الخطف والفدية أو الاعتقال والغرامة.. طرق النصرة في ابتزاز أهالي إدلب

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، لم يسلم أعضاء الكوادر التعليمية في الجامعات الخاصة الموجودة في محافظة إدلب، ولا الكوادر الطبية في مشافي المحافظة، ولا حتى الناشطون المدنيون من الاعتقالات التي شنتها هيئة تحرير الشام، وكانت الأسباب مجهولة في معظم الحالات، وفي بعضها كانت الأسباب واضحة بالنسبة للأهالي دون تصريح عنها من قبل تحرير الشام، ولكن النتيجة كانت واحدة في جميع الحالات.
بعض الذين اعتقلتهم هيئة تحرير الشام تمت محاكمتهم في محاكم الهيئة، ومن ثم أُخلي سبيلهم بعد دفع غرامات قدّرت قيمتها المحكمة، في حين ما يزال عدد ممن تم اعتقالهم في سجون تحرير الشام حتى اللحظة.
وقوبلت عمليات الاعتقال تلك بغضبٍ واستنكار من قبل نشطاء وأهالي المحافظة، فضلاً عن المنظمات والهيئات المدنية في إدلب وخارجها، حتى وصل الأمر إلى حدّ تنظيم أهالي محافظة السويداء في أقصى الجنوب السوري وقفات تضامنية مع المحامي “ياسر السليم”، والذي كان أحد الشخصيات التي طالتها اعتقالات تحرير الشام.

“شاشو” والكوادر التعليمية في جامعات إدلب
ربما لم يكن لوزير العدل في ما يسمى حكومة الإنقاذ “إبراهيم شاشو” دور واضح في إغلاق جامعة إيبلا الخاصة بريف سراقب في 22 حزيران الماضي، واعتقال مديرها على خلفية انتشار مقطع مصور لحفلة تخرج لطلاب الجامعة، يظهر فيها الطلاب وهم يرقصون على أنغام الموسيقى، ما دفع عناصر تحرير الشام لاقتحام الجامعة وإغلاقها نهائياً، واعتقال مديرها وتحويله للقضاء.
كما لم يبدو أي دور للوزير في اعتقال “علي دندل” أحد الموظفين العاملين في الجامعة قبل إغلاقها، بحجة مسؤوليته عن تشغيل الأغاني في مسرح الجامعة أثناء احتفال التخرج، وذلك بعد مرور نحو 3 أشهر على إقامة الحفل وإغلاق الجامعة.
رغم ذلك أصدرت حكومة الإنقاذ حكماً بالسجن مدة 4 أشهر بحق “دندل”، بالإضافة لدفع غرامة مالية قدرها 5 مليون ليرة سورية، وهو مبلغ يتجاوز حدود إمكانيات أي مواطن في محافظة إدلب ولا سيما إن كان موظفا في جامعة خاصة كـ “دندل”، ويشير إلى ما تهدف إليه حكومة الإنقاذ من وراء فرض الغرامات في تمويل هيئة تحرير الشام التابعة لها.
وما تزال جامعة إيبلا فرع سراقب مغلقة الأبواب حتى اليوم، وسط انتقادات من قبل الناشطين لما وصفوه بـ القرار الجائر بحق أكثر من 1500 طالباً وطالبة كانوا يدرسون في الجامعة، ويتوجب عليهم اليوم التوجه إلى فرع الجامعة بحلب لمتابعة دراستهم.
في حين برز اسم وزير العدل في حكومة الإنقاذ بشكل جليّ في اتهامه بالوقوف خلف اعتقال أمين سر جامعة إدلب وأحد مؤسسيها “أنس حاصود” من مكتبه في الجامعة في 25 أيلول الجاري، وذلك من قبل عناصر أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام.
