انكسار معرة النعمان وانتصار الباطل

عدنان الصايغ

بصوت مخنوق يغلبه البكاء يوجه أحد الشبان في تسجيل مصور له تم تداوله على صفحات الفيس البوك اليوم الجمعة مناشدة لإنقاذ أهالي المعرة بعد ليلة قصف عنيف عاشتها المدينة.

وناشد الشاب كل من يستطيع أن يخرج الأهالي من المدينة بالإسراع في نقلهم مشيرا إلى أن “العالم في الشوارع” لا يعرفون إلى أين يمكن أن يتوجهوا.

هو صوت شعب بأكمله، ثار وانكسر أمام ظالمه، وترك ليلقى مصيره في درس قاس يكرره التاريخ كل حين، وما أشبه أهالي إدلب اليوم بمناصري سبارتكوس الأمس.

تتوالى مئات الشاحنات على الطريق ما بين مدينتي معرة النعمان وإدلب، محملة بما يمكن أن يرد البرد في وجهة إلى المجهول حرفيا، فيما ما يزال الكثير ممن لم يحالفهم الحظ في الحياة ينتظرون قدرهم ومصيرهم تحت القصف.

إلى الشمال من معرة النعمان تربض البلدات والمدن والقرى في ذعر وخوف، وهم يرصدون شتات جيرانهم مدركين أن الوقت قد شارف على الانتهاء، وأن أقنعة الأصدقاء الأتراك المزيفة لم تعد قادرة على الصمود، كما لم تعد لحى النصرة تصول شوارعهم مستعرضين لثامهم وأسلحتهم.

أمام لحظة فارقة لا يجد أهالي الشمال سوى أن يهددوا الذي ضمنهم أمام الروسي، محاولين التجمع على الحدود التركية في باب الهوى، لكن نار هيئة تحرير الشام الفصيل الذي صم آذانهم بشرع الله، وقتل أبنائهم بدعوى توحيد الكلمة، وسرق أرزاقهم بحجج الزكاة، يردعهم بما تبقى له من قوة مانعا إياهم من الوصول إلى الحدود.

يؤخر المدنيين في إدلب خروجهم من بلداتهم إلى أخر فرصة، رغم ما يحمله البقاء من مغامرة ثمنها الحياة، معتبرين أن كل لحظة في بيوتهم هي جنتهم الأخيرة قبل الموت والنزوح، متجاهلين إلحاح أبنائهم في الخارج للإسراع في النزوح ولو إلى العراء.

في تخلٍ غير مفاجئ، يقلب التركي وجه المجن للمدنيين في إدلب، بعد أن أخذ ما أراد من مناطق كردية وحدودية كانت بحكم الكابوس له، ليتوارى أردوغان دون حتى أن يتكبد عناء التصاريح الدبلوماسية.

تحت برد الشتاء ونار القصف وضياع النزوح، ستمر أيام عصيبة على النازحين مترقبين ما ستؤول إليه أوضاعهم في بورصة السياسة الدولية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*