الأوضاع المعيشية في الشمال السوري ودور حكومة الإنقاذ

وضع مأساوي جديد تعيشه مناطق الشمال السوري المحرر، فالليرة السورية في أدنى مستوياتها والغلاء يطال أبسط المقومات المعيشية، مع انعدام فرص العمل وموجات النزوح الهائلة التي شهدتها المنطقة بعد الحملة العسكرية الأخيرة لقوات النظام وروسيا.

ملامح الذهول باتت ترتسم على وجوه الأهالي وهم يتابعون أسعار صرف الدولار والانهيار السريع لليرة السورية، وما تبع ذلك من ارتفاع في أسعار الخبز والمواد الأساسية تجاوزت الضعف، وسط عجز غالبية الأهالي عن تأمين قوت يومهم ومستلزمات معيشتهم.

وتنتشر على منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات لرجال يشكون الحالة التي وصلت إليها أحوال الناس، ويبكون رغيف الخبز، الذي أصبح تأمينه عبئا جديدا يضاف إلى الأعباء التي تثقل كاهل الأهالي في الشمال السوري المحرر، بعد 9 سنوات من الموت والتهجير.

ولا تقتصر هذه الحالة على منطقة معينة دون أخرى، فالحالة تعم البلاد من مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة إلى مناطق سيطرة النظام وصولا إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية.

حالة ركود عامة تشهدها الأسواق في مدينة إدلب والشمال السوري، ما دفع عددا من أصحاب المحال التجارية لإغلاقها بسبب الخسائر المستمرة وتوقف حركة البيع والشراء، وسط مطالبات الأهالي للسلطات المحلية بإيجاد الحلول لمنع تفاقم المعاناة واستمرار عجلة الحياة في المنطقة.

حكومة الإنقاذ ودورها في مفاقمة الأزمة

وكقطاع خاص متناسية أنها تتحكم باقتصاد الشمال المحرر، سارعت حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام إلى رفع سعر ربطة الخبز وتخفيض وزنها وبلغ سعر ربطة الخبز 600 ليرة سورية بوزن 650 غرام، ورفع سعر المحروقات المتحكمة بها عن طريق شركة وتد للمحروقات ووصل سعر جرة الغاز إلى 28600 ليرة سورية، الأمر الذي أثار استياء الأهالي وغضبهم وخروجهم بمظاهرة تنديدا بارتفاع أسعار المواد الغذائية وعلى رأسها مادة الخبز، وطالبت بإسقاط حكومة الإنقاذ الذراع المدني لهيئة تحرير الشام لعدم اتخاذها أي قرار لمساعدة الأهالي، واقتصار دورها على فرض الإتاوات والضرائب لصالح الهيئة، كما طالبت بإسقاط هيئة تحرير الشام وزعيمها الجولاني، وأكدت بأن كرامة المواطن ولقمة عيشه خط أحمر.

وعلى وقع المظاهرات ضدها، بادرت حكومة الإنقاذ لعقد اجتماع مع مجلس الشورى العام في الشمال السوري، لمناقشة الأوضاع الاقتصادية في المناطق المحررة والبحث عن حلول لأزمة الخبز في الشمال السوري.

وطرحت حكومة الإنقاذ في البيان الختامي للاجتماع، خطتها لمعالجة الأزمة من خلال العمل على تبديل العملة السورية إلى العملة التركية بأسرع وقت ممكن، وإلغاء الرسوم الجمركية عن مادة الطحين المستورد، وإنشاء مراكز توزيع خبز مدعوم على كافة المناطق المحررة، والعمل على انتاج نوع ثاني من الخبز وبسعر أقل.

وطالب مجلس الشورى العام جميع المنظمات الإنسانية في الداخل والخارج بزيادة نشاطها في المناطق المحررة.

