بهدف سلب أموال المواطنين.. الأسد يصدر مرسومين يشددان العقوبة على نشر سعر صرف الدولار

كعادتها تقول العبارات المكتوبة من قبل مجهولين على جدران المدن المقموعة ما يجول في وجدان أهلها، وتفصح عن أصدق ما يعتري الناس من معاناة وأحلام، وبعيد إصدار المرسومين التشريعيين المنفصلين عن الواقع من قبل رأس النظام السوري بشار الأسد فيما يخص التداول بعملة غير العملة السورية أو تداول سعرها خارج سعر الصرف الذي حددته حكومته، تحدت عبارة كتبت في مدينة السويداء – والتي تشهد احتجاجات تطالب بتحسين الوضع المعيشي- قانون بشار الأسد في اليوم التالي لصدور القانون، لتحدد سعر الليرة السورية بـ “1140” مقابل الدولار الأمريكي.

وأضافت الجدارية تاريخ كتابة العبارة في 19 كانون الثاني الحالي، وأوضح من كتبها أنها ليست مؤامرة أو جهة خارجية، في إشارة إلى عادة النظام في إرجاع كل المطالبات الشعبية إلى نظرية المؤامرة لتكميم أفواه المواطنين وقمعهم لعدم مطالبتهم بأي حقوق لهم.

وكان رأس النظام السوري بشار الأسد قد أصدر في 18 كانون الثاني مرسومين تشريعيين يشددان العقوبة على كل من يتعامل بغير الليرة السورية أو ينشر سعرها خارج السعر الذي حدده النظام.

وجاء في نص المرسوم التشريعي رقم (4) لعام 2020: “تشديد العقوبة على كل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة أو وهمية بإحدى الوسائل الإعلانية عن طريق الكلام أو الكتابة والرسوم والصور والأفلام والشارات والتصاوير المذكورة في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 208 من قانون العقوبات، أو عن طريق شبكة الإنترنت لإحداث التدني أو عدم الاستقرار في الأوراق النقد الوطنية أو أسعار صرفها المحددة بالنشرات الرسمية أو لزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها وجميع الأسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة”.

وتم تعديل المادة 309 من قانون العقوبات بموجب المرسوم الجديد، لتصبح العقوبة هي الاعتقال المؤقت وغرامة مالية من مليون إلى خمسة ملايين ليرة سورية، بعد أن كانت عقوبتها الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من مائتين وخمسين ليرة إلى ألف ليرة سورية.

وزاد المرسوم في تشديد العقوبة بعد تطبيق الأسباب المخففة التقديرية وعدم جواز إخلاء السبيل على الجرائم المذكورة في المرسومين.

وفيما قالت مواقع وصفحات موالية للنظام أن تأثير المرسومين جاء بتحسن لسعر الصرف بشكل فوري بما يقارب 15% خلال يومين، أكد مراقبون أن هذا التحسن لن يصمد طويلا أمام استمرار أسباب هبوط الليرة السورية ضمن معالجات غير حقيقية كالمراسيم القمعية التي أصدرها الأسد.

كما أشار المختصون إلى أن غاية المرسومين قد تكون الاستيلاء على أموال المواطنين ومكاتب الصرافة بحجة قانونية يشارك فيها رأس النظام مع أجهزته الأمنية عبر مراسيمه، لتبدأ بعدها وزارة الداخلية حملة ضد كل من يقوم ببيع وشراء الدولار خارج سوقها وبدون ترخيص واعتقلت عددا من الأشخاص بحسب مواقع مقربة من النظام السوري.

ونشر موقع دمشق الآن “أن إدارة الأمن الجنائي قامت باعتقال عدد من الأشخاص يقومون بتصريف العملات الأجنبية وتحويل الأموال دون ترخيص وضبطت في حوزتهم عملات أجنبية ومبالغ مالية كبيرة”.

ولاقى المرسومين سخرية واسعة من قبل السوريين رصدها موقع روسيا اليوم في خبر حمل عنوان “بعد المرسوم 4.. عودة اسم “الشوئسمو” بدلا عن الدولار خوفا من العقوبات في سوريا”.

ونقل الموقع تهكم السوريين على المرسومين مشيرا إلى ما تداوله البعض منهم على صفحات التواصل الإجتماعي.

وأكد الموقع أن اسم الدولار كاد يغيب عن صفحات التواصل الاجتماعي بعد صدور المرسوم، بعد أن استخدم السوريون كلمات أخرى بديلة عن الدولار منها: “الشوئسمو” وتندروا على حالة الخوف التي أبعدت اسم الدولار عن التداول، خاصة أن وزير الداخلية السوري أشار أكثر من مرة إلى أن فرع الجريمة المعلوماتية يراقب الصفحات ويرصدها بحسب الموقع.

ومن التعليقات الطريفة التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ورصدها موقع روسيا اليوم:

ـ “شو هالشعب الجبان.. ما بيجي غير بالعصاية.. ما عاد حدا استجرى يجيب سيرة اللي ببالي بالكون”.

ـ “هل يطال المرسوم رئيس الحكومة؟ يشاع أنه أعلن عن سعر الشوئسمو الغير وهمي؟!؟! وبرر عدم نزول الأسعار، (تعليقا على كلمة رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الشعب اليوم التي ذكر فيها أن الدولار ارتفع من 500 إلى ألف ليرة في سياق تبرير ارتفاع الأسعار).

ـ “إذا بيسمعوك جماعة الشوئسمو عم تحكي عن الشوئسمو.. رح يجوا بغيبة الشمس يعبوك بالطبون وياخدوك.. وبضيعتك ما رح تندفين”.

ـ كانت أمي من زمان تناديلي: هنادي روحي طفي الشوئسمو تحت هديك.. وكنت روح طفي الغاز تحت الطبخة.. هلا الشوئسمو لساتو ولعان مقابل ال هديك؟ قديه صار اليوم؟.

ـ وحول التأكيد على صفة “الوهمي” لأسعار الليرة أمام الدولار، كتب أحدهم:

ـ علبة بسكويت وهمية

اشتريت علبة بسكويت بـ 1500 وكان سعرها قبل شهرين 1000، قلت للبائع هذا بالتأكيد سعر وهمي، فهز رأسه موافقا وابتسم ابتسامة وهمية، دفعت له أموالا وهمية، ثم شكرته شكرا وهميا.. قلت لنفسي إن تكلمت سأسجن سجنا حقيقيا بتهمة وهمية، هذه الأمة التي لا أعلم حقا إن كانت حقيقية أم وهمية لكن من المؤكد استحالة أن يكون كلانا حقيقيا، وعلى الأغلب أنا الوهمي في هذا البلاء الحقيقي.

وينعكس تأثير المرسومين بضرر كبير على المواطنين الذين يتلقون مساعدات من ذويهم المتواجدين خارج سوريا، وهي المساعدات الوحيدة التي تخفف من عبء الحياة على المواطنين المقيمين في سوريا، في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور الليرة السورية وانتشار البطالة، ليصبح النظام قادرا على الاستيلاء على قسم كبير يتجاوز 50 بالمئة من تلك المبالغ المرسلة عبر مرسومه الجديد.

يذكر أن سعر الصرف الذي حدده مصرف سوريا المركزي لشراء الدولار يوم أمس هو 700 ليرة سورية للدولار الواحد، فيما يتم شراؤه في السوق السوداء بسعر 1100 ليرة سورية.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*