ما مصير أهالي إدلب؟؟

3_000000

نزوح الأهالي من ادلب بعد تحريرها خوفا من انتقام النظام

ولأنّ هذه الثورة قامت من أجل الناس كان لزاماً عليها أن تبقى معهم وتعنى بهم مهما فرضت المعارك ضروراتها ومهما علا صوت السلاح والانتقام.

يعيش الكثير ممّن تطغى عليهم نزعاتهم العاطفيّة أكثر ممّا هو منطقيّاً وعقلانيّاً في محافظة إدلب المدينة وريفها أجواء من الفرح بنشوة التحرير إلى الحدّ الذي أنساهم معنى وقيمة التحرير، ومصير الإنسان المحرّر؟

حتى أصبح التحرير بحدّ ذاته ذا قيمة ومعنى أهمّ بكثير من قيمة الإنسان وكأنه (لا صوت يعلو فوق صوت التحرير).

ما إن دخل جيش الفتح فاتحاً إدلب المدينة حتّى خرج الأهالي خوفاً على حياتهم من مجهول داخل ومن لئيم خارج.

خرجوا إلى كل مكان، إلى أيّ مكان والبعض إلى اللامكان منهم من حاول النزوح إلى الساحل السوريّ، ولكن لم يُسمح لهم بالدخول بينما انساح سوادهم الأعظم في الريف الإدلبيّ النازح من بيوته أساساً، ليتلقى أهالي إدلب انتقام النظام في الريف بدلاً من مدينتهم التي بدأت عصابات الطغاة بتدميرها كعادتها بعد تحرير أيّ منطقة.

واليوم ترى العائلات الإدلبية قد انتشرت في كلّ مزرعة وبلدة وقرية، لم تحمل معها سوى القليل الذي استطاعت حمله تنتظر أن تعود إلى بيوتها التي باتت بعيدة ولتدخل في الملحمة السورية الطويلة.

البارحة سقط أحد الأطفال من أهالي إدلب شهيداً في بلدة سرمين جراء سقوط أحد البراميل في ساعة متأخرة من الليل، ولا مكان في الريف المنزوح إليه لصرخة ألم أو احتجاج، فالنصرة وباقي المقاتلين يحكمون سيطرتهم على كلّ لسان، ليس هنالك حقّ لأحد بأن ينتقد التحرير فالتحرير مقدّس ولو سقط الشعب كلّه صريعاً.

لكن ألا يحقّ لنا أن نتساءل؟

  • ما معنى أن نحرّر مدناً مزدحمة بأهلها وبالنازحين إليها لنعيد نزوحهم وتشرّدهم مرّة أخرى، لكن هذه المرّة بلا سماء آمنة؟ لقد حرّرنا إدلب من النظام، هذا صحيح ولكنّنا حرّرناها أيضاً من أهلها وجعلناهم هباء في ريفهم تتقاذفهم الحاجات وتتلقّفهم البراميل.
  • أليس من الخطأ أن نحرّر مدناً لا نستطيع حماية أهلها من العدوّ المطرود؟ أوليس الأجدى أن نتوجّه إلى ثكنات النظام ومعاقله المنتشرة في الريف الإدلبيّ والتي تنتظر التحريّر؟ أفليس من المجدي أن نحرّر مطار “أبو الظهور” والقرميد ومطار حماه قبل أن نحرّر إدلب المدينة؟
  • هل تشريد أكثر من نصف مليون إنسان يخدم الثورة أم يضع ضغوطاً على الريف المتعب أصلاً؟
  • ألا يريح النظام أن يخلي مسؤوليّته عن مدينة كان يضطّر إلى أن يقدّم خدماته فيها؟
  • هل أهل إدلب سعداء بهذا التحرير؟ أم أنّ منطق القوّة هو منطق الثوّار؟ ولا رأي للمغلوب والأمر بيد الجولانيّ ليقرّر ما إذا كان سيستأثر بحكم إدلب أم سيجعلها شورى وبانتظار أمره إن كانت ستكون تحت إدارة مدنيّة أم لجنة أمنيّة؟

وهذا لا يعني أنّنا ضدّ تحرير أيّ شبر من سورية من سيطرة عصابات البغي، بل هدفنا هو تحرير سوريا كاملة ولكن الجميع يعرف أنّ الطغاة سوف يدمّرون أيّ محرّر ويشردون قاطنيه.

معركة إدلب تأتي في سياق المعارك التي ليس لها معنى سوى الإمعان في قتل الشعب السوريّ وموته وزيادة معاناته كما أنّها تأتي في سياق تنفيذ أجندة خارجيّة لا تمتّ إلى مصالح السوريّ بصلة.. وعليه سيبقى الإنسان رخيصاً في دمه وفي ثورته حتّى يتقن مصلحته ويقدّر حياته.

ألا يحقّ لنا أن نسأل هل التحرير تشرّد وتدمير؟ بغضّ النظر عن المسبب والسبب.