3 سيناريوهات حول لقاء بوتين – أردوغان اليوم.. وأنقرة تسعى للتهدئة في إدلب

غداة التحضيرات للقمة الرئاسية التي ستجمع الرئيسين التركي رجب طيب اردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في موسكو اليوم، والتي تكتسب أهمية من حيث توقيتها بعد محاصرة قوات النظام السوري نقطة المراقبة التركية التاسعة في ريف حماة شمال غربي سوريا، وتصاعد موجات النزوح إلى الجوار التركي، وهو ما اعتبرته أنقرة تهديداً لأمنها القومي، نقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن وزير الخارجية سيرغي لافروف قوله إن هجوم الجيش السوري في إدلب المدعوم من روسيا لا يخالف أي اتفاقات مع تركيا.
وتبقى المسألة الأولية في القمة هي إيقاف المعارك الحربية ضمن المنطقة العازلة، وموجة النزوح الهائلة التي ستشكل في حال استمرارها ضغطًا إنسانيًّا على الأتراك، ومناقشة باقي الملفات العالقة، إذ يتوقع محللون ان تطرح القمة وضع تل رفعت وما حولها من المناطق التي تحاذي عفرين وتسيطر عليها روسيا ويتواجد فيها عناصر من قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مرجحين لـ»القدس العربي» أن تصدر تفاهمات أيضاً حول هذه المنطقة.

ترتيبات بين اللاعبين

وقالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب اردوغان أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين أن هجمات الجيش السوري شمال غربي البلاد تسبب أزمة إنسانية وتهدد الأمن القومي التركي، حسب رويترز، نقلاً عن تصريحات الرئاسة التركية، فيما رد الكرملين، الاثنين، بأن الرئيس فلاديمير بوتين يتفهم مخاوف نظيره التركي رجب طيب اردوغان، لكنه يشعر بقلق مماثل بشأن هجمات من وصفهم بالمتشددين، وهي شماعة تتخذها روسيا لتبرير أي هجوم تشنه ضد مناطق المعارضة السوري، وتعزو ذلك إلى وجود تنظيمات مصنفة امنياً «في محافظة إدلب السورية والتي ينبغي وضع حد لها».
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال للصحافيين، عبر الهاتف «أكد بوتين مراراً وتكراراً أنه يتفهم مخاوف رفاقنا الأتراك… لكن في الوقت ذاته لا يزال الرئيس… قلقاً من نشاط العناصر الإرهابية في إدلب والذي ينبغي القضاء عليه وتدميره». ومن الواضح ان القمة المرتقبة، ستحدد ملامح الايام المقبلة في ادلب، وستفضي إلى تفاهمات واتفاقات جديدة بخصوص الملف السوري، بعد انخراط موسكو تماماً في العمليات العسكرية، ومشاركتها النظام السوري بهجماته على آخر منطقة في «خفض التصعيد»، علماً ان روسيا كانت قد صرحت مراراً أنها لن تتدخل بالعمليات العسكرية أو تهدد حياة المدنيين.