ونقلت مصادر إعلامية عن ما أسمتها مصادر من داخل حكومة الإنقاذ، أن “شاشو” أوعز باعتقال “حاصود” الحاصل على ماجستير في الشريعة الإسلامية، بسبب خلافات شخصية بينهما، وأن الوزير يصدر أوامر اعتقالات تعسفية لنزوات ودوافع شخصية، لا سيما وأنه صاحب نفوذ وعلاقات قوية مع أمنية تحرير الشام، على حدّ تعبيرها.
ولم يصدر أي حكم حتى الآن بحق أمين سر جامعة إدلب، في حين أصدرت المحكمة في 16 أيلول الجاري، حكمها على رئيس جامعة أكسفورد في الشمال السوري وعضو في مجلس التعليم العالي التابع لحكومة الإنقاذ “حسين عبد الرزاق”، بعد أن قامت باعتقاله لدى مراجعته للمحكمة في دعوة مقدمة ضده من قبل وزارة العدل بتهمة انتقاد وزيرها.
وحكمت المحكمة بالسجن مدة شهرين، والتعزير بـ 39 جلدة، على “عبد الرزاق” الذي انتقد وزير العدل على موقع التواصل الاجتماعي واتس أب بقوله “اللهم استبدل شاشو خيراً منه”، وذلك بعد أن كانت المحكمة قد غرّمته بمبلغ 300 دولار أمريكي، والذي لم يكن كافياً بالنسبة إلى “شاشو”، وفقاً لما نقلته “شبكة شام” عن مصادر من داخل حكومة الإنقاذ.
إلا أن المحكمة عادت لتفرج عن رئيس جامعة أكسفورد بعد ساعات من اعتقاله، دون أن يُعرف السبب وراء الإفراج السريع عنه.

للكوادر الطبية نصيبها مع تحرير الشام
ما بين خطف واعتقال كان للكوادر الطبية العاملة في محافظة إدلب نصيباً في جعبة هيئة تحرير الشام، ما دفع نقابة الأطباء والصيادلة العاملين في مدينة إدلب إلى الإعلان عن تعليق العمل الإسعافي والبارد في مشافي المدينة لمدة 3 أيام قابلة للتمديد في حال عدم قيام الجهات الأمنية بتحمل مسؤوليتها واتخاذ التدابير اللازمة للحد من الانتهاكات المتزايدة التي تتعرض لها الكوادر الطبية في إدلب، رغم المناشدات المتكررة لحماية ما تبقى من الكوادر الطبية رغم ندرتها، بحسب البيان.
وقالت النقابة في بيانها الصادر في 19 حزيران الماضي، إن هذه الانتهاكات تكررت مع كل من الأطباء “محمود مطلق، بدر وتي، سحر عبد العال”، والصيدلانيان “نجدت سلات، أحمد حج يوسف”، إضافة إلى مشفى الدانا الجراحي، والهجوم المسلح والاعتقال الذي تعرض له الدكتور “مازن دخان”، مطالبةً بالإفراج الفوري عن كافة الكوادر الطبية ولا سيما الطبيب “دخان”، وكشف اللثام عن وجوه العناصر الأمنية المنتشرة في مدينة إدلب وحواجزها، وإلزامهم بلباس موحد وبطاقة تعريفية موحدة، بالإضافة إلى عدم توقيف أي شخص من الكوادر الطبية إلا عن طريق النقابة المختصة وبموجب كتاب رسمي صادر عن القضاء.
وكانت مجموعة ملثمة ومسلحة تستقل ثلاث سيارات قد حاولت اقتحام مزرعة الطبيب “مازن دخان” في مدينة إدلب فجر يوم 19 حزيران، وتصدى لها حرس المزرعة الخاص، وأسفر الاشتباك عن إصابة عنصر من المجموعة التي كشفت عن نفسها بأنها تابعة لهيئة تحرير الشام.
وقال مصدر مطلع لزيتون حينها إن مجموعة مسلحة وملثمة حاولت اقتحام مزرعة الطبيب “مازن دخان” في حوالي الساعة السادسة صباحاً، تم التصدي لهم من قبل حرس المزرعة والاشتباك معهم.
