‎ لنستمع لأطفالنا.. الرض النفسي لدى الأطفال السوريين جراءالحرب

زيتون – وعد البلخي 

يتعرض الطفل السوري لأقسى أنواع الصدمات في تاريخ البشرية وذلك لانعدام الأمان سواء في منزله ومدرسته أو في الشارع أو بسبب تعرضه لمشاهد العنف الشديد كالقصف والقتل إضافة الى خسارته لأحد والديه أو إخوته ناهيك عن النزوح والتشرد والفقر.
تُعرّف الصدمة النفسية بأنها أعراض ما بعد التجربة الصادمة، تحدث نتيجة لتجربة أو حدث صادم مما يسفر عنه الخوف الشديد أو الإحساس بالعجز وهي حوادث شديدة أو عنيفة ومؤذية مهددة للحياة، بحيث تحتاج هذه الحوادث إلى مجهود غير عادي لمواجهتها والتغلب عليها أي أنها رد فعل طبيعي لتجربة غير طبيعية.
كما تعرف أيضا بأنها «حالة فجائية طارئة غير متوقعة، تكون فوق طاقة الإنسان، تؤثر عليه، بحيث يكون عاجزا عن التأقلم مع الواقع.

ماهي الصدمات النفسية وكيف نعرف ان طفلنا مصاب بها؟
يقول الطبيب النفسي مضر حبار لزيتون «إن أهم الاضطرابات النفسية شيوعا لدى الأطفال السوريين هي: اضطراب الرض ما بعد الصدمة واضطراب القلق العام والتبول اللاإرادي.

وعن أعراض هذه الصدمات يقول حبار:
من العوارض زيادة التعلق بالأبوين على نحو ملحوظ حديث العهد هو دليل صدمة قلق لدى الطفل، منها أيضا قضم الأظافر ورؤية الكوابيس.

ويضيف الأخصائي في العلاج والصحة النفسية الدكتور «خالد الضعيف» لزيتون عن بعض الأعراض الأخرى:
يعتبر الخوف والقلق من أهم العوارض التي تظهر على الطفل فاليقظة زائدة تسبب صعوبة في التركيز وصعوبة بالنوم تسبب عصبية زائدة في حال استمرارها مما تؤدي الى تدني قدرة الطفل على التعلم.
كذلك تظهر حالة من الإنكار على بعض الأطفال الذين يميلون الى إنكار الواقع مثلا كان يؤكد طفل فقد زميله على عودته غدا الى المدرسة كبعض الحالات التي ظهرت بين أطفال قرية حاس.
كما يمكن أن ينمو الشعور بالغضب الشديد والعصبية الزائدة في البيت أو المدرسة وقد يعاني من صعوبات في التركيز والتعلم تظهر عند الأطفال في المدارس أثناء الحروب.
وتتراجع مقدرة الطفل على الانسجام الاجتماعي في محيطه ويتعرض لصعوبات اجتماعية تتعلق بتغيير التصرفات والمشاعر والأفكار عنده وبالتالي عدم القدرة على التفاعل بشكل ايجابي.

محاذير تزيد من عمق الصدمة

يحذر الطبيب مضر حبار من رؤية الطفل لأحد والديه أو كليهما في حالة خوف فهو يفتقد بذلك الملجأ الآمن والطبيعي الذي تعود عليه لحمايته وقت الشدة ويجب أن يعلم الآباء أنهم القدوة بالنسبة لأبنائهم ويفترض بهم أن يسيطروا على مشاعر القلق والخوف أمامهم وان يبثوا روح الأمل والشجاعة فيهم، وقيل قديما «من شبه أباه فما ظلم»، كما يشدد حبار على الأبوين في عدم التحدث أمام الطفل عن الحوادث المؤلمة التي تعرضت لها الأسرة في ظروف الحرب الحالية وعدم معاقبة الطفل جسديا في حالة التبول اللاإرادي.
ويشدد الطبيب حبار بان الإطار العام لكل الحالات يقضي بتأمين الأساسيات للأطفال وأهمها الأمان ومن ثم المعيشة من توفير الطعام واللباس والدفء، كذلك التعليم.

كيف أساعد طفلي على تخطي صدمته النفسية
ينصح الطبيب خالد التركيز على التعامل مع الطفل بطريقة غير لفظية، نتيجة لانخفاض قدرتهم على التعبير فهو لا يعرف كيف يعبر عن آلامه وما يعانيه بصورة كلمات أو ألفاظ لغوية
ويضيف:

 علينا أن نظهر له التقبل الإيجابي غير المشروط لان الطفل يشعر برغبتنا في مساعدته كما يجب أن نبتعد قدر الإمكان عن اقتحام الطفل في صورة مباشرة في اللحظات الأولى للقاء، أي علينا أن نترك الطفل على سجيته في أن يتحدث عما شاهد أو ما حدث وعلينا أن لا نجبره أو نلح عليه بالحديث عن شيء ما، ومن الواجب علينا أن نعطيه الأمان والثقة عن طريق لمس يده أو التربيت على كتفه، وأن نسمح للطفل إكمال حديثه حتى ولو كان غير منطقيا.

يحدد الطبيب مضر أهم النصائح التي يمكن للأهل القيام بها أثناء تعاملهم مع أطفالهم المعرضين للصدمات بالاتي:
– يجب أن نستمع لأطفالنا «الاستماع الجيد للأطفال وكلما كرر الطفل الحديث عن الصدمة من خلال «التفريغ الانفعالي «كلما قل تأثيرها عليه في المستقبل والتحدث مع الطفل بطريقة تدخل الطمأنينة والأمان إلى قلبه واستخدام أي إجراء يعزز ذلك، ومن المهم محادثتهم قبل النوم عن أفكار ايجابية وعن طموحاتهم وأمالهم والإيحاء لهم بأن المستقبل أفضل، مبتعدين عن ذكر أسباب الصدمة.
2- على الأهل الإجابة على أسئلة الطفل بصدق وبساطة وأن لا نخفي عليهم الخسارة التي لحقت بهم بل نحفزهم على تجاوزها.
3- يجب على الأهالي تقليل تعرض الأطفال الى الأعلام وخاصة الإعلام التي تظهر به مشاهد العنف والقصف لأنه الطفل يستعيد بذاكرته الصدمة، ويعتبر الطبيب «الطعيف» أن سهولة الوصول لوسائل الإعلام ومقاطع الفيديو عن طريق الإنترنت التي تغذي العنف لدى الأطفال أو تثير الرعب لديهم من المشاكل التي لا يتنبه لها الأهل ويقول:
«للأسف الآباء يتصفحون المواقع الالكترونية ونشرات الأخبار غير مبالين بشعور أطفالهم أو غير مدركين بتأثيرها عليهم، وحتى العاب الأطفال الالكترونية فكلها تحاكي الحروب والقتل والعنف».
4- مشاركة الأطفال بتنفيذ بعض الأنشطة البسيطة كأن يشاركوا أهاليهم بالعمل أو مرافقتهم لذويهم للتسوق وتمكين الطفل من ممارسة حياته الطبيعية قدر الإمكان وزيادة الاهتمام بفعاليات كانت في السابق أمرا «روتينيا» مثل الاحتفال بعيد ميلاد الطفل والخروج في نزهات أو للتسوق أو لزيارة الأقارب.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*