مسؤولية من تجويع أهالي الشمال؟

يحاول الجانب الروسي اليوم استغلال قضية المساعدات الإنسانية لتحويلها لمكسب عسكري وسياسي، وفرضه النظام السوري كأمر واقع يجبر المجتمع الدولي على التعاطي معه، من خلال مرور المساعدات عبره إلى مناطق الشمال السوري، راميا إلى تحكم النظام السوري بغذاء أكثر من 4 مليون سوري هاربين منه.

المحبط لملايين السوريين هو اقتصار الاهتمام الأمريكي والغربي على الملف الإنساني، دون الالتفات إلى تحريك الملف السياسي الجامد، وهو ما يحتاجه السوريين كحل جذري لمأساتهم، لا حلول إنسانية مؤقتة، الأمر الذي يؤكد على تراجع أولوية الملف السوري أو عدم الجدية في التعاطي معه.

ويخشى السوريون ما تعتزمه روسيا من تحويل ملف وصول المساعدات إلى جولات مفاوضات وابتزاز سياسي تستهلك الكثير من الوقت، الوقت الذي لا يملكه المدنيين الجياع في الشمال السوري، بهدف الحصول على إظهار روسيا قدرتها على المفاوضة وتحقيق المكاسب.

السوريون الذين باتوا اليوم كالأيتام على طاولة اللئام، ينظرون بعين الريبة إلى تخلي المجتمع الدولي وعلى رأسه الدول الغربية عن مسؤولياته، في حماية ملايين المدنيين من كارثة مؤكدة ستبدأ فور فشل التوصل إلى قرار تمديد وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود مع تركيا، ما سيترك الملايين من الأطفال والنساء تحت شبح الجوع، فضلا عن انقطاع الإمدادات الطبية الملحة.

ومع الفشل الذي يسيطر على جهود اللجنة الدستورية، ومثله في جمود ملف المعتقلين في سجون النظام، وتزايد الخطوات التي بدأتها بعض الدول العربية في تطبيعها مع النظام، وتمكن روسيا والنظام من تمرير الانتخابات الرئاسية رغم أنف الجميع، لا يستبشر السوريين خيرا في التصريحات الإعلامية التي تدعوا لتمرير قرار وصول المساعدات، دون أي ضغط مؤثر على الأرض، ودون أي نوايا لدى الدول القادرة على الفعل والتغيير سوى تسجيل مواقف أخلاقية ضد روسيا التي تلوح بالفيتو لعرقلة قرار التمديد غير مبالية بالمواقف الأخلاقية.

علما أن التدخل الروسي في سوريا لم يلق منذ بدايته معارضة غربية، وفي ذات الوقت حرم خصوم النظام على الأرض من التسليح الفعال، وسلم المجتمع الدولي بوجود روسيا وسيطرتها على مساحات واسعة على حساب مناطق فصائل المعارضة، وترك الجانب التركي كضامن وطرف مفاوض أمام الروسي الذي فرض رؤيته وخططه في معركة أحادية الجانب، في ظل عزوف المجتمع الدولي عن التدخل الجدي في إيجاد حل للأزمة السورية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*