اختطاف الأطفال في إدلب ليست ظاهرة

زيتون – وضحة العثمان 

لم تشفع لهم براءتهم في تجنب آثار الحرب الدائرة في سوريا، التي لم تقتصر فقط على قصفٍ أو قتلٍ أو تشريدٍ أو غير ذلك، وإنما امتدت لتصل إلى حالات الاختطاف المتكررة حتى من أكثر المواقع أمناً في نظرهم، فمن أمام مدارسهم إلى أبواب منازلهم، ظهرت عدة حالات اختطاف ولأسباب منها ما عُرف ومنها ما لا يزال مجهولاً، تماماً كما هو الحال بالنسبة لمصير بعض الأطفال المختطفين والذين لم يعودوا حتى الآن إلى منازلهم.

 اختطاف من أحد شوارع المدينة 

حاول ملثمون مساء الاثنين 7 تشرين الثاني 2016، اختطاف الطفل «مصطفى الحناك» البالغ من العمر 12 عاماً، وذلك في أحد شوارع مدينة كفرنبل، وهو في طريق عودته إلى منزله.
وفشل الملثمون في اختطاف الطفل مصطفى، الذي تمكن من اللجوء إلى أحد المنازل القريبة من مكان الحادثة.
وكان الملثمين حاولوا اختطاف الطفل «مصطفى»، عبر محاولة وضعه في سرفيس مغلق (فان) لونه فضي، وفشلوا في ذلك، دون أن يتمكن «مصطفى» من التعرف عليهم.
وعاد الطفل «مصطفى» إلى منزله، وهو في وضعٍ نفسيٍّ سيء، حيث لم يستطع التحدّث إلا بعد مرور ساعات على الحادثة، مؤكداً عدم تعرفه على أيٍّ من الملثمين.
اختطاف من أمام المنزل
أقدم مجهولون مساء السبت 25 شباط الماضي، على اختطاف الطفل «عمران رشاد البصل»، البالغ من العمر 12 عاماً، وذلك من أمام منزله في بلدة «كفروما» بريف معرة النعمان.

وكان شخصان قد نزلا من سرفيس مغلق «فان» أسود اللون، وحملا الطفل «عمران» ووضعاه في السيارة التي انطلقت سريعاً، قبل أن يتم العثور عليه بعد عدة ساعات مرمياً في ساحة الجامع الكبير في البلدة، وعلى جسده آثار تعذيب وضرب شديد، وتم نقل الطفل إلى المستشفى وهو بحالة حرجة، وتبين بعدها أن الجهة التي اختطفت الطفل «عمران» كانت تريد الحصول منه على معلومات معينة تتعلق بأقارب له في قوات المعارضة، وفقاً لما نقلته «الاتحاد برس».

خطف من أمام المنزل

قام مجهولون في صباح يوم الثلاثاء 16 شباط الماضي، باختطاف الطفلة «فاطمة حسين العمر»، البالغة من العمر 14 عاماً، من على باب منزلها بعد أن قاموا بقرع باب المنزل الواقع في قرية «آفس» شمال مدينة سراقب، وحين فتحت لهم الطفلة «فاطمة» الباب، قاموا باختطافها على الفور، دون معرفة السبب.

وقال أحد أقارب الفتاة لـ «زيتون»: «إن سكان من الحي قالوا أنهم شاهدوا سيارة سوداء اللون غريبة عن البلدة، من طراز (رانج روفر) مفيّمة، خرجت من ذات المكان الذي تقطن فيه الفتاة وبذات توقيت اختطافها.

وأضاف قريب الطفلة «فاطمة»: «إن والد فاطمة مريض بنوبات من الصرع، وهو موجود حالياً في ألمانيا بغرض العلاج، وكان قبلها يعمل في بلدية القرية (إفس)، مشيراً إلى أن الفتاة المختطفة هي الأكبر سناً لدى أسرتها، بينما يبلغ عمر أكبر شقيق ذكر لها 13 عاماً».

وعادت الطفلة «فاطمة» إلى منزلها بعد نحو أسبوعين من اختطافها، دون ذكر أية تفاصيل عن حادثة الاختطاف وأسبابها والجهة التي نفذتها.

