الزواج في ظل الهجرة واللجوء.. نعمةٌ أم نقمة ؟

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------

زيتون – ابراهيم الاسماعيل

ما أن يتخلص من معاناته في الداخل حتى تبدأ معاناة الشاب السوري لحظة عبوره الحدود بطريقة غير شرعية والمخاطر التي ترافق دخوله الى تركيا ومن ثم معاناة أخرى قد تستمر شهوراً وسنين يقضيها من مكانٍ لآخر محاولاً إيجاد مكانٍ يأويه أو يجد عملاً يعينه على تحمل تكاليف الحياة الغالية.
يستمر البعض منهم في حياته كلاجئ في تركيا في حين يختار البعض طريق الهجرة غير الشرعية الى أوروبا ليبحث عن فرصةٍ جديدة وحياة أفضل بعد انقطاع السبل في وجهه.
العيش باستقرار وبناء حياةً زوجية كريمة هو الحديث الأكثر انتشاراً بين الشباب المغترب، إلا أن الضواغط والعقبات تقف حائلاً بينه وبين هذا الأمر، ففي وقت سابق كان الشاب يتزوج بعد أن يتمكن من تأمين بيت وعملٍ ومدخرات تعينه على تحمل تكاليف الزواج والأسرة الجديدة..
أغلب الشباب السوري ينتظر فرصةً تأتيه ليستغلها ويكمل بناء أسرته الصغيرة ولكن ليس من السهل القيام بذلك؟ يطرح العديد من الشبان مشاكلهم اليومية، والكثيرٌ منهم يجد نفسه وحيداً في غربته وبعيداً عن أهله ودياره.
وفي سكن شبابي في مدينة مرسين التركية التقيت «حمزة» 27 عاماً شاب من بلدة الرستن في محافظة حمص، عاش لمدة تزيد عن السنتين في تركيا تنقل خلالها بين عدة مدن وأعمال كان سبب امتناعه عن الزواج بعده عن عائلته وعدم قدرته على تحمل تكاليف الزواج وتجهيز بيتٍ للسكن وفي حديث عن حياته ومستقبله قال:
« من أكبر المشكلات التي تعيق الشاب في الغربة هو انعدام الدخل والعمل، فعدم وجوده يمنعك من استئجار منزلٍ أو دفع تكاليف الزواج ومازلت منتظراً حضور أمي وأبي الى تركيا وقد أفكر بعدها بأمر الزواج بشكل جدي»
في أوروبا، مصير الشاب السوري واستقراره غير واضح تماماً، فمن لم يحصل على الإقامة مازال متشرداً من مكان لآخر بدون عملٍ أو مالٍ يكفيه لمصاريف معيشته ويعتبر أن الزواج من آخر همومه.
« حسين « 25 عاماً هاجر الى السويد طالباً اللجوء بعد قضاء قرابة العام في تركيا يعمل بأحد المعامل في مدينة إسطنبول يقول في حديثه:
« الى الآن وأنا انتظر الإقامة في السويد بدون عملٍ أو بيت أستطيع العيش فيه وحيداً، بعد الحصول على الإقامة سأسعى جاهداً للعودة لرؤية أمي وأبي وأخوتي في سوريا، وبالنسبة لموضوع الزواج فهو صعب فيي حالتي الآن وسأبقى حتي يستقر وضعي أكثر».
بعض الشبان القاطنين في تركيا قاموا بالخطوة الكبرى وتزوجوا بأصعب الظروف ولكن من قام بهذه الخطوة اعتمد على وجود عائلته بقربه والبيت الخاص بسكنه مؤمن بوجود العائلة.
« فراس» 30 عاماً خاض تجربةً مريرة في رحلة زواجه، يقول في حديثه الخاص:
« دخلت الى سوريا خلال أيام العيد قاصداً بلدتي في الريف الجنوبي لمحافظة ادلب، بعت أرض والدي بمبلغ بسيط وسافرت الى أحد القرى الحدودية وأقمت حفلةً بسيطة لمراسم الخطبة وبعدها وبطريق التهريب على الحدود التركية دخلت معها وأقمنا العرس في تركيا».
يعمل فراس في أحد المدارس السورية في تركيا ويعيله الراتب على الاستمرار في رحلة الحياة المريرة التي يقضونها في كل يوم.
يجمع أغلب الشبان في دول اللجوء على أن الزواج في الداخل السوري أسهل من دول اللجوء وإن كان خطراً، ولكن وبأسوأ الأحوال يقطن الشاب بين عائلته وفي منزل أهله.
معاناة أخرى تسبب القلق للشاب السوري ممن قرر الهجرة واصطحاب زوجته معه الى أوروبا، فطريق التهريب الصعبة وخطورته زادت من حيرة الأزواج، ويكثر الحديث عن قصص الموت والزواج في الغربة وعلى الطرقات في رحلة البحث عن مستقرٍ لهم في زمنٍ بات تأمين الطعام حلماً لعائلة سوريةٍ مهاجرة.
ناهيك عمن تركوا زوجاتهم ينتظرن في تركيا لمَ الشمل لهن مع ازواجهن في أوروبا لفترات قد تطول أكثر من عام، يقاسين فيه من الفاقة الوحدة والانتظار.
ويرى اختصاصيين أجتماعيين أن ظاهرة الاقبال على الزواج في الداخل السوري هو أمر طبيعي تفرضه غريزة البشر في الحفاظ على الجنس في ظل الحروب والمخاطر الكبرى ورغبة الأهل في تسهيل الزواج للشبان، وقد اعتاد الناس على ان يزوجوا بناتهم الى شبان سوريين مقيمين في دول الجوار ، وصار من غير المحرج كما كان سابقا أن تسافر العروس الى عريسها وأن يتم الزفاف بعيداً عن الأهل نظراً للظروف التي تمر بها البلاد.
في الوقت ذاته تنتشر ظاهرة العزوف عن الزواج حين تنتفي تلك المخاطر وتزيد التكاليف والمسؤوليات وينعدم الدافع الاجتماعي المتمثل بوجود العائلة لدى الشاب أو الفتاة والذي يشكل المحرض الاساسي لبناء الاسرة لدى شريحة الشباب.