بعد ارتفاع أسعار الأدوية.. إما الخبز وإما الدواء

شهدت الأسواق السورية في بداية هذا الشهر، ارتفاعا في أسعار الأدوية، واختفاء بعض الأصناف من الصيدليات، مقابل محاولات شكلية من قبل حكومة النظام السوري، لم تفلح في كبح سوق الأدوية على غرار باقي أسعار المواد الأخرى.

ومن أهم الأدوية التي ارتفع سعرها أدوية الأمراض المزمنة لا سيما أمراض القلب والكلى والسكري والضغط، كما اختفت بعض الأنواع من أسواق دمشق وحلب.

وشملت الإجراءات التي اتخذتها حكومة النظام ضبط عمليات الإنتاج ومكافحة أي مخالفات من قبل بعض المستودعات الدوائية والصيدليات، ومنح أولوية تمويل المستوردات عن طريق المصرف المركزي للمواد الأولية اللازمة للصناعات الدوائية، وذلك وفق سعر صرف نشرة المصرف المركزي المحدد بـ 700 ليرة سورية للدولار الواحد.

الحكومة السورية أرجعت سبب ارتفاع الأسعار على لسان وزير الصحة “نزار يازجي” إلى تطبيق قانون قيصر، الذي طال التجهيزات والأدوية، وأعاق استجرار أدوية الأمراض المزمنة، لأنها من الأدوية التي لا تصنع محليا.

وفي الشمال السوري الذي يعاني مسبقا من مشاكل النزوح وسوء الأحوال المعيشية، جاءت زيادة أسعار الأدوية لتزيد الطين بله، وبات المرضى في حالة بحث وقلق بعد قلة الأنواع واختفائها وارتفاع أسعارها.

تبحث نسرين المهجرة من ريف إدلب الشرقي، والمقيمة في مدينة الباب، عن دواء والدتها المصابة باستسقاء دماغي، مشيرة إلى أن تأمين الدواء المحلي، يوفر مبالغ مالية كبرى مقارنة مع أسعار الأدوية المستوردة، فضلا عن تفاوت الأسعار ما بين مدينة وأخرى حتى أنها تتفاوت بين صيدليات المدنية الواحدة.

الصيدلي في مدينة جرابلس “أحمد العبو” يرى أن سبب ارتفاع الأسعار هو ما شهدته الليرة السورية من انهيار كبير، ما انعكس على عجز معامل الأدوية عن شراء المواد الأساسية بسعر مناسب، ودفع بالكثير من المعامل إلى التوقف عن صناعتها بانتظار أن تنتهي إشكالية تفاوت سعر الدولار بين المصرف المركزي والسوق السوداء.

وأَضاف العبو أن عدم استقرار وضع المعابر مع مناطق سيطرة النظام، والتي تمر من خلالها الأدوية المحلية، إضافة إلى فرض ضرائب مالية ضخمة على الأدوية، وارتفاع أسعار المحروقات، كلها أسباب تزيد من صعوبة تأمين الأدوية وتساهم في رفع أسعارها.

ويوضح العبو أن أزمة كورونا تسببت كذلك بمزيد من الصعوبات، وأكثرت من المماطلات في عمليات تسليم الأدوية على المعابر، وبعد رفع الأسعار بنسبة 75% عادت لتصل الزيادة اليوم إلى 100%.

وأشار العبو إلى أن المتضررين بطبيعة الحال هم أصحاب الأمراض المزمنة، بسبب حاجتهم المستمرة إلى الدواء، ما دفعهم لشراء المزيد من الأدوية بدافع الخوف من فقدانها من الأسواق.

الصيدلي خالد الخالد يؤكد أن العقوبات المفروضة على النظام السوري من قبل الدول الغربية، حدت من قدرة معامل الأدوية وإنتاجها، وافتقادها لقطع الغيار لخطوط الإنتاج التي تحتاج إلى الصيانة، بالإضافة إلى ما تعرضت له معامل الأدوية في الشمال السوري خلال السنوات السابقة من تفكيك وسرقة وخروج عن الخدمة.

كما لم يستبعد الخالد وجود عمليات احتكار وتخزين للأدوية لدى بعض المستودعات، لا سيما في ظل انعدام المراقبة، وانتشار الفوضى وفساد الجهاز الإداري بشكل عام.

ومن أبرز الأصناف الدوائية المفقودة حاليا الأسبرين (مميع دم) بجميع أنواعه، أدوية الضغط، أدوية الربو، بعض أدوية المعدة، أدوية الالتهاب، الأدوية عصبية، مع توفر بدائل لها من صناعات تركية وهندية، وبذات التركيبة، لكن بأسعار مضاعفة، ما يتجنبه المواطن في الشمال، مستمرا ببحثه عن الأدوية المحلية.

ويضيف الخالد أنه تم افتتاح صيدليات مجانية، تتبع لمنظمات انسانية، لكنها لا تحتوي إلا على الأدوية التركية وبأنواع محدودة.

“عبد الرزاق العمر” يعاني من ضغط الدم، قال بأنه يجد صعوبة في تأمين الدواء، باحثا عنه في أكثر من منطقة في الشمال السوري، لعدم توفره الدائم.

“إما الخبز وإما الدواء” هذا ما صرح به “الحاج يوسف” وهو مسن يعاني من مرض القلب، يحتاج إلى دوائه بشكل يومي، ومع ارتفاع سعار الدواء، بات مخيرا ما بين لقمة العيش أو الدواء.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*