مدنية الدولة ضرورة وليست خيارا

897b53d7cfdaac9c237bb5e3

إن ألافا من السنين عاشتها البشرية متنقلة من تشكيلة اقتصادية اجتماعية إلى أخرى ومن شكل للحكم إلى أخر، مقدمة خلال هده المسيرة ألافا من الضحايا بصراعات قبلية طائفية مذهبية عرقية طبقية ،توصلت بعد كل هذه المعاناة وبعد الطفرة الصناعية الأولى إلى شكل من التعايش الاجتماعي، ينقل الصراعات الدموية إلى صراعات سياسية سلمية على أرضية إنهم بالدرجة الأولى بشر يمكن أن يتعايشوا في بقعة جغرافية محددة (الدولة).

ويضع جميع مكونات هذه الدولة أمام مسؤولياتهم التاريخية للعمل معا لتلبية حاجاتهم المشتركة بغض النظر عن مكوناتهم الاجتماعية أو السياسية المختفلة.

هذه الشراكة معبرا عنها بعقد اجتماعي تكيفه دستور يحمل بين دفتيه موادا تؤكد على التنوع وتحميه وتؤكد على المساواة التامة بين جميع أفراد المجتمع.

هذه هي الدولة المدنية وبالتالي فإننا نرى من خلال ماسبق إن مدنية الدولة ضرورة وليست خيار ضرورة لان نضع صراعاتنا السلمية على أساس سياسي ليتسنى للجميع العمل لخدمة مواطنيه بكل طاقاتنا الاجتماعية.

لينهض ببلدنا لتكون في مصاف الدول المتقدمة

لقد فهمت الدولة المدنية في مجتمعاتنا العربية الإسلامية بشكل خاطئ ،وهكذا أريد لها أن تفهم، فمنهم من وضع الدولة المدينة على تعارض مع الدين خدمة لأهداف طبقتي الإقطاع والبرجوازية الطفيلية ،مع أن المدنية والدين مفهومين مختلفين ولا علاقة لهما يبعضهما.

الأولى: تعنى بتوصيف المجتمع بكل تنوعه وتعكس هذا التنوع على الورق بمواد دستورية يحافظ على هذا التعدد ويفعله

والثاني: يختص بايدولوجيا معينة متى عممت على الدولة كنا أمام دولة شمولية وهذا ما يتناقض مع مفهوم الدولة المدنية ومع مفاهيم العصر.

كما أن الدولة المدنية ليست انتصار لدين على أخر أو مكون اجتماعي على سواه فهي للجميع ومن الجميع.

وهناك فئة أخرى شوهت مفهوم الدولة المدنية وهي الأنظمة الاستبدادية التي حكمت في المنطقة العربية ومنها نظام القمع والاستبداد نظام العائلة الاسدية .

لد كان النظام الاسدي الفاشي يتزين بالمدنية زورا وبهتانا ،ليسوق نفسه للخارج وفي الداخل يختزل كل سوريا بشخصية (القائد الملهم) لتصبح سوريا دولة شمولية من الطراز الأول وتتخلف البلد بكل المجالات عن ركب الحضارة الإنسانية. لمستوى أن الذين كانوا يرغبون في أواسط القرن الماضي أن تكون بلادهم مثل سوريا، فهم اليوم يسبقون سوريا أشواطا كبيرة لأنهم استفادوا من جميع طاقات مجتمعهم

إن ورقة التوت التي كانت تستر عورة النظام السوري قد سقطت ،وكشف هذا النظام عن أنياب ذئب ينهش في جسد المجتمع السوري، ليس بالقتل فقط، إنما بالعبث بالبنية الاجتماعية ومحاولته جر الناس إلى خندقه الطائفي ،ومما يؤسف أن هناك البعض الذي يمتلك الاستعداد لهذا الانجرار المخيف ،والذي يمكن أن ينقلنا من استبداد إلى أخر لكن بلون مختلف، لذلك عندما نؤكد على الدولة المدنية تجنبا لإعادة إنتاج النظام الديكتاتوري بزي مختلف فما هي الدولة المدنية

إن للدولة المدنية ثلاث مرتكزات رأينا

  • الأساس
  • العماد
  • الوسيلة
  • الأساس الذي تستند عليه الدولة المدنية هي المواطنة، فالمواطنون كلهم متساوون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن تنوعهم الطائفي أو المذهبي أو العرقي أو الجنسي.

وان حق الرأي والتعبير وإقامة الشعائر الدينية والتظاهر وعقد المنتديات وتشكيل الأحزاب والجمعيات مكفول للجميع، كما أن من حق الجميع الأمن والأمان الاقتصادي والاجتماعي ،وضرورة توفير العمل للجميع والصحة والتعليم المجاني للجميع ،أي على الدولة توفير الضمان الاجتماعي والضمان الصحي وديمقراطية التعليم ومجانيته للجميع ،كما عليها تامين الحقوق والقومية الثقافية و الإدارية للأقليات القومية على أرضية وحدة الشعب والتراب السوري.

  • عماد هذه الدولة المؤسسات الفاعلة والمنتخبة، وتفعيل العمل المؤسساتي والجماعي لنقطع والى الأبد أية صلة بالفردية والتسلط الفردي.

وهذا لا يتعارض مع الإبداعات الفردية والإبداعية وضرورة تشجيعها وتنميتها مع ضرورة تفعيل دور المرأة والشباب ليبقى مجتمعنا متجددا ونكسب كل إمكانات شعبنا.

  • الوسيلة لكل ذلك هي الانتخاب، وفي كل المستويات من الأدنى إلى الأعلى وصولا إلى البرلمان.

بهذا الشكل نكون قد وضعنا سوريا على السكة الصحيحة وجعلنا من سوريا بفضل كل أبنائها لبنة في مدماك الحضارة الإنسانية بغير ذلك ستصل إلى الغول ولات ساعة وندم والحديث بقية

حسين أمارة