الجبل المستطيل ومتحف الطبيعة والحضارات

من آثار البارة – أنترنت

زيتون – وعد البلخي 

للوهلة الأولى يندهش القارئ من أن يكون جبلاً وبشكل مستطيل، ولكنها الطبيعة التي تميز بها جبل الزاوية أو (جبل السماق) كما كان يعرف قديماً، والذي يأخذ شكلاً هندسياً أقرب للمستطيل من أي شيء آخر، فهو عبارة عن نجد ناقص وحيد الميل، يشرف بحافة صدعية مستقيمة شبه قائمة على سهل الغاب داخله وتكثر فيه الفوهات البركانية،  يبدأ بجبل الأربعين /877/ م في الشمال وينتهي بجبل شحشبو في الجنوب. 

ارتفاعه المتوسط /750/ م وأعلى قمة فيه قمة جبل النبي أيوب البركانية /940/ م، وينحدر بلطف نحو الشرق وتتناوب فيه القمم والحفر الكارستية والأودية القليلة العمق، وبالقرب من قسمه الجنوبي الغربي تقوم مدينة أفاميا الأثرية، أما إلى الشرق من حدود الكتلة الجبلية تمتد سهول قنسرين وحماة .
ويقع جبل الزاوية بالجزء الشمالي من جبال الكتلة الجبلية الكلسية في شمال غرب سورية، ويتألف جبل الزاوية، أو جبل أريحا من كتلتين يفصل بينهما وادي قامت فيه حضارات قديمة ويقع في وسطها مدينة البارة الأثرية .
ويعتبر جبل الزاوية متحفاً للحضارات العريقة المتعاقبة، نظراً لما يحتويه من آثار الحضارات الرومانية والبيزنطية والإسلامية.
كما كان يشكل الجبل قبل الثورة متحفاً طبيعياً بنباتاته وحيواناته، حيث تتميز طبيعة جبل الزاوية بتنوع نباتي وحيواني، ويقدر الخبراء الزراعيون أن عدد الأنواع التي تنمو في أراضي الجبل بـ 315 نوعاً تتبع 83 فصيلة و209 أجناس ويشكل هذا العدد حوالي 15 % من إجمالي تنوع النباتات في سوريا، ومنها 63 نوعاً نادراً على المستوى الوطني والإقليمي، و85 نوعاً مهدداً بالانقراض كما تم تسجيل ثمانية أنواع نباتية متوطنة وموطنها الأصلي هو جبل الزاوية فقط وأهم تلك الأنواع هي نبات القطن، الزيتون البري و الصبار، بالإضافة إلى الأشجار المثمرة وخاصة الكرز والتين والعنب والرمان والتفاح والمشمش واللوز.
أما التنوع الحيواني فيوجد في غابات جبل الزاوية العديد من أنواع الحيوانات التي استطاعت البقاء رغم الظروف، فضلاً عن أنواع من الثدييات كالذئاب والثعالب والضباع والقط البري، وأنواع من الزواحف مثل الثعابين وأربعة أنواع من السلاحف الصغيرة المتوطنة في غابات الجبل، والعديد من الطيور النادرة مثل الحمام البري والحسون اليماني ونقار الخشب والحمامة المطوقة وطائر الزرياب والزرزور الأسود والعقاب، و60 نوعاً من الفراشات النادرة، ومن هذه الطيور ما هو مهدد بالانقراض ومنها ما انقرض.
ربما ساعدت طبيعة مناخه الباردة شتاءً والمعتدلة صيفاً على هذا التنوع النباتي والحيواني في أراضيه وغاباته، كما ساعد احتضان الجبل للكثير من القرى الصغيرة المتوزعة بتناسق جميلٍ على مساحته الواسعة، لاسيما أن معظمها يدخل الزائر في متاهات عظمة وروعة التاريخ والحضارات القديمة، فضلاً عن كثرة تفرعاته ومرتفعاته، في جعله مقصداً للسياح على الرغم من افتقاره للمشاريع السياحية الاستثمارية.