ونقلت وكالة أنباء الشام التابعة لحكومة الإنقاذ تصريحات لرئيس مجلس الوزراء “علي كده” أعلن فيها أنه سيتم توزيع 15 ألف ربطة خبز كخطوة أولية للشرائح المحتاجة، كما يجري العمل على عقد اجتماعات مع اتحاد نقابة العمال لتحديد أجور العاملين في الشمال المحرر بما يتوافق مع صرف العملات.

من جانبه قال وزير الاقتصاد والموارد في حكومة الإنقاذ “باسل عبد العزيز” إن المشكلة الاقتصادية في الوقت الحالي تكمن في كيفية الاستغناء عن العملة المتهاوية، واعتماد عملة مناسبة للتداول كالدولار أو الليرة التركية، والعمل على ضخ الفئات الصغيرة من العملات لسهولة التداول والحد من استخدام الليرة السورية.

في حين طالب رئيس مجلس الشورى “مصطفى الموسى” بتوفير الدعم لمادة الخبز والأفران والقطاع الزراعي من قبل المنظمات الإنسانية في الشمال السوري المحرر، كما طالب بتحسين الواقع المعيشي للمواطن من قبل حكومة الإنقاذ، واستيراد نوع ثاني من المحروقات.

أعلنت على إثرها إدارة معبر باب الهوى الحدودي، عن موافقتها على إلغاء الرسوم الجمركية عن مادتي الطحين والخميرة، وذلك بعد انهيار الليرة السورية وانعدام قيمتها الشرائية وارتفاع سعر مادة الخبز.

ووجهت أمانة الجمارك في معبر باب الهوى كتابا إلى إدارة المعبر، اقترحت بموجبه إعفاء المواد الأساسية لمادة الخبز “طحين وخميرة” من الرسوم الجمركية، نظرا للظروف التي تمر بها المناطق المحررة وارتفاع الأسعار بالنسبة للحاجات الأساسية وعلى رأسها مادة الخبز.

هذه الخطوات خففت الاحتقان الشعبي ولاقت استحسان الأهالي واطمئنوا إلى أن انخفاضا قادما بسعر الخبز، ولكن بعد أقل من 24 ساعة على هذه القرارات تفاجأ الأهالي برفع سعر ربطة الخبز مجددا إلى 1000 ليرة سورية بوزن 950 غرام.

واكتفت حكومة الإنقاذ بعدها بالإعلان عن انتاج خبز مدعوم بسعر 400 ليرة للربطة، عبر ثلاثة أفران فقط في مناطق الشمال السوري، في مدن إدلب وأريحا وجبل الزاوية.

وأعلنت أن حصة مدن كجسر الشغور وحارم وأريحا وبنش والأتارب ودارة عزة وغيرها هي 700 ربطة خبز يوميا.

وفي خطوة شبهها ناشطون بالبطاقة الذكية في مناطق سيطرة النظام، والتي طالما كانت محل سخرية من وسائل الإعلام المقربة من حكومة الإنقاذ وهيئة تحرير الشام، أعلنت حكومة الإنقاذ أن توزيع الـ 700 ربطة من الخبز المدعوم سيتم عبر كروت خاصة توزع للمستفيدين، مذكرة بالبطاقة الذكية في مناطق سيطرة النظام.

التأثيرات وارتفاع الأسعار

كل دولار بات يساوي 2400 ليرة سورية هو سعر اليوم، بعد أن وصل إلى 3800 ليرة مقابل الدولار الواحد، وربما تكون كلمة الانهيار وصفا غير كاف لما وصلت إليه العملة السورية، فسرعة الانهيار التي شهدتها الليرة السورية في زمن قصير لم يسبق أن شهدها السوريون.

ابو محمد صاحب محل لبيع الخضار في مدينة إدلب قال لزيتون: انخفضت نسبة مبيع الخضراوات إلى الربع تقريبا بسبب غلاء الأسعار، وانعدام فرص العمل، وقد زاد علينا إيجار المحلات بنسبة 6 أضعاف، بعد انهيار الليرة السورية وفقدان قيمتها الشرائية.

