وثيقة سرية أردنية تقترح خطوات لتغيير سلوك النظام السوري… ما محتواها؟

اقترحت وثيقة سرية أردنية مقاربة جديدة للتعامل مع دمشق، ووضع خطوات ترمي إلى تغيير متدرج لسلوك النظام، وصولاً إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية التي دخلت إلى سوريا بعد العام 2011، مع الاعتراف بالمصالح الشرعية لروسيا في سوريا.

ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن مسؤول غربي رفيع المستوى قوله، إن الملك الأردني عبد الله الثاني، ناقش الوثيقة مع الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته مؤخرا للبلدين، كما نوقشت بقمة بغداد لدول الجوار في آب الماضي، مشيراً إلى أن بعض خطوات التطبيع التي جرت أخيراً تلامس هذه المقاربة الجديدة أو مستوحاة منها.

وأضاف المسؤول أن الوثيقة انطلقت من فشل مقاربة الأزمة السورية خلال السنوات العشر الأخيرة، في جميع الجوانب التي تخص السوريين، إذ أن هناك 6.7 مليون سوري لاجئ و6.6 مليون نازح و13 مليوناً بحاجة لمساعدات إنسانية، كما أن 80 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، و2.5 مليون طفل خارج المدارس.

وأوضح أن الوثيقة انتهت إلى الاستنتاج بأن إيران تتمتع بنفوذ عسكري واقتصادي متزايد على النظام ومناطق مختلفة من البلاد، وخصوصاً جنوب غربي سوريا، حيث تزدهر تجارة المخدرات التي تشكل مصدر تمويل رئيسي لميليشيات إيران، ما يشكل تهديداً للمنطقة وما وراءها.

واقترحت الوثيقة مقاربة جديدة مؤثرة بما يؤدي إلى إعادة التركيز على الحل السياسي في سوريا، وفق القرار الدولي 2254، ومعالجة الأزمة الإنسانية ومنعكساتها الأمنية في سوريا وجوارها، بطريقة تقوم على سلسلة من الخطوات التراكمية، تركز على محاربة الإرهاب واحتواء النفوذ المتصاعد لإيران، على أن يكون هدف هذه المقاربة تغيير تدرجي لسلوك النظام، مقابل حوافز تنعكس إيجاباً على الشعب السوري وعودة اللاجئين والنازحين، حسب قول المسؤول الغربي.

وتقترب أفكار هذه الوثيقة من اقتراح المبعوث الأممي غير بيدرسون لاتباع مقاربة خطوة مقابل خطوة، يبدأ بتفاهم أميركي – روسي، وتعريف هذه الخطوات وتحديدها، والحصول على دعم إقليمي وعربي وأوروبي لها، ثم تشكيل آلية واضحة لانخراط النظام قبل البدء بتنفيذها.

وقال المسؤول الغربي، “إن كسب التأييد الروسي لهذه المقاربة أمر جوهري، إضافة إلى الاعتراف بالمصالح الشرعية لروسيا، ثم التعاون معها لتحديد نقاط مشتركة على أمل المضي قدماً نحو الحل السياسي وتنفيذ القرار الدولي 2254”.

ومن العقبات التي تعترض هذه المقاربة الانقسام إزاء الانخراط مع النظام، وعدم وجود إجماع عربي على عودة دمشق إلى الجامعة العربية وعدم حصول تقدم بالحل السياسي وفق القرار 2254، إضافة إلى تمسك أميركا ودول أوروبية بثلاث أدوات ضغط، هي: العقوبات، العزلة، وتمويل الإعمار، وهناك أيضاً عقبة قانونية أميركية تتمثل بقانون قيصر.

لذلك، فإن أحد المقترحات كان أن يقوم الأردن حالياً بانخراط اختباري مع دمشق قبل توسيع هذه الاتصالات.

وعكف خبراء وكبار الموظفين القيمين على هذه الوثيقة على صوغ خريطة تنفيذية لمقاربة خطوة مقابل خطوة، تتضمن الملفات المطروحة والموقف المطلوب من دمشق بشأن تغيير سلوك النظام، إزاء عملية السلام والقرار 2254 واللجنة الدستورية، ودور إيران وعودة اللاجئين والنازحين، والعرض المقدم من الأطراف الأخرى فيما يتعلق بالتطبيع والانخراط السياسي والدبلوماسي، واستثناءات من العقوبات وتمويل بنية تحتية، والتعاون المشترك ضد الإرهاب.

ومن الاقتراحات أن يكون الطلب الأولي “انسحاب كل العناصر غير السورية من خطوط التماس”، ثم “انسحاب جميع القوات الأجنبية التي دخلت بعد العام 2011″، مقابل انسحاب القوات الأميركية وتفكيك قاعدة التنف على الحدود السورية – الأردنية – العراقية، وفتح قنوات للتنسيق بين الجيش السوري والقوات الأمنية من جهة، ونظيراتها في الدول المجاورة لضمان أمن الحدود.

ولم تتضمن هذه الخريطة جدولاً زمنياً واضحاً للتنفيذ، ولا تحديداً للموقف من وجود روسيا العسكري في سوريا الذي بدأ في نهاية 2015، وإن كانت تحدثت عن المصالح الشرعية لها في سوريا.

كما أنها لم تعالج موقف دمشق من أن وجود إيران والميليشيات التابعة لها جاء بناء على طلب الحكومة السورية، حسب قول المسؤول الغربي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*