مدن وقرى جبل الزاوية وأهميتها الأثرية

يحتضن جبل الزاوية على أراضيه ما يقارب 34 قرية و 20 مزرعة، معظمها قرى صغيرة تتكون من عدد محدود جداً من المنازل، إلا أنها تشكل وحدة جغرافية وتاريخية، وأنماط عيشٍ متقاربة في الاقتصاد والاجتماع والثقافة. ‏
ويضم جبل الزاوية العديد من المدن والقرى ذات البعد التاريخي، أهمها: كفرلاتا، احسم، البارة، الرويحا، مجليا، سرجيلا، كنصفرة، جرادة، باعودة، دانا الجنوبية، سرجة، دير سنبل ،أرنبة، أهم القرى الأثرية قرية مليار التي تشتهر بالموقع الأثري والسياحي المشهور رام مليار، وقرية فركيا في واجهة جبل الزاوية بعد معرة النعمان، والتي يعتقد انها كانت حاضرة الدولة البيزنطية وتخفي فيها آثارا عظيمة.
وتنتشر في جبل الزاوية العديد من المقامات والمزارات الدينية المتوزعة على قمم الجبال والتلال فيه، من اهمها: مقام النبي ايوب بالقرب من قرية بسامس ومقام الأربعين وهو كهف في جبل الاربعين بقرية نحلة، ومقام إبراهيم الخواص في قرية منطف، ومقام النبي شيث الذي يقع في قرية كفرلاتا، ومقام قبة الإمام أبي بكر في مدخل بلدة البارة إلى جانب الآثار الرومانية والبيزنطية مثل قلعة الطارمية الرومانية الموجودة في قرية الموزرة في غرب جبل الزاوية وغيرها. ‏
أما المغاور الموجودة في جبل الزاوية والتي يتجاوز عددها الألف مغارة، فتعد من أقدم مواطن إنسان ما قبل التاريخ في حوض البحر المتوسط، لكنها اليوم عرضة للتجاوزات في البناء التي تهدّد المواقع الأثرية وتاريخ المنطقة، وآخر مغارة تم اكتشافها قبل بداية الثورة هي مغارة أثرية مهمة مساحتها تصل إلى حوالي أربع دونمات شرق قرية منطف بحوالي 3كم.
زيتون رصدت عدداً من قرى وبلدات جبل الزاوية، من بينها:

من محيط كفر عويد – زيتون

كفرعويد

على بعد 20 كم غرب مدينة معرة النعمان، تتربع بلدة كفرعويد على إحدى القمم ما بين جبل الزاوية وجبل شحشبو، وتتبع لناحية كفرنبل، وتطل على سهل الغاب من جهة الشرق.

ويقول سكانها ان سبب تسميتها تعود الى رجل يدعى عويد وكفر تعني مزرعة في اللغة الرومانية التي سادت على هذه المنطقة، ورغم غناها الأثري إلا انها لم تشهد اية محاولات وحفريات رسمية، بالمقابل تعرضت لحفر عشوائي وتنقيب جائر جراء الفوضى في السنوات الأخيرة.

يعمل معظم سكانها بالزراعة وبعض الاعمال الخاصة ووظائف الدولة، كما ظهر اهتمام الاهالي بالتعليم ولا سيما الجامعي ما زاد من شريحة المثقفين وحملة الشهادات.

وفي البلدة تسعة مدارس (ابتدائية وثانوية) وفيها مجلس بلدي ومستوصف ومركز لطوارئ الكهرباء ومركز ثقافي أيضا ومقسم اتصالات.

شهدت البلدة ازدهارا في نشاطها التجاري نتيجة لنزوح اكثر من 50 عائلة من مناطق ريف حماه الشمالي، بالإضافة إلى نازحين من مناطق في ريف إدلب، في حين نزح قسم كبير من اهالي البلدة الى تركيا وبعض المخيمات الحدودية.