خالد صاحب محل لبيع الفروج في مدينة إدلب يقول: ارتفعت أسعار الفروج إلى 4700 ليرة بزيادة 1500 ليرة على الكيلو الواحد تقريبا، وانخفضت حركة البيع بشكل كبيرة بسبب انهيار الليرة السورية وانعدام القدرة الشرائية للأهالي، فالعامل العادي يعمل من الصباح حتى المساء بأجر زهيد لا يتجاوز دولار واحد ما يساوي تقريبا من 2000- 3000 ليرة سورية، وقد أصبح سعر ربطة الخبز 1000 ليرة واذا كان لديه طفل صغير فمصروف الحليب والحفاضات يعتبر كارثة بالنسبة له.

سعيد أحد النازحين في مدينة إدلب يقول: الأوضاع المعيشية أصبحت قاسية وصعبة جدا، فأنا كرب أسرة أعجز حتى عن تأمين الخبز لعائلتي بعد أن وصل سعر الربطة إلى 1000 ليرة.

وتقول أم يوسف وهي نازحة من مدينة سراقب ومقيمة في مدينة إدلب: “منذ أن بدأت الحرب، شهدنا كل أنواع القصف من الصواريخ إلى الطائرات، وذقنا كل أنواع الألم والعذاب، وأعتقد أن الوضع المعيشي الحالي هو الأصعب من بين كل ما مر علينا”.

وتضيف أم يوسف، “بعد نزوحنا من سراقب، لم يجد أبو يوسف عملا هنا، ونعيش على ما يرسله ولدي الذي يعمل في تركيا، لذلك أقوم بصناعة الخبز في المنزل من الطحين الذي نحصل عليه من السلل الإغاثية” ، وتؤكد أم يوسف “إذا استمر انهيار الليرة، فنحن أمام مجاعة كبرى ولن يستطيع أحد شراء حاجاته”.

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها حول الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، لا سيما في محافظة إدلب أكثر المناطق تضررا بانهيار الليرة السورية.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن اكثر من 11 مليون امرأة وطفل ورجل، بحاجة ماسة للمساعدة الإنسانية، بعد أن زادت الأسعار بأكثر من الضعف في العام الماضي، حيث ارتفعت بنسبة 133% في جميع أنحاء البلاد.

وأضاف المتحدث أنه وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، يعاني 9.3 مليون شخص في سوريا من انعدام الأمن الغذائي، واستمرت أسعار المواد الغذائية بالارتفاع في شهر أيار، بحيث ارتفعت تكلفة سلة الغذاء القياسية بنسبة 11% في المتوسط مقارنة بشهر نيسان.

ووصف المتحدث محافظة إدلب بأنها أكثر المحافظات تأثرا بارتفاع الأسعار، إذ تم تسجيل أعلى أسعار للمواد الغذائية في جميع أنحاء سوريا، حيث ارتفعت سلة الغذاء في إدلب إلى زيادة بنسبة 30% خلال شهر واحد فقط.

وفي 2 حزيران الحالي قال “دوجاريك”، إن 2.8 مليون شخص في شمال غربي سوريا بحاجة للمساعدات الإنسانية، بينهم مليون نازح يعيشون في مخيمات أو ملاجئ غير رسمية، مؤكدا أن الاستجابة الإنسانية الضخمة للأمم المتحدة عبر الحدود مستمرة، لتقديم المساعدات المنقذة للحياة إلى المحتاجين، بما فيها المواد الصحية لمواجهة فيروس كورونا.

حملات لتوزيع الخبز على الفقراء

انطلقت مبادرات أهلية في مناطق الشمال السوري المحرر, لتوزيع الخبز مجانا على الفقراء والمحتاجين في ظل ارتفاع الأسعار الذي ترافق مع انهيار قيمة الليرة السورية إلى مستويات قياسية.

