كيف يتدبر السوريون حياتهم؟

لجأ السوريون في السنوات الماضية إلى إنشاء مجموعات تواصل إلكتروني معظمها على تطبيق الواتس آب، محاولين الحفاظ على ما يمكن من علاقاتهم الاجتماعية، لتظهر مجموعات العائلات ومجموعات الأصدقاء ومجموعات أخرى إخبارية وتعاونية.

وقدمت تلك المجموعات رباطا سمح باستمرار المودة والمعلومات التي يحتاجها من تفرقوا في بقاع الأرض، كما أمنت وسيلة لمن بقي في الداخل السوري ليشعر بأن له مساحة حيوية قد تواسيه في أوقات الشدة، ورغم تفاوت تلك المجموعات في نشاطاتها إلا أنها بشكل عام خلقت بديلا موازيا للواقع سمح بلم شم الأهل والأصدقاء.

يبث كل عضو من تلك الغرف ما يعانيه من مشقة في حياته، كما يطمأن البعض على صحة الأخرين، فيما يبادر الكثيرون إلى مد يد المساعدة قدر المستطاع.

وبنظرة أبعد يتحمل المقيمون في الدول الأوروبية واجب تقديم المساعدات إلى ذويهم في الداخل، في وقت بات فيه الاقتصاد السوري عاجزا عن سد رمق الأهالي، إلى جانب توقف العمل وانتشار البطالة، وتدهور الليرة السورية إلى حدود عملات الدول المنهارة.

يتساءل الكثيرون ممن هم خارج سوريا، كيف يتدبر السوريون أمر معيشتهم؟ فلا عمل يمكن أن يدار أو يستمر، ولا أملاك يمكن أن تباع أو تشترى، يضاف إلى ذلك النزوح الذي يستنزف كل ما خبأه البعض أو ما صمد في الحفاظ عليه بعد كل سنوات الحرب.

حارب البعض في سبيل استمرار عمله، وعملوا على تكييف مهنهم مع الواقع بما يسمح لتلك المهن بالاستمرار، باذلين جهدا أكبر في الوقت والمغامرة في البقاء بأماكن عملهم رغم خطورة القصف.

البعض ممن توقفت أعمالهم بشكل قاهر، توجهوا لبيع بعض الممتلكات والأراضي ليؤسسوا أعمالا يمكن أن تساعد دون أن تكفي في تكاليف الحياة، هؤلاء باعوا ما ظلوا يسددون ثمنه طيلة جزء كبير من حياتهم ليبيعوه بثمن آلم قلوبهم.

وتشهد المناطق الساخنة في سوريا ولا سيما في إدلب حاليا توقفا في عمليات بيع العقارات بسبب سوء الأوضاع الأمنية والعمليات العسكرية التي يشنها النظام، إلا أن السبب الأكبر يعود إلى التهديد من تقدم النظام إلى عمق المحافظة، ونتيجة لذلك فإن العرض زاد دون وجود طلب على تلك العقارات.

لكن شريحة واسعة من العائلات التي وجدت نفسها دون معيل باتت رهينة مساعدات يقدمها لهم بعض الأقارب الذين أسعفهم الحظ في الوصول إلى أوروبا، ليقتطعوا مبالغ بسيطة من تلك المساعدات ويرسلوها بشكل شهري إلى سوريا.

لم تسلم هذه الشريحة من طمع النظام السوري واستغلاله عن طريق سلب قسم كبير من تلك المساعدات عبر سعر الصرف الذي فرضه والذي وصل ببعض الحالات إلى نصف قيمة المساعدة، فاليوم تقدم السوق السوداء 1100 ليرة لكل دولار واحد، لكن النظام السوري حدد سعر صرفه بـ 700 ليرة كحد أعلى، فيما كان يقدم سعرا يقارب 500 ليرة لكل دولار، وبذلك يكون النظام قد قاسم الفقراء في سوريا في كل المساعدات المالية التي يرسلها أقربائهم لهم من دول اللجوء.

فيما حرم البعض من أي إمكانية، ليقنع بأقل القليل، رغيف خبز وقليل من الزيت مع شربة ماء، هو كل ما يمكن أن يحصل عليه أطفاله.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*