مجزرة كفرعويد

اول ما يتبادر لذهن السامع باسم كفرعويد مجزرتها، التي ارتكبتها قوات النظام بتاريخ 19 كانون الاول عام 2011، وراح ضحيتها حوالي 280 قتيل على مدى عدة ايام في كنصفرة وكفرعويد، وذلك اثناء اقتحام قوات جيش النظام للبلدتين والقصف الذي رافقه.

كنصفرة

تقع جنوب مدينة ادلب وتبعد عنها 38 كم كما تبعد 22 كم عن مدينة اريحا، وتتبع لناحية احسم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 10000 الاف نسمة، تشتهر ببساتين الزيتون والكرز والعنب وهو سبب تسميتها كنصفرة

أي كن وهو التل المرتفع وصفرة أي العنب والخمرة، وهي تسمية سريانية.

تعد كنصفرة من أجمل قرى جبل الزاوية لاسيما وقت تزهير الكرز حيث تكسى بثوب البياض والأزهار لوقت لا باس به كما تفوح رائحة الورود والأزهار.

تخدم القرية بالعديد من الخدمات ولا سيما مشفى ومستوصف ومركز بريد و مجمع تجاري عدد 2 و العديد من المدارس.

وتضم كنصفرة العديد من الكهوف والمغاورالأثرية التي تعود للعهد البيزنطي، بالإضافة إلى المعلم المميز لكنصفرة المعروف باسم “الخراب”. 

سرجيلا

من آثار سرجيلا – أنترنت

تقع قرية سرجيلا على بعد 5 كم جنوب شرقي قرية البارة، وعلى الرغم من الازدهار الكبير الذي شهدته القرية في العصر البيزنطي، إلا أنها ظلت تمثل أعظم تصوير للحياة الريفية في العصر الروماني بالإضافة إلى البيزنطي، وكانت منازل القرية أهم مدلول على الحقبة، التي تألفت من قسم للسكن والعمل، وفسحة سماوية، وسور يحيط بهذه الفسحة فضلاً عن الكنائس والحمامات والمضافة ومعاصر زيت والقبور، التي شهدت على عظمة القرية في الماضي ومدى تمدن وثراء سكانها الذين كانوا فلاحين أحرار استصلحوا الأراضي وامتلكوها، ودمجوا الزراعة مع تربية المواشي وأحياناً على نطاق أصغر بزراعة الزيتون وصناعة الزيت، استطاعوا أن يصلوا إلى الثراء ويضعوا بصمتهم على صفحة الحضارة الإنسانية.

ويعد أهم معالم القرية هو أقدم بيت فيها وهو موجود في الوادي عند ابتداء السفوح، وهو يعود إلى نهاية القرن الثاني الميلادي، بالإضافة إلى معصرة الزيت الكبيرة الواقعة شمال البيت رقم (8)، والتي تعتبر أهم المعاصر الموجودة في القرية، والمجمع الكنيسي، ومبنى الحمامات، والكنيسة الجنوبية التي بعد الفتح الإسلامي إلى جامع، بدلالة وجود محراب في جدارها الجنوبي، حيث استمر السكن في قرية سرجيلا حتى العصور الإسلامية وكانت شاهداً على عظمة تلك العصور وتتابعها.

 سرجة

تقع بلدة سرجة على السفح الشرقي من جبل الزاوية، وإلى الجنوب من جبل الأربعين، على بعد نحو 9 كم جنوب مدينة أريحا.

تمتاز بطبيعتها الجبلية حيث تقع على ضفة وادي على سفح جبل الزاوية، وتمتزج فيها الطبيعة الخلابة بالتاريخ، حيث تكثر فيها العيون الرومانية إلى جانب الينابيع الطبيعية، أما معالمها السكنية من منازل ومدارس وأبنية أثرية وغيرها، فقد سوّيت بالأرض نتيجة تعرضها للقصف المتواصل، مما جعلها اليوم خاويةً على عروشها.