وأطلق فريق “إدلب الوطن” التطوعي، مبادرة لتوزيع الخبز على المهجرين في مدينة إدلب، كما أطلق فريق “أثر الخير” التطوعي حملة رغيف الكرامة لتوزيع الخبز على المحتاجين والفقراء في مدينة إدلب.

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

وأطلق ناشطون حملة نورس لتوزيع الخبز على المحتاجين، فيما افتتح ناشطون “كشك خبز الكرام” لتوزيع الخبز مجانا على الفقراء والمحتاجين.

وأطلقت مبادرة أهل الخير في مدينة سلقين، حملتها الثالثة تحت عنوان “رغيف الكرامة”، والتي تهدف إلى توزيع الخبز المجاني على 700 عائلة من الفقراء والمحتاجين من أهالي المدينة.

وقامت عدة فعاليات أهلية في مدن الباب واعزاز بريف حلب الشمالي والشرقي بوضع ربطات خبز في أماكن عامة، مكتوب عليها خبز بالمجان لكل محتاج.

ووزع أحد تجار مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، الخبز مجانا على المحتاجين من أهالي المدينة بهدف التخفيف من وطأة الأوضاع المعيشية السيئة نتيجة انهيار الليرة السورية، وحث التاجر باقي التجار في المدينة على دعم المبادرة لحين إيجاد حل للوضع المعيشي السيء في المنطقة.

وتداول ناشطون, صورا من مناطق عدة في الشمال السوري، لأكياس خبز مع ورقة مكتوب عليها “إن كنت لا تمتلك ثمن الخبز خذ حاجتك منه”.

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

وتأتي هذه المبادرات لمساعدة الفقراء والمحتاجين في ظل ارتفاع أسعار الخبز في مناطق الشمال السوري، وعجز العديد من الأهالي عن تأمينه.

انتحار.. بيع أعضاء.. بيع أطفال .. سرقة

تناقل ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي خبر انتحار صاحب محل صرافة، وذلك عقب تغير كبير في سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار.

وذكر الناشطون أن المدعو مطيع حبار من أبناء مدينة سراقب ويقيم في بلدة سرمدا شمالي إدلب، أقدم على الانتحار بتناول حب الغاز، بعد خسارته لمبلغ يقارب 120 ألف دولار في أقل من 24 ساعة بسبب انهيار سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار.

ودفع الفقر والأوضاع المعيشية السيئة للنازحين في الشمال السوري، بأحد الأهالي النازحين من ريف معرة النعمان لعرض طفله للبيع مقابل مبلغ مادي، وذلك بسبب الفقر الشديد وعجزه عن تأمين قوت عائلته التي تتألف من الأب والأم وثلاثة أطفال.

وتعرض الصراف علي درويش من مدينة الأتارب يوم الجمعة، لعملية سرقة من قبل مجموعة مسلحة هاجمت سيارته في الطريق إلى بلدة سرمدا شمال إدلب، قادما من مدينة اعزاز شمال حلب، وسرقت منه مبالغ مالية ضخمة قدرت بنص مليون دولار أمريكي.

وقال ناشطون إن الحادثة وقعت قرب بلدة الباسوطة في منطقة عفرين شمالي حلب، موجهين أصابع الاتهام لعناصر الجيش الوطني وتحميلهم كامل المسؤولية عن الحادثة، على اعتبار أنها جرت في مناطقهم وبالقرب من حواجزهم.

وكشفت مصادر صحفية عن تسجيل حالات “بيع كلى” في محافظات سورية، بسعر 30 مليون ليرة سورية، في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة، وغير المسبوقة التي يمر بها السوريون.

وقال موقع هاشتاغ سوريا المحلي إنه استطاع التواصل مع عدد من الأشخاص الذين أعلنوا عن عرض “كلاهم” للبيع، وأكدوا أنهم يبحثون عن أشخاص مقتدرة ماديا وبحاجة لزرع كلى حتى يبيعونهم، لتأمين احتياجاتهم ومصاريفهم اليومية.

