رئيس الاتحادات والنقابات المهنية: نزعة الأنا المتفشية في العمل الثوري هي سبب الفشل المتلاحق

– العسكرة والفصائلية هي السبب وراء الشرذمة والتأخير في العمل السياسي

– الهيئات السياسية لم تصل لمرحلة النضوج السياسي وهم ما زالوا يغلبون المصالح الضيقة على مصلحة البلد

خاص زيتون

أصدرت أربعة تجمعات سياسية في محافظة إدلب السبت 5 أيار الحالي، قرارا يقضي بتوحيدها تحت جسم سياسي واحد في خطوة هي الأولى من نوعها ضمن جهود مبادرة لتوحيد الخطاب السياسي في المحافظة وتوحيد التجمعات، تحت مسمى “اتحاد قوى الثورة في محافظة إدلب”.


نقيب المحامين الأحرار ورئيس تجمع الاتحادات والنقابات المهنية في محافظة إدلب “عبد الوهاب الضعيف” الذي شارك في لجنة المبادرة رأى أن اللجنة تمكنت من تذليل بعض الصعوبات التي واجهتها أمام تمسك بعض التجمعات بتسمياتهم والإصرار على انضواء الأخرين تحتها، وذلك عبر تشكيل جسم سياسي من القانعين بالتوحد، ليكون هناك جسمين سياسيين يصبح من الأسهل اتحادهما معاً
وعن هذه الخطوة في وحدة الأجسام السياسية باتجاه اتحاد كافة التجمعات السياسية الثورية، وسعيهم لتوحيد الصوت السياسي في المناطق المحررة، وعن عمل التجمعات السياسية ودور النقابات فيها كان لزيتون الحوار التالي معه.

– ما هو الهدف من إنشاء النقابات ونقاط تقاطعها مع العمل السياسي بشكل عام؟
الهدف من انشاء اتحاد النقابات في إدلب هو لإغناء منظمات المجتمع المدني، وأن يكون لها صوتاً مؤثراً على الساحة السياسية داخلياً وإقليمياً ودولياً، ولتقديم صورة أن هناك مجتمع مدني بمنظمات ذات أثر قوي ومؤثر وحضاري، وليست منطقة متروكة للسلاح والعنف.

– كيف يمكن للنقابات أن تكون فاعلة ومؤثرة في العمل السياسي والحزبي؟
يأتي دور النقابات في العمل السياسي من احتوائها على شريحة كبيرة من الفعاليات المجتمعية، وهذه الفعاليات والشرائح قادرة على تحريك الشارع وتنظيم مطالبه واحتجاجاته تجاه سلوكيات أو مواضيع قد تفرض عليه، سواء من قبل الفصائل العسكرية أو إرادات سياسية دولية وإقليمية، وهو مكمن القوة لدى هذه النقابات وسبب شرعيتها وأحقيتها.

– هل مارست النقابات في إدلب نشاطاً سياسياً واضحاً أو ساهمت فيه؟
لم يكن للنقابات نشاط سياسي واضح، ولكن ساهمنا كنقابة محامين في رقابة انتخابات الهيئة السياسية، وكنا أعضاء في لجنة مراقبة الانتخابات ولجنة الطعون، ولكن كنشاط سياسي واضح ليس هناك عمل سياسي، يعود ذلك إلى ضيق الهامش في المناطق المحررة فلا سياسة يمكن أن تمارس في ظل الفوضى.

– هل حققت النقابات الغاية من وجودها كتأمين أهداف مطلبية لأعضائها أو تحسين شروط حياتهم؟ 
النقابات موجودة قبل الثورة وقبل النظام ونقابة المحامين عمرها مئة وسبع سنوات وكانت لها فعالية في المجتمع والسياسة، ولكن الظروف المحيطة في مناطقنا في الوقت الحاضر وفي المحرر تقف حجر عثرة أمام عملها وتمنع هذه النقابات عن الوصول إلى حقوق أعضائها، حالها كحال جميع الشرائح في المحافظة وفي سوريا.

– هل تختلف ظروف العمل السياسي في الثورات والحروب عن ظروف العمل السياسي في زمن السلم.
الظروف في الثورات والحروب تختلف جدا عن الأزمنة العادية الامنة فيكون العمل السياسي في ظل الظروف الامنة بحرية وراحة تحت سقف قانون واضح وضمانات للعمل النقابي يمكن أن تؤدي في تطوير حياة المنضويين فيها، أما العمل في الحروب يكون ضمن مسارات دقيقة ومعقدة، ومحفوفاً بالمخاطر ومحكوماً بفوضى السلاح وتنازع السلطات وغياب القوانين والقضاء.