ويتبع لبلدة سرجة العديد من قرى جبل الزاوية، من أبرزها “ترعان, كفرحايا, بينين, معلة, مزارع سرجة، سيغاتا”.

دفع حب أبناء بلدة سرجة للعلم وحرصهم على متابعة دراستهم، إلى إنشاء مدارس خارج القرية وأحياناً في الخيام التي لجأوا إليها بعد نزوحهم إثر دمار منازل البلدة ومدارسها جراء القصف الجوي والمدفعي والصاروخي عليها، وساعدتهم في ذلك بعض الهيئات الثورية المتواجدة في المنطقة.

إبلين

قرية أبلين – أنترنت

تقع قرية إبلين في منطقة أريحا في جبل الزاوية، يطل عليها تل النبي أيوب الذي يعد أعلى قمة في جبل الزاوية، وتتوسط إبلين قرى “البارة ومليار ومشون (بلشون) وبسامس وابديتا واحسم ومرعيان والرامي والمغارة وكنصفرة وعلاروز وكفر عويد”.

تتميز إبلين بطقسها الرائع في فصل الصيف والمعتدل في فصلي الربيع والخريف والبارد في الشتاء، وتشتهر بتنوع مزروعاتها وفقاً لتنوع طقسها، ومن أهم المزروعات أشجار الزيتون والكرز والعنب والتين والمشمش والجوز، كما تتميز إبلين ببيوتها القديمة المبنية بالطين والحجر والمعروفة باسم “البيوت الغمس”.

بليون

تقع قرية بليون على بعد 23 كم عن مدينة أريحا، و 40 كم عن مدينة إدلب، وتتمتع بموقع جغرافي استراتيجي يتوسط قرى وبلدات جبل الزاوية، ولاسيما آثار البارة وتل النبي أيوب، مما جعلها مركز القلب في جبل الزاوية.

تشتهر بليون بأراضيها الجبلية المستصلحة، وبزراعتها البعلية غير المروية، على الرغم من وجود ثلاث رامات حفر لتخزين المياه يستفاد منها في عملية ري المزروعات والماشية، ومن أهم مزروعاتها أشجار الكرز والتين والزيتون، وتتميز بسهولها الخضراء الممتدة على مساحات واسعة.

وقد ساهم موقعها الجغرافي المتميز وسهولها الخضراء الواسعة في جعل بليون أحد أبرز المناطق السياحية في إدلب.

ويبلغ عدد سكان القرية حوالي 8500 نسمة وتتميز بوجود مركز صحي ومركز اسعافي يقوم على خدمة القرية والقرى المحيطة كما يحوي المركز على عدة اقسام اهمها معالجة اللايشمانيا ورعاية الحوامل وتنظيم الاسرة وتعتبر القرية شبه محررة اميا لا نتشار المدارس فيها فهناك 4 مدارس للتعليم الاساسي ومدرستان للثانوي

رويحة

تبعد قرية رويحة نحو 28 كم عن مدينة ادلب، وتعود للفترة الرومانية البزنطية، وتتميز بأبنيتها التي ما تزال شامخة.

وتعد أهم اوابدها السوق وعمود بنت الوزير وكنيسة “بيزوس” وهي أكبر كنيسة في جبل الزاوية.

فركيا

تقع قرية فركيا في واجهة جبل الزاوية بعد مدينة معرة النعمان، على بعد 29 كم عن مدينة ادلب، وهي تعود إلى القرن الأول الميلادي.

امتدت الحياة في قرية فركيا من القرن الأول وحتى القرن السابع الميلادي، وهي تتميز بمبانيها الجنائزية وبكنيستها التي تتبعها خربتان أثريتان هما “خربة كوكب” و “خربة حندوتين”.

تم اكتشاف آثار قرية فركيا في وقت متأخر، ويعتقد أنها كانت حاضرة الدولة البيزنطية وأنها تخفي فيها آثارا عظيمة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*