مؤشرات حول اقتراب نهاية تحرير الشام

منذ نشوئها شكلت جبهة النصرة عبئا ثقيلا على الثورة السورية رغم ما أبدته من شراسة في قتال قوات النظام، والذي أكسبها بدوره شعبية في صفوف الأهالي الذين أملوا أن تساعدهم على الخلاص من النظام السوري المجرم.
 
لكن هذه الشراسة انعكست بشكل سريع على باقي الفصائل المعارضة التي كانت تقاسمها القتال كتفا إلى كتف، لتبدأ بالتخلص من تلك الفصائل واحدا تلو الأخر، بتهم واهية وشكلية لتستفرد بسلطة مطلقة على المناطق المحررة.
 
ومنذ بدء أستانة والاتفاق ما بين الضامنين الروسي والتركي على محاربة المجموعات المتطرفة وموافقة الطرف التركي على هذا البند، وضعت روسيا تواجد الهيئة شماعة مستدامة لاستمرار تقدمها على حساب المناطق التي تسيطر عليها الهيئة، وسط عجز أو تواطؤ تركي عن أي تحرك ضد هيئة تحرير الشام.
 
واليوم بعد قضم مساحات واسعة من ريف حماه الشمالي وريف إدلب الجنوبي، ووضوح صورة الانهيار في صفوف الفصائل المتبقية أمام القوة الروسية، عاد السؤال حول مشروع هيئة تحرير الشام وما أنجزته خلال السنوات الماضية، من تفكيك الفصائل وتسليم المناطق من شرق السكة إلى خان شيخون واستنزاف المواطنين واستلاب أرزاقهم، وصبغ المنطقة بهوية التشدد أمام العالم لمنح روسيا ونظام الأسد الحجة والتبرير في المحافل الدولية ومجلس الأمن على قصف المناطق السكنية في إدلب.
 
شعبيا
في الهبة الشعبية الأخيرة التي شهدتها مدن وبلدات ريف إدلب من مظاهرات تدعوا إلى الخلاص من الهيئة، والتي استشعروا فيها مدى إمكانية خسارتهم لأراضيهم وتحولهم إلى نازحين على الحدود التركية السورية إن بقيت هيئة تحرير الشام تحكم وتسيطر على إدلب، ما دفعهم للتحرك بمظاهرات جريئة ضدها بشكل صريح ومحدد في شخص زعيمها الجولاني في كل من معرة النعمان وسراقب وكفرتخاريم وإدلب وباب الهوى، رغم ما مارسته الهيئة من قمع وتخويف وملاحقة النشطاء ومحاولة تصفيتهم.
 
في سراقب لاحقت الجهاز الأمني النشطاء الذين نادوا بإسقاط الجولاني، كما قاموا بمحاولة دهس أحد النشطاء عقب مشاركته في مظاهرة مناهضة لهم، كما جالوا الشوارع بسياراتهم واضعين اللثام  لإخافة الأهالي، وسط إصرار من قبل نشطاء المدينة على التظاهر ضدها مهما كلفهم ذلك بحسب أحد المتظاهرين، مدللا على أن أيام الجمع القادمة ستثبت ذلك.
 
وكان لافتا ما ظهر من مقاطع مصورة لمتظاهرين في ريف إدلب يطالبون ويشتمون الجولاني في حشود غاضبة تشير إلى ما يحمله المستقبل لهيئة تحرير الشام من رفض شعبي بعد أن شكلت كابوسا لهم.
 
كما كان لافتا دعوات بعض الناشطين إلى التخلص من هيئة تحرير الشام، وما لاقته تلك الدعوات من ترحيب واسع ومشاركة كبيرة، كان أبرزها ما نشره الناشط “فضل الحسان” في مدينة سراقب إذ جاء في منشور له: “رأيتم سرقة أموالكم الخاصة والعامة من المعابر مرورا بالماء والكهرباء مستغلين الناس حتى في مقومات حياتهم، فلا يكاد يمر يوم إلا ويوجهون فيه الإهانات عبر قرارات حكومتهم برفع الأسعار بدءا من الخبز وليس انتهاء بالمولدات الكهربائية”.
 