وأضاف المصدر أن غاية المجموعة كانت اختطاف الطبيب “دخان” كما تم اختطاف الطبيب محمود المطلق سابقاً، لكن تصدي حرس المزرعة حال دون إكمال العملية، موضحا، أن المجموعة التابعة لهيئة تحرير الشام ادعت بعد فشل عملية الخطف بأنها تلاحق خلايا تتبع لتنظيم داعش، وأنها تمكنت من القبض على ثلاثة عناصر في المنطقة، وهو ما نفاه المصدر بشكل قطعي عن وجود عناصر من داعش في المنطقة، مؤكداً أن أهالي المنطقة لم يسمعوا أي اشتباكات سبقت عملية مداهمة المزرعة، مؤكداً على أنه تم طلب النجدة من اللجنة الأمنية في مدينة إدلب التي تعرفت على المجموعة التابعة لهيئة تحرير الشام، وتمكنت المجموعة المقتحمة من اعتقال الطبيب مع حرس المزرعة أمام الأهالي الذين حضروا إلى الموقع بعد فشل عملية خطفه.
وسارعت هيئة تحرير الشام آنذاك إلى محاولة تبرير العملية بنشر بيان تعلن فيه عن مداهمة وكر جديد لخلايا الاغتيال، وتنفي فيه اختطاف الطبيب.
وجاء في البيان الذي نشرته وكالة إباء التابعة لهيئة تحرير الشام تصريحا للمسؤول الأمني في هيئة تحرير الشام “أنس الشيخ” قال فيه إنهم تمكنوا من إلقاء القبض على خلية لداعش غربي إدلب، وأنهم حددوا مكان أحد الأوكار في مزارع غرب مدينة إدلب، قام عناصرهم على إثرها بتمشيط المنطقة واعتقال أحد المطلوبين وثلاثة مشتبه بهم، بحسب إباء.
وادعى البيان أنه خلال تمشيط المزارع باشر أحد الأشخاص في المزرعة بإطلاق النار على عناصر الجهاز الأمني، مما أدى لإصابة أحدهم حيث طوقت المزرعة بعدها وأخبر الموجودين بداخلها عن صفة الجهاز الأمني عن طريق المراصد والقبضات العامة.
واتهم البيان حرس المزرعة برفض التجاوب رغم محاولات المراصد العامة وأهالي المنطقة طمأنتهم ليتبين بعد ساعتين أن الموجود في المزرعة هو الطبيب مازن دخان والحرس الشخصي التابع له، موضحاً أن اعتقال الطبيب كان لضرورة التحقيق معه بسبب عدم التجاوب مع عناصر الهيئة والاشتباك معهم، بحسب البيان.
وكانت مجموعة مسلحة قد حاولت الدخول في 17 حزيران الماضي، إلى مشفى الدانا الجراحي، وتم افشال الاقتحام من قبل الكادر والحرس الموجود، بعد أخذ حذر الكوادر الطبية بشكل عام عقب عملية اختطاف الطبيب “محمود المطلق” في التاسع من الشهر ذاته، وإطلاق سراحه وهو بحالة صحية سيئة للغاية، وبعد دفع فدية بقيمة 50 مليون ليرة سورية، ليقوم “المطلق” بعد تعافيه ببيع كافة ممتلكاته في إدلب والتوجه إلى دمشق.
وفي 3 تموز الماضي، اعتقلت هيئة تحرير الشام مدير مشفى سرمين وطبيب الجراحة العظمية “محمود فاتح القاق” من منزله بمدينة سرمين بريف إدلب لساعات، وذلك بعد مرور أقل من 24 ساعة على عودته من تركيا إلى إدلب.
كذلك أقدمت مجموعة تابعة لهيئة تحرير الشام على اقتحام منزل الطبيب “عماد قطيني” مدير مشفى العماد الخاص في مدينة خان شيخون وعضو الهيئة الطبية في إدلب، واعتقاله فجر يوم 13 آب الماضي، ليتم الإفراج عنه بعد يومين. 
