طريق المليون.. أمل الهاربين من بطش النظام في حماة

زيتون – مخلص الأحمد 
بعد أربع سنوات اعتقال لم يجد “محمد الجاسم” مكاناً له في مناطق النظام، فقد ذاق مرارة الاعتقال التعسفي والتعذيب في أقبيته، ما دفعه للتفكير في الهروب إلى المناطق المحررة عبر طريق يعج بمئات الأشخاص ويدفع من أجل عبوره عشرات الملايين يومياً، في هجرة جديدة من نوعها، تحت دافع الهرب من بطش أجهزة الأمن والمخابرات.

عبر طريق “المليون” ذو الشهرة الواسعة سرد الجاسم لزيتون طريقة هربه من مناطق النظام بعد إطلاق سراحه قائلاً: “بقيت مختبئاً في مدينة حماة لمدة يومين، إلى أن تم تأمين طريق مضمونة لي بالتعامل مع أحد المهربين، بعد دفع النقود لطرف ثالث، كانت قدماي ترتعد خوفاً من اعتقالي مرة أخرى، وعند وصولي إلى المكان المتفق عليه في إحدى البلدات شرقي حماة، وجدت عائلات عدة ومنشقين يقصدون إدلب أيضاً”.
وتابع: “كنا ننتظر بخوف كبير وخاصة النساء والمنشقين في غرفتين صغيرتين، وبلغ عددنا 23 مدنياً و49 منشقاً، ومع أن طريق حماة-أبو دالي سالك وآمن، كانت دقات قلبي تتسارع باستمرار فهو موقف لا نحسد عليه، وبالأخص أننا كنا نمر من حواجز تتبع للنظام والشبيحة”.
ويروي الجاسم كيف تم تسليم المنشقين قبل الانطلاق أسلحة خفيفة، بغرض الدفاع عن أنفسهم، وكضمانة لهم أثناء الرحلة، وبعدها صعد الجميع في سيارات مغلقة، عبرت دون أن توقفها حواجز الجيش بعد اتفاق المهربين مع ضباطها، في قافلة مكونة من 54 عربة لنقل النفط والمحروقات، إلى وجهتها “أبو دالي” في ريف إدلب، وهي الوجهة الأخيرة في مناطق النظام.
ويضيف الجاسم: “وصلنا قرية أبو دالي وارتسمت الفرحة على وجوه النساء والمنشقين، عند الحاجز الأخير الذي استقبلنا بعبارة “يلعن الأسد”، على الرغم من أنهم يرفعون علمه فوق حاجزهم، إلا أن همهم الوحيد هو جمع المال”.
بعد وصولنا إلى المناطق المحررة، كان يتوجب علينا أن ننجز المرحلة الأخيرة في رحلتنا، وهي إعطاء الإذن للكفيل بتسليم المال للمهرب، والبالغ 250 ألف ليرة سورية للمدني و500 ألف ليرة للعسكري المنشق من المحافظات الأخرى إلى إدلب، وذلك وفقاً للاتفاق بالنسبة للأشخاص الذين يصلون إلى بر الأمان، أما الأشخاص الذين لا يصلون فيكون المهرب مسؤولاً عنهم إذا ما تعرضوا لمكروه، علماً أنه لايوجد ما يضمن وصولهم.
حال محمد كحال الكثيرين من الذين دفعوا مبالغ نقدية أثقلت كاهل عوائلهم مقابل الهرب من النظام خوف الاعتقال، وهذا نوع آخر من التهجير الذي لم يتحدث عنه العالم، حيث يهجر يومياً ما لا يقل عن 50 شخصاً من مناطقهم بطريقة خفية بعيدة عن أعين الإعلام والأمم المتحدة، مبالغ ليست بالقليلة تذهب إلى جيوب القتلة وضباط حماة الوطن.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*