لقراءة المزيد حول الموضوع: http://www.zaitonmag.com/?p=44035
 
دوليا
أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اليوم على ضرورة تحقيق الاستقرار بإدلب في أقرب وقت، وذلك لضمان الأمن والسلام لنحو أربعة ملايين شخص.
 
كما أكد سابقا نائب وزير الخارجية التركي “سادات أونال” أن بلاده “تواصل الجهد من أجل تطبيق اتفاقية إدلب، وأن تجري محاربة العناصر المتطرفة فيها، ولكن من دون أن يُستهدف المدنيون أو البنية التحتية المدنية”.
 
من جهته دعا رئيس هيئة التفاوض نصر الحرير إلى التحرك ضد “هيئة تحرير الشام”، معتبراً أن النظام وحلفاءه مستمرون في التصعيد العسكري بإدلب، متخذين من “تحرير الشام” ذريعة. وقال:
في إدلب وحشان، الوحش الأول نظام بشار الأسد ومليشياته، والثاني هو هيئة تحرير الشام أو القاعدة أو كل مسمياتها ورموزها”.
 
كما أضاف: “لا يجب أن نُبقي ملف تحرير الشام لعبة بيد الروس يستخدمونها حيث يشاؤون، ولابد للجيش الحر الموجود على الأرض التعاون مع الدول الموجودة في التحالف الدولي، بأي صيغة دولية، من أجل التخلص من هذا التنظيم دون السماح للنظام ولروسيا ولإيران التقدم بهذه المنطقة وارتكاب الجرائم”.
 
فضائح من داخل الهيئة
من المؤكد أن ما تم تسريبه من داخل هيئة تحرير الشام ومن قاداتها عن حجم الفساد والعبثية في إدارة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام والواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام لا يخدم إلا نظام الأسد بعد المقارنة بينهما، وهو ما أضافه تسجيل أبو عبدو أشداء من لطمة قوية أزالت كل غبش ما يزال عن بعض المريدين الأنصار للهيئة.
 
وهو ما بدا من الرسالة التي وجهها القيادي في الهيئة المحامي عصام الخطيب والتي تحدث فيها عبر تسجيلات صوتيه عن خيانة الجولاني.
 
تعيش هيئة تحرير الشام في حالة تخبط وانفلات واضح، وتبعثرها لعصابات ومجموعات تسعى بشكل منظم للسطو على مقدرات الأهالي في محافظة إدلب، وما بيع أنابيب النفط التي استخرجتها من قرب قرية البرقوم بريف حلب الجنوبي، بهدف بيعها عبر مسؤولها “أبو إبراهيم سلامة” إلى تجار في مناطق النظام، عبر معبر العيس جنوبي حلب إلا غيض من فيض من بيعها لبقايا المعامل ومحطات الكهرباء وحتى خردة الحديد بشكل يومي.
 
لقراءة المزيد عن الموضوع: http://www.zaitonmag.com/?p=44058
 
وكانت وسائل إعلامية تناقلت أنباء تفيد بأن تركيا أبلغت بعض الفصائل استعدادها لعملية مرتقبة ضد الهيئة وحراس الدين وأنصار التوحيد، في حال لم تنج الوسائل السلمية التي يقوم بها الجانب التركي لحل تلك الفصائل.
 
من جانبها نفت الهيئة جود أي تهديدات لها أو مطالب تركية لحلها واصفة الأنباء بالشائعات، محذرة من حرب داخلية وفوضى أمنية.
 
وجاء في بيان لمكتب العلاقات العامة في هيئة تحرير الشام: “ضمن حرب الشائعات التي يبثها النظام المجرم في المناطق المحررة، تتناقل وسائل إعلامية تصريحات عن مصادر مشبوهة أن هناك توجيهات ومطالب بشن حملة عسكرية ضد هيئة تحرير الشام”.
 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*