اختطاف الأطفال حالات لا ظاهرة

حاولت بعض الجهات الترويج لحالات اختطاف التي استهدفت عدة أطفال في مواقع مختلفة من محافظة إدلب على أنها باتت ظاهرة مرعبة في المدينة، إلا أن مصادر عديدة في الشرطة الحرة أكّدت أنها مجرد حالات محدودة وعلى فترات زمنية متباعدة، منها ما فشل، ومنها ما نجح، ومنها ما عاد فيها الأطفال المختطفون، ومنها ما بقي مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة، مؤكدين أن هناك أسباب مختلفة تقف خلف تلك الحالات، معظمها بعيد كل البعد عن الاختطاف بحدّ ذاته، 

حيث تنوعت الأسباب بين حالات ضغط أو انتقام من قبل عائلة أو جهة ما على الأخرى نتيجة خلافات بينهما، ومنها ما ذهب فيها الأطفال بمحض إرادتهم، وتمّ الادّعاء بأنها حالة اختطاف، ومنها ما استهدف الفتيات بشكل خاص، مشيرةً إلى أن حالات الاختطاف في معظمها تمت في أوقات المساء، وغالباً بسيارات من نوع «فان»، والتي تم توثيقها أيضاً في كلّ من مدينة معرة النعمان في 16 تشرين الثاني من العام الماضي، والتي تم بواسطتها اختطاف الطفل «محمد ياسر الإبراهيم»، البالغ من العمر 14 عاماً، بالإضافة إلى حالة اختطاف لطفلة في العاشرة من عمرها، في بلدة سرمدا، وتم إلقاء القبض على الخاطفين وإعادة الطفلة إلى منزلها.
«عواد أبو محمد» رئيس الشرطة الحرة في مدينة سراقب قال لـ «زيتون»: «من خلال عملنا ومتابعتنا كشرطة حرة في مدينة سراقب لم يتم تسجيل أي شكوى عن حالة خطف للأطفال في المدينة، ولكن هذا لا ينفي حدوث بعض حالات الخطف النادرة في ريف إدلب، والتي تم إبلاغنا بها من قبل مركز الشرطة في إدلب، ولكن تبين فيما بعد أن أغلبها كان نتيجة مشاكل وخلافات شخصية».

وأضاف: «قبل فترة تقدم أحد أهالي مدينة سراقب بشكوى مفادها أن «سيارة فان» اعترضت ابنه على طريق المدرسة بحجة توصيله إلى البيت ولكن الطفل هرب والسيارة ذهبت، فحالات الخطف لا تعتبر مثبتة حتى يقوم ذوي الطفل المُختطَف بتقديم بشكوى رسمية يتم بناءً عليها كتابة ضبط أمني يتم توثيقه لبحث القضية، وحدث أكثر من مرة أن تقدم أهالي إلينا بشكاوى حول فقدان أطفالهم، تبيّن لاحقاً أن الطفل تغيّب عن منزله بمحض إرادته نتيجة خلافات عائلية مع أفراد أسرته».
ورأى «عواد» أن الترويج لحالات خطف الأطفال على أنها ظاهرة هو مجرد إشاعات لنشر الخلافات وزرع الكره وبث الخوف في نفوس الأهالي وترويعهم، وافقادهم الإحساس بالأمن والثقة بجهاز اللشرطة الحرة والفصائل في المناطق المحررة.

هذا وتبقى حالات الاختطاف التي لا تزال محدودة ولم ترقى إلى مستوى ظاهرة في ريف إدلب، جزءاً من حالة انفلات أمنيٍّ كبير تشهده المحافظة منذ مدة وبشكلٍ متزايدٍ وغير مسبوق، ربما كان بعض الأطفال جزءً من ضحاياها.

وكانت «زيتون» رصدت في تقريرٍ سابق بعنوان «الفلتان الأمني في ريف إدلب معركة صامتة»، وذلك في الأول من شباط الماضي، حيث رصد التقرير حالة الانفلات الأمني التي تشهدها مدن وبلدات محافظة إدلب، ووثقت جوانب مختلفة منها، وكيف تمّت بعض المحاولات للحدّ منها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*