ونقل الموقع عن إحدى السيدات التي تعرض كليتها للبيع في محافظة حمص، والتي أكدت أنها لا مانع لديها ببيع كليتها بعد أن سمعت أن سعرها يصل لقرابة 30 مليون ليرة، وقالت “منزلي بالآجار وراتبي 30 ألف، لأني سحبت قرض من الدولة بسبب مرضي، وأجار البيت 30 ألف يعني فعليا أنا بدون أي مصروف كل الشهر”.

فيما قال آخر أنه مستعد للبيع بـ 40 مليون، وأضاف، وضعت رقم هاتفي في كل مكان ليتصل بي أي شخص يبشرني أنه وجد من يشتري كليتي.

ارتفاع سعر الدواء

بات الحصول على الدواء في الشمال السوري المحرر أمرا صعبا، بسبب فقدانها من معظم الصيدليات وارتفاع أسعارها بشكل كبير إن وجدت، بعد انهيار الليرة السورية.

الارتفاع الكبير في أسعار الأدوية وفقدان بعضها يرجع إلى عدة أسباب أهمها خسارة مناطق المعارضة لمعامل الأدوية في منطقة المنصورة بريف حلب الغربي، نتيجة الحملة العسكرية الأخيرة لقوات النظام وروسيا على المنطقة، وانهيار سعر صرف الليرة السورية، وفرض النظام قيودا على مصانع الأدوية في مناطق سيطرته، ما أدى لتوقف معظمها، بالإضافة لإغلاق جميع المعابر مع مناطق سيطرة النظام وتركيا ضمن الاجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا.

فقدان بعض أصناف الأدوية والارتفاع الكبيرة بأسعارها وخاصة أدوية الأمراض المزمنة يضاف إليها الفقر والبطالة، كلها أسباب تهدد حياة آلاف المرضى في الشمال السوري، مما يستدعي إيجاد حلول سريعة قبل تفاقم الأزمة.

وحذرت نقابة أطباء الشمال المحرر من كارثة على مستوى الأمن الصحي للأهالي في المناطق المحررة، بسبب تردي الوضع الصحي والوضع الاقتصادي، وعدم توفر الأدوية وارتفاع أسعارها بشكل كبير.

وقالت النقابة في بيان لها يوم الأربعاء 3 حزيران، أن تحذيرها جاء بعد خروج معامل الأدوية في ريف حلب الغربي عن الخدمة، إثر الهجوم الأخير لقوات النظام والميليشيات المساندة له على المنطقة، بالإضافة لإغلاق جميع المعابر بسبب تفشي وباء كورونا خلال الأشهر الماضية.

وأشارت النقابة إلى التأثير الكارثي على الأمن الصحي للأهالي في المناطق المحررة وخصوصا ذوي الأمراض المزمنة وبعض الأمراض الأخرى.

وحملت النقابة في بيانها المسؤولية الكاملة للسلطات المختصة، ودعتها لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط أسعار الدواء وتأمين الكميات الكافية منها بالوسيلة التي تراها مناسبة بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.

يذكر أن أسعار الأدوية شهدت ارتفاعا كبيرا في مناطق الشمال السوري المحرر، بالإضافة لفقدان أصناف عديدة منها، الأمر الذي ضاعف من معاناة المرضى وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة، بسبب انهيار سعر صرف الليرة السورية، واحتكار الدواء وتخزينه في المستودعات الطبية، وانقطاع الطرقات بين مناطق سيطرة النظام والمناطق المحررة، وإغلاق الحدود التركية ما أدى لانخفاض نسبة الأدوية الداخلة للشمال السوري المحرر.

استبدال الليرة السورية بالتركية

في ظل الانهيار المتسارع والقياسي لسعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، ووصول سعر صرف الليرة السورية إلى أدنى مستوى له في تاريخ البلاد، حيث سجل سعر صرف الليرة ما يقارب 3800 ليرة مقابل الدولار الواحد في إدلب، ما أجبر أغلب محلات الصرافة في المحافظة على الإغلاق، مع قرارات متفرقة للمجالس المحلية ببدء التداول بالدولار والليرة التركية بدلا من العملية المحلية.

