الحل الأمثل للصراع في سورية وما هو السيناريو المحتمل برأيكم كحركة سياسية؟ وأين يكمن دور التجمعات السياسية في الحلول المحتملة؟
الصراع على سورية اليوم دولي محض، وكل الأجسام المناوئة للحرية والديمقراطية هي أجسام طارئة على الساحة السورية، لأنهم لا يملكون استراتيجية وليس لهم ناظم للغد، ومن لا يملك الغد لا يفيده الحاضر ولا الماضي، العالم تصارع علينا وبنا.
على السياسي اليوم أن يعرف ما يريده الناس، الناس تريد الأمن والصحة والإدارة والحرية تحت سقف الوطن، ثلاثية السياسة والإدارة والاقتصاد هي من تضع الدول تحت الشمس، سلطات الأمر الواقع في المناطق المحررة هم ظل النظام، ومتى مازال النظام سوف يتبخرون، ومتى صحت السلطة صح المجتمع. 
القانون الدولي يقول عند تغير الظروف الدولية والإقليمية تسقط كل الاتفاقيات والمعاهدات القائمة، الوضع الدولي ما زال إلى الأن في وضع التجاذبات، يغذيه الإقليم وخاصة دول الخليج، نفطهم نقمة، يضخون الأموال في سبيل ألا يكون هناك صندوق انتخاب أو رئيس منتخب في سورية.

– ما رأيكم بالتجربة التركية بشكل عام وبالانتخابات الرئاسية الأخيرة بشكل خاص، كيف يمكن الاستفادة من هذه التجربة، وكيف ستنعكس على المنطقة؟
الانتخابات التركية تعتبر نقطة وضاءة ليس في تركيا فقط، بل في تاريخ الشرق، فقد أعطت صورة بأن الإنسان التركي يستطيع أن يقول للأخرين نحنا هنا، هذه التجربة التركية الرائعة في الأداء والشفافية والسرعة وفي العودة إلى العمل مباشرة في اليوم التالي، دليل لكل من يريد أن يتعلم.
نتمنى أن نستفيد منها كسوريين وقد استفدنا منها لتأطير أنفسنا في يوم قادم لا محالة، لنحاكي تجربة ديمقراطية تثير انتباه الناس، في عالم متغير تحكمه المصالح والقوة للأسف، لكن القادم يحمل الكثير، ونحنا في حركة نداء سورية نستغل هذا الوقت لنبارك للشعب التركي ولقيادته ولإدارته على ما قدمت وفعلت لتكون تركيا دولة بكل معنى الكلمة.

– ما قراءتك للأنباء التي تفيد بأن النظام ينوي إطلاق سراح المعتقلين تحت ضغط من الطرف الروسي؟
عدد المعتقلين الذين قتلوا في المعتقلات يوازي عدد الأحياء، النظام لن يفرج عن المعتقلين دون مقابل، والمجتمع الدولي في حالة مخجلة، الروسي عنيد ومجرم، والإيراني يسعى على فتات التاريخ، والثورة أضاعت الكثير من الفرص التي كان من الممكن أن تخولها فرصة التفاوض عليهم.

*سامي خليل: رئيس حركة نداء سورية وعضو نقابة محامين سورية لدورتين، ورئيس لجنة الحريات وحقوق الإنسان فيها، وعضو رابطة الحقوقيين الدوليين بلندن.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*