ويعد الطبيب “قطيني” من أوائل المشاركين بالحراك الثوري في مدينة خان شيخون، ومنذ اندلاع الثورة وهو يقدم العلاج مجاناً للمدنيين، وفقاً لمصادر أهلية.
ولم تتوقف انتهاكات هيئة تحرير الشام عند الحدود الإدارية لمحافظة إدلب بل تعدتها لتشمل كافة مناطق الشمال السوري، ففي آخر تجاوزاتها بحق الكوادر الطبية تعرض الصيدلاني “إبراهيم رضوان” عصر يوم 26 أيلول الجاري للاختطاف من قبل مجموعة كانوا يركبون سيارة جيب سوداء تحمل شعار تحرير الشام، بعد أن أوقفوا “رضوان” وطلبوا هويته ومن ثم اقتادوه إلى جهة مجهولة، وفقاً لما تناقلته مصادر محلية عن صديق الصيدلاني الذي قالت إنه كان معه لحظة الاختطاف. 
وعلى الفور أصدر مجلس شورى حريتان بياناً أوضح فيه أن الاختطاف تم في إحدى مناطق عفرين أثناء توجه “رضوان” من مشفى سجو لخدمة أهله ثوار مدينة حريتان وما حولها، بحسب البيان والذي أضاف: “إن مجلس الشورى والفصائل الثورية وجميع المؤسسات في مدينة حريتان تعتبر عملية الخطف هذه اعتداء سافرا على كل ثائر حر، وتصرف مخالف لشرع الله، وأن الأخ إبراهيم كان ولا يزال من أوائل الثوار ضد النظام المجرم ولم يبخل على أهلنا بكل خدمة طبية ممكنة”. 
وطالب البيان الجهة الخاطفة بإطلاق سراح الصيدلاني العامل في مشفى حريتان فوراً، وعودته لخدمة المرضى في المناطق المحررة، محذراً من مغبة التعرض له بأي أذى، وفقاً للبيان.
وأفادت مصادر طبية مطلعة لزيتون أن العمليات التي تطال الأطباء في محافظة إدلب تهدد المحافظة بالحرمان من الأطباء وهجرة الكوادر الطبية، وهو ما يشكل خطراً على الأهالي جميعاً وخلو القطاع الطبي من الكوادر، منوهةً إلى قدرة الأطباء والكوادر على الهجرة بسهولة نظراً لما لديهم من إمكانية العبور إلى الأراضي التركية.
وأضافت المصادر أن على الأهالي في إدلب أن يقوموا بحماية هؤلاء الأطباء، وتوجيه الاتهام والمسؤولية إلى مكانها، وذلك حفاظاً على خدماتهم الطبية ومصالحهم، وإلا فلن يتبقى أطباء في المحافظة.
ويؤكد بعض المختصين بالشأن المحلي أن محاولة اختطاف الطبيب مازن دخان التي جرت في وقت سابق، أشارت بإصبع الاتهام إلى هيئة تحرير الشام الفصيل المسيطر بشكل مطلق على مدينة إدلب، وأن هدفها من خطف الأطباء هو تمويل نفسها، في وقت تشهد فيه محافظة إدلب حالة من الانفلات الأمني لم يسبق لها مثيل نتيجة لقيام القوات المسيطرة بعمليات الفوضى ذاتها.

الناشطون المدنيون وسياسة كم الأفواه وكبت الحريات والآراء

في مدينة السويداء رفع متظاهرون في 25 أيلول الجاري، صورة المحامي والناشط الحقوقي “ياسر السليم” ابن مدينة كفرنبل بريف إدلب، والذي اعتقلته هيئة تحرير الشام في منتصف ليلة 21 من الشهر ذاته من منزله واقتادته إلى سجن العقاب التابع لها، وذلك على خلفية رفعه لافتةً في آخر مظاهرة كتب فيها “الحرية لمختطفي السويداء”، في إشارة إلى المختطفين من أبناء السويداء لدى تنظيم داعش، وكان قد سبقها في 14 أيلول، منشور على حسابه الشخصي في فيس بوك كتب فيه: “أهلنا في كفريا والفوعة، ننتظر عودتكم بفارغ الصبر، لنعيش بسلام بعد أن نتخلص من الإرهاب الأسدي والداعشي”.
وعلق “السليم” في اليوم التالي على منشوره بأن البعض ممن وصفهم بالجهلاء حملوا منشوره على أنه دعوة للمصالحة مع مافيا الأسد، وأن الغالبية قرأت نصف المنشور وتركت النصف الآخر، بينما تحفظ قسم على عدم ذكر عودة باقي المهجرين من المدن السورية إلى مدنهم، مشيراً إلى أنه لا حاجة لذكر البديهيات، على حدّ تعبيره. 
الناشط الحقوقي الذي يعد أحد أبرز نشطاء الحراك السلمي في مدينة كفرنبل، وأحد الأعضاء السابقين في الائتلاف الوطني المعارض، ورئيس مجلس قيادة الثورة بإدلب سابقاً، خاطب في منشوره من يصطادون بالماء العكر كما وصفهم، وقال: “لم يستطيع الأسد أو مخابراته أن يضعوني في سجونهم، على الرغم من الأخطار التي كانت محيطة في الأشهر الأولى للثورة.. لا بأس بأن أسجن لدى جهة ثانية تعتبر نفسها ضمن الثورة وتدعي ذلك”.

وفي المجال الحقوقي أيضاً، قامت هيئة تحرير الشام في 5 أيلول الجاري، بمداهمة مزرعة القاضي “محمد نور حميدي” في قرية إسقاط بريف إدلب الشمالي الغربي واختطافه دون معرفة الأسباب، وفقاً لمصادر أهلية.
وكانت تحرير الشام قد اعتقلت مطلع آذار الماضي، عضو نقابة محامي حلب الأحرار المحامي “أحمد الصالح” في قرية دير حسان شمال إدلب على خلفية عمله في المحكمة التابعة لحركة نور الدين الزنكي، وأفرجت عنه بعد نحو شهرين.

على صعيد حرية التعبير والصحافة فقد اعتقلت هيئة تحرير الشام في 2 أيلول الجاري، الناشط الإعلامي “مروان الحميد” أثناء عودته إلى منزله في بلدة كفروما بريف إدلب، ونشر “مجلس كفروما العسكري” صوراً تظهر تسيير دوريات من قبله على جميع مداخل البلدة لاعتقال أي عنصر يتبع لهيئة تحرير الشام باستثناء عناصر الهيئة من أبناء البلدة، إلا من يثبت تورطه باعتقال “الحميد”، مبيناً أن الاعتقال تم دون الرجوع إلى مجلس كفروما العسكري أو مخفر البلدة، وأن الهيئة لم تستجب لرسائل المجلس عند تواصله معها لمعرفة أسباب الاعتقال ومحاولة حل الخلاف، وما يزال “الحميد” في سجون تحرير الشام منذ أكثر من 25 يوماً.
وفي 26 أيلول الجاري، أتمّ الناشط الإعلامي “سامر السلوم” من أبناء مدينة كفرنبل، شهره التاسع في سجون هيئة تحرير الشام، دون معرفة الأسباب الكامنة وراء اعتقاله حتى اللحظة.
وفي الخامس من أيلول الجاري، أصدر مجلس محافظة حماة الحرة التابع للحكومة السورية المؤقتة، بياناً على خلفية اعتقال عضو المجلس ورئيس المجلس المحلي لمدينة مورك “زياد نداف” في 3 من الشهر الجاري، أدان فيه ما وصفه بـ العمل غير المسؤول من قبل تحرير الشام وحكومة الإنقاذ، وطالبهما بعدم التعرض للنداف بأي أذى وبإطلاق سراحه فوراً ودون أي شروط.
وأوضح المجلس في بيانه أن مخفر مدينة خان شيخون بإدلب التابع لحكومة الإنقاذ أرسل مذكرة تبليغ للنداف، ولدى حضوره في التاريخ المذكور، قام الجهاز الأمني لتحرير الشام بتوقيفه واعتقاله، ومن ثم نقله إلى مكان مجهول ودون معرفة الأسباب، وفقاً للبيان.
ونقلت وكالة “ستيب” عن مصدر خاص أن سبب اعتقال عضو مجلس محافظة حماة الحرة ورئيس المجلس المحلي لمدينة مورك هو رفضه التوقيع على عدم تشكيل مجلس محلّي لمدينة مورك يكون تابعًا للحكومة السوريّة المؤقتة.
وتم الإفراج عن النداف في 24 أيلول، أي بعد مرور نحو 20 يوماً على اعتقاله.
وكانت تحرير الشام قد اعتقلت في 6 آب الماضي، رئيس المجلس المحلي لبلدة الزربة بريف حلب “شعبان المصطفى” وأفرجت عنه بعد 13 يوماً من اعتقاله. 
تعاملت هيئة تحرير الشام في عمليات الاعتقال السابقة للكوادر التعليمية على أساس تصفية الحسابات والخلافات الشخصية، وربما يكون لوضع الجامعات حساسية خاصة، كونها تنافس جامعة إدلب التي تعتبر مقر ولادة حكومة الإنقاذ وأبرز واجهاتها، وقد بدأت الحكومة وتحرير الشام من خلفها بمحاربة الجامعات المتواجدة في الشمال في وقت مبكر، وكانت جامعة حلب أولها.
في حين هدفت الهيئة من عمليات الاعتقال والاختطاف التي طالت الكوادر الطبية في الشمال إلى الحصول على مبلغ الفدية بالدرجة الأولى، أي أنها بنت تلك العمليات بهدف الكسب المادي سواء بالاختطاف والفدية أو بالاعتقال والحكم بالغرامة، ما يكشف عن الانتهازية والانتفاعية التي تحكم تفكير هذا التنظيم.
وبذلك بقيت سياستها الأولى والأخيرة التي لم تتخلَّ عنها منذ بداية مسيرتها، ألا وهي كم الأفواه وقتل حرية التعبير عن الرأي، وفرض ما تراه هي مناسباً، لتطال اعتقالاتها الناشطين المدنيين، وليكونوا عبرةً للأهالي في الشمال السوري.
ومن الملاحظ أن تحرير الشام استهدفت في معظم الحالات الكوادر العلمية والثورية، والتي تركت بصمتها في الحراك الثوري وفي نفوس الأهالي، وذلك في سياسة ممنهجة من تحرير الشام، ولكنها قد لا تدرك بأنها يوماً بعد يوم توجه أسلحتها إلى صدرها.
يقول المفكر العربي عبد الرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد في وصف المستبد: 
“يبغض المستبدُّ العلمَ ونتائجه؛ يبغضه أيضاً لذاته، لأن للعلم سلطاناً أقوى من كلِّ سلطان، فلا بدَّ للمستبدِّ من أن يستحقر نفسه كلما وقعت عينه على من هو أرقى منه علماً. ولذلك لا يحبُّ المستبدُّ أن يرى وجه عالمٍ عاقل يفوق عليه فكراً، فإذا اضطر لمثل الطبيب والمهندس يختار الغبي المتصاغر المتملِّق”. 
“إنَّ خوف المستبدّ من نقمة رعيته أكثر من خوفهم من بأسه؛ لأنَّ خوفه ينشأ عن علمه بما يستحقُّه منهم،.. كلما زاد المستبدُّ ظلماً واعتسافاً زاد خوفه من رعيّته وحتّى من حاشيته، وحتى ومن هواجسه وخيالاته”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*