ودعت المجالس المحلية في مارع واعزاز وجرابلس والغندورة بريف حلب الشمالي والشرقي خلال الأيام الماضية، للتعامل بالليرة التركية بعد انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي.

وبدأت مراكز البريد التركي “PTT” والعاملة في مناطق سيطرة الجيش الوطني بريف حلب، بضخ الفئات الصغيرة من العملة التركية، وذلك بعد قرار المجالس المحلية بالتعامل بالليرة التركية والاستغناء عن الليرة السورية، بعد انهيارها وفقدانها قيمتها الشرائية.

وأفادت مصادر محلية أن مراكز البريد التركي “PTT”بدأت بضخ العملة التركية من فئة ليرة وخمس ليرات وعشر ليرات تركية، في مراكز اعزاز وعفرين والباب وجرابلس ومارع والراعي بريف حلب الشمالي والشرقي.

من جانبه أكد رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، أن الجانب التركي بدأ بضخ الفئات النقدية الصغيرة من العملة التركية في الشمال المحرر، من أجل تدارك تداعيات انهيار الليرة السورية على أهالي المنطقة.

وأضاف “مصطفى” في تغريده له على موقع تويتر، “بعد تسارع انهيار الليرة السورية تم تكثيف اللقاءات مع الأخوة الأتراك لتدارك الأمر والحفاظ على ما تبقى من مدخرات الأخوة المواطنين باتخاذ الخطوة الأولى في مسيرة ضخ الفئات النقدية الصغيرة من العملة التركية في الشمال المحرر وهي خطوة ستتبعها المزيد من الخطوات”.

وبدأت حكومة الإنقاذ بضخ العملة التركية في بنك شام بمدينة إدلب ومؤسسة النقد التابعة لحكومة الإنقاذ في بلدة سرمدا شمال إدلب، كما ضخت كميات كبيرة من العملة التركية في السوق عبر صرافين حصلوا على تراخيص من حكومة الإنقاذ، وستوزع الحكومة عليهم شاشات إلكترونية يبث من خلالها سعر موحد لليرة التركية.

ونشرت الهيئة العامة للزكاة التابعة لحكومة الإنقاذ بيانا اعتمدت فيه صرف الليرة التركية لأسهم الزكاة بدلا من الليرة السورية، وحددت دفع قيمة سهم الزكاة الواحد بـ 80 ليرة تركية.

وحددت شركة وتد للمحروقات التابعة لهيئة تحرير الشام اليوم الأحد، لائحة أسعار بيع المحروقات بالعملة التركية.

وتراوحت ردود الفعل بين المرحب بهذه الخطوة والمتخوف منها مبررا ذلك بأن الأهالي لا يملكون دخلا ثابتا، وسيكون من الصعوبة عليهم تأمين متطلبات أسرهم وذلك نتيجة الفقر وقلة فرص العمل.

لا يبدو أن مشكلة ارتفاع سعر الخبز ستكون هي الأخيرة التي يعيشها أهالي الشمال السوري، مع الانخفاض المستمر لسعر صرف الليرة السورية، إلا أن لقمة عيشهم هي الأشد إيلاما بين تلك المشكلات، بعد أن سيطر نظام الأسد على مساحات واسعة من الريف الشرقي لإدلب، والتي تعتمد بشكل أساسي على زراعة القمح الذي سد حاجة الأفران في وقت سابق.

أمام هذه الأوضاع الصعبة التي يعيشها أهالي الشمال السوري، ما الذي ينتظر أكثر من 4 ملايين مدني في قادم الأيام، في ظل انكسارات عديدة عانوا منها خلال السنوات الماضية، بدءا من براميل الأسد وليس انتهاء برغيف الخبز.

 
 
 
 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*