– بالنظر إلى تاريخ سوريا هل هناك أرضية ثقافية أو قانونية لنشوء نقابات حرة وحقيقية، وكيف كانت تجربتكم في الثورة؟
تمتلك النقابات في سوريا أرضية ثقافية وعلمية وقانونية، ولها جذور تاريخية وقد نشأت منذ زمن بعيد وكانت حرة تماماً حتى وصول نظام البعث الذي حدد وقيد حرية النقابات ولم يدع لها مجالا للعمل، ولكن هامش الحرية الذي انتشر في عهد الثورة منح النقابات حرية التعبير وإمكانية التنظيم، ورغم محدودية هذا الهامش مؤخراً بسبب الفصائلية وسيطرة العسكر على مفاصل الحياة المدنية، إلا أن الأمل كبير في تجاوز هذه العثرة وترسيخ عمل المؤسسات المدنية بشكل عام في المحافظة.

– ما هي نقاط القصور ومكامن الضعف في العمل النقابي ونشاطها السياسي؟ وكيف يمكن تجاوزها؟
عدم وجود سلطة تحمي القانون وتفرض أحكامه يبقي العمل النقابي في موقف حرج، وانتشار الاصطفافات العسكرية والمشاريع التي لا تخدم البلد، واستمرار القصف الوحشي الروسي والسوري الذي يرسخ الفوضى، بالإضافة إلى غياب ثقافة العمل المدني في مجتمعنا وأسباب أخرى كلها تساهم في ضعف العمل النقابي.
ويكمن الحل في استقرار الأوضاع العسكرية والأمنية، وإيجاد حل سياسي يفرض نظاماً يحترم حرية الرأي والعمل المدني، كما يمكن تجاوز الكثير من عقبات العمل النقابي في حال كان هناك قضاء موحد مستقل يمكن الاحتكام إليه، وإعطاء العمل النقابي الحرية وعدم التدخل من قبل جهات الأمر الواقع، وأؤكد لك أن كل أسباب القصور ومكامن الضعف يعود لعدم الاستقرار وعدم الطمأنينة للعمل وتدخل الفصائل في الحياة اليومية للناس.

– ما هو تأثير العسكرة على أداء التجمعات وفاعليتها من وجهة نظرك؟ وما هي أسباب تفضيل الشباب للعمل العسكري على العمل السياسي؟
الحقيقة إن العسكرة والفصائلية هي السبب وراء الشرذمة والتأخير في العمل السياسي، فتدخل الفصائل في الحياة السياسية يؤدي إلى تأخير الوصول إلى تجمعات سياسية متقدمة.
والتحاق الشباب بالعمل العسكري وابتعادهم عن النشاط السياسي يعود إلى ما يقدمه العمل العسكري من مردود مادي بسيط يساعد الشبان على معيشتهم بعكس العمل السياسي الذي يحتاج إلى العمل التطوعي وهو ما يتناقض مع حالة البطالة والفقر التي يعيشها مجتمعنا وشبابنا حاليا.

– هل ترى أن هناك ثقة في جدوى العمل السياسي بين الأهالي أم أنهم فقدوا الإيمان به نتيجة التجربة السياسية السابقة في سوريا خلال 40 عاما الماضية في ظل نظام الأسد، أو حتى في ظل فشل الهيئات السياسية المعارضة في الخارج؟
العسكرة هي أحد الأسباب وليس السبب الرئيسي الوحيد، ولكن الفشل الذي أثبته الإئتلاف وحتى هيئات التفاوض وتنازلاتها المستمرة أدت إلى الحط من معنويات الأهالي وثقتهم بالعمل السياسي والقائمين عليه، لكن هناك الآن بذور لعمل سياسي صلب وموثوق يمكن التفاؤل به من قبل سياسيين ثوريين يعملون على تأسيسه.

– هناك مبادرة لتوحيد الأجسام السياسية في محافظة إدلب تشاركون بها، إلى أين وصلتم بهذه الجهود؟
نحاول بمشاركة بعض الشخصيات السياسية بمبادرة لتوحيد الخطاب السياسي وخلق جسم سياسي واحد تندمج فيه الهيئة السياسية في محافظة إدلب والتجمع الثوري وتجمع أبناء إدلب، وذلك بهدف الدفع بالعمل السياسي إلى الواجهة لتجنيب وإبعاد شبح الدمار عن المحافظة في ظل السيناريوهات الخطرة التي ترسم لها.
المبادرة التي أطلقها ناشطون ومحامون وشخصيات سياسية عقدت اجتماعين لها مع الهيئات السياسية، ورغم بعض الصعوبات التي تواجهنا أمام تمسك بعض التجمعات بتسمياتهم والإصرار على انضواء الأخرين تحتها، نظرا لأنها تعتبر تجمعها هو الأقوى والأكبر، إلا أننا ما زلنا نعمل على توحيد باقي التجمعات ليكون لدينا تجمعين يكون من الأسهل دمجهما معاً.
أود أن أشير إلى أن نزعة الأنا المنتشرة في العمل الثوري بشكل عام هي سبب الفشل المتلاحق في معظم مجالاتنا، وإن لم نتخلص من هذه النزعة فلن نتخلص من سمة الفشل التي طبعت مؤسسات الثورة، والحقيقة أن الهيئات السياسية لم تصل لمرحلة النضوج السياسي وهم ما زالوا يغلبون المصالح الضيقة على مصلحة البلد وهي أحد أسباب ابتعاد الناس عنهم نوعا ما.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*