عموم الفاحشة يسقط فجاجة التفرد

عدنان صايغ
يتبنى أنصار ومؤيدي الأنظمة الديكتاتورية أسلوبا “انتهازياَ” في تبرير وتشريع إجرام الحاكم، كلما سقطت إحدى الدول الديموقراطية في مطب أخلاقي مؤقت، ومفاد هذا المبدأ، أنه إن كانت هذه الديموقراطيات ترتكب مثل هذه المخالفات، فمن الطبيعي أن تمارس الأنظمة المتآكلة ما تمارسه، وبالتالي فلا يحق لشرطي العالم، أن يحاسبها على جرائمها، وفي الحالة السورية، لا يحق لأمريكا أن تسن قانون قيصر على نظام الأسد مثلا.

ويتلمس المتابع سعادة الدول والحكومات، القائمة في نواتها على عصابة حاكمة، بما يحصل من احتجاجات في مدن أمريكية عدة، وما يرافق تلك الاحتجاجات من عنف متبادل، في حالة هي أقرب للتشفي والشماتة، بل أقرب للتمني بزيادة القتل والانتهاكات في أمريكا.

ويتناسى هؤلاء بقصد، الفارق الكبير في الكم والنوع في مقارنتهم، ما بين ما يجري اليوم في مدن أمريكية، تعيش حراكا في أعلى مستوياتها للبحث عن حل يمكن أن يؤسس لبداية جديدة لمشكلة التمييز العنصري القديمة، مستفيدين من جريمة واحدة، ارتكبها شرطي، وبين حالة الأسر لشعب بكامله لدى عصابة همها الوحيد تكريس سلطتها ولو على ركام البلد.

في هجوم غير مفهوم شنه ممثل سوري موال لنظام الأسد، يدعى “معن عبد الحق”، يكتب بجانب اسمه على صفحته في فيس بوك “وحدوه” كي يعرفه الناس بدوره الذي اشتهر فيه بمسلسل باب الحارة “صطيف الأعمى”، يفرغ الممثل جام حقده على اثنين من زملائه اختارا معارضة نظام الأسد.

هجوم عبد الحق الذي طال كل من الممثل السوري المقيم في الولايات المتحدة، جهاد عبدو، وجمال سليمان واصفا إياهم بأسوأ الصفات، وذلك لصمت الأول عن التنديد بجريمة قتل جورج فلويد في أمريكا، ولأن الثاني هنأ الأول بانتسابه لهيئة فناني هوليود.

وفي خطاب عبد الحق النموذجي لشبيحة النظام السوري، يكرر مفردات ساخرة سوقية، متهكما على زميليه “حقوق الإنسان، والديموقراطية، والتعددية”، جمل تشابه ما تداوله الشبيحة في بداية الثورة “بدك حرية؟”.

ينسى الشامتون السعداء باحتجاجات أمريكا، أن دخل المواطن الأمريكي اليومي يفوق دخل المواطن السوري الشهري بأضعاف، كما ينسون أن الحالة المعيشية للكثير من السوريين، بلغت حد استحالة الاستمرار، وبات هم الإنسان في هذه الأرض مقتصرا على تأمين عبوة غاز وربطة خبز.

وكان الأجدر في عبد الحق وأبواق النظام، الحديث عما يحسن حياة السوريين، بدلا من التشفي بخراب دول أخرى، أو التنمر على زملاء لهم، اختاروا الوقوف في صف الناس، لكن ما يذهب إليه تفكير عبد الحق يشير بحق إلى ما يظنه عارا متلبسا وقع فيه جهاد عبدو، وهو خوفه من انتقاد الإدارة الأمريكية، كما هو الحال في سورية وكارثية الاقتراب ولو من بعيد للنظام.

ينسى هؤلاء أن في أمريكا، تقطع إحدى المحطات الإخبارية “MSNBC”، البث المباشر لمؤتمر صحفي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مبررة ذلك بحسب المذيعة التي علقت بأن: “نحن نكره فعل ذلك حقًا، لكن الرئيس لا يقول الحقيقة” وواصفة الرئيس بأنه مُصرٌ على الكذب.

وقال الممثل “معن عبد الحق” بلهجة ساخرة: “مضى على جريمة القتل العنصرية في أمريكا ثلاثة أيام، وهي مدة كافية لمن يريد أن يسجل موقف، وخاصة المضطهدين الهاربين من الاستبداد، الذين قطعوا المحيطات إلى بلاد الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان والتعددية، أعضاء نقابة فناني هوليود.

وفي خطاب مليء بالكراهية والشتائم أفرغ فيها الممثل “عبد الحق” كل حقده على “عبدو” ليصفه بأنه لا يتجرأ على إدانة مقتل جورج بينما يتجرأ على حكومات تقف في وجه أمريكا، مشيرا بذلك سوريا وإيران وحزب الله، كما هاجم الممثل جمال سليمان الذي هنأ عبدو بعد انتسابه إلى نقابة فناني هوليود.

تبقى الصورة راسخة في ذهن المتابع، وهو يرى عبد الحق الذي اشتهر بأدوار العميل وبرع فيها، راقصا على اضطرابات الدول ليبرر لنظامه، كصورة المومس إذ ترمي الناس بالبغاء، فعموم الفاحشة يسقط فجاجة التفرد.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*