ويعتقد الخبير في الشأن الروسي د.محمود الحمزة ان الروس والاتراك وبضوء أخضر أمريكي، سيتفقون على ترتيبات معينة في إدلب من أجل تهدئة الاوضاع وتوزيع المناطق وفق اتفاقية سوتشي (ايلول/سبتمبر 2018)، مشيراً لـ»القدس العربي»، ان الوضع في ادلب مهم لروسيا من ناحية تحديد دور جبهة النصرة والمجموعات المتطرفة الاخرى، ومن جهة تركيا فعينها على شرقي الفرات والمنطقة الآمنة، ومن هنا، يعتبر المتحدث أن الدور الأمريكي موجود ومؤثر في كل مكان، كون واشنطن «تسيطر على شرقي الفرات».
روسيا وتركيا تربطهما علاقات تعاون تقترب من المستوى الاستراتيجي في مجال الطاقة (الغاز- المحطة النووية) وتسليم صواريخ اس-400 لتركيا وهذا دليل قاطع حسب الحمزة أن علاقات الصداقة بين البلدين، أكبر من إدلب وحتى من سوريا بالنسبة لها، معتبراً «أن الرئيسين التركي والروسي، سيتفقان في 27 اغسطس/آب على الاستمرار في تنفيذ اتفاقية سوتشي وستسعى تركيا للحصول على دعم روسي لانشاء المنطقة الامنة مقابل تنازلات معينة في ادلب». واعتبر «الحمزة» أن ما حدث في سوريا كارثي، لا يمكن السكوت على استمراره، لان «الجميع يبيع ويشتري بالورقة السورية على حساب الدم السوري. ولم يبق للسوريين إلا الاعتماد على انفسهم ورفع صوتهم المستقل الوطني الجامع» من وجهة نظره.
وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اعلن الاثنين، أن عمليات النظام السوري التي أفضت إلى سيطرته بدعم روسي، على مدينة خان شيخون، «كانت مشروعة وهي لا تنتهك أي اتفاقات مع تركيا».
وقال الوزير الروسي خلال مؤتمر صحافي حسب وكالة سبوتنيك الروسية «بالنسبة إلى ما يحدث في منطقة خفض التصعيد في إدلب، ولا سيما في منطقة خان شيخون والمنطقة المحيطة بها فالقوات المسلحة السورية بدعمنا لا تنتهك أي اتفاقات، وأذكّر مرة أخرى، فقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا مراراً وتكراراً».
وأضاف لافروف: «لذلك عندما قام الجيش السوري بتصفية هذه البؤرة في خان شيخون، فقد تم ذلك بشكل شرعي وضروري من حيث تحقيق الأهداف التي حددها مجلس الأمن الدولي بشأن التسوية السورية» لافتاً إلى أن الدوريات المشتركة للقوات الروسية والتركية في إدلب ليس من الممكن تنظيمها بعد. وعلى ضوء المشهد الذي يعكس توتراً واضحاً، وتبادل الطرفين التركي والروسي التصريحات حول الهجمات الأخيرة ووضع ادلب، وربط اردوغان مسألة إدلب بالأمن القومي التركي، يستشف مراقبون أن المفاوضات لن تكون سهلة بل قاسية على الطرفين.
ويبدو ان هناك انتظاراً كبيراً للقمة الرئاسية، التي تحكم على نجاحها سيناريوهات عدة وفقاً للباحث السياسي والاكاديمي عرابي عرابي وهي «الاتفاق على إيقاف العمليات العسكرية، والتفاهم مع الروس على الانسحاب إلى ما قبل مورك وخان شيخون، وتسيير دوريات مشتركة في المنطقة منزوعة السلاح وإعادة تفعيل الدوائر المدنية في المحافظة بإشراف تركي – روسي عبر النظام، حيث اعتبر المتحدث لـ»القدس العربي»، ان إجراءات ترميم خان شيخون المتسارعة بغية افتتاح دوائر لمديريات الخدمات فيها هو ما يشير إلى توافق بين الدولتين على منح خان شيخون ومورك صفة المنطقة المنزوعة السلاح وتأهيلها لاستقبال المواطنين ومعاملاتهم فيها.

احتمال الفشل

أما الاحتمال الثاني، حسب رأيه فهو الفشل واستمرار العمليات العسكرية، وفي هذه الحال سوف تكون النقاط الأخرى خاصة في محور جسر الشغور تحت خطر المحاصرة أو التطويق كما حصل مع نقطة المراقبة التاسعة في مورك، وهذا الأمر قد يفتَح الباب أمام توقعات عديدة تستخدم فيها شتى أوراق الضغط والتي يجيد الروسي استخدام القتل ليحقق مبتغاه. وهنا سيكون الأتراك أمام زيادة الدعم المقدم للجيش الحر أو دعم الفصائل لفتح معارك أخرى في حلب أو محور الساحل.
ويقول الباحث السياسي ان السيناريو الثالث، هو أن تؤدي القمة إلى حلحلة الموقف وتثبيت خطوط النار على الوضع الجديد، وتسيير الدوريات في المناطق المنزوعة السلاح من الجانبين الروسي / التركي، مع الاتفاق على إعادة فتح الطرق الدولية إم 5 وإم 4 بمراقبة تركيا وتثبيت الاتفاقات والتفاهمات الخاصة بإدلب ومنها اتفاق منطقة خفض التصعيد الذي كان نتاجاً لمباحثات «آستانة» و»سوتشي» بشأن المنطقة منزوعة السلاح. وربما يستغل الرئيس التركي حاجة روسيا لإنجازات سريعة، فيتعهد لها مثلاً بدعم مساعيها في اللجنة الدستورية والعمل على تفعيل مسار الحل السياسي، لكن الباحث السياسي اعتبر في حديثه مع «القدس العربي» ان «مشكلة هيئة تحرير الشام، من الممكن ان تمنع اندفاع الروس لضرب المنطقة بدعوى وجودها».

المصدر: